سيرةُ الدّمعِ العَصِيّ/ صالح أحمد

ذاتَ كشفٍ بينَ ما نهوى وما تُخفي الظُّنون
كانَت المُزنُ تَرُشُّ الوَجَعَ السّاكِنَ في ذاكِرَة المَوّالِ
ما يَهوى الجنون
ومَضَت تُهدي فراشاتِ اللّيالي سِرَّ عُنقودِ الفَراغ
يَغزِلُ الحُلمَ على مرمى شِفاهٍ تَكتَسي مِلحَ الرّجاء
عانَقَت نيسانَ نجواها بشَهقاتِ عُبور
تشتَكي عُمرَ التّراخي
والأماني لا تَثور
أيُّها القلبُ الكَتوم
كَم سَنَبقى نستَقي غَيمَ الصُّدَف
وطُقوسُ الكَبتِ تَهوي في نتوءات الغَرابَة
فَصَلاةُ المُستَكين
رشَّها غيمُ التَّباكي رشحَةَ الحُزنِ الوَخيم
فانتَشى صَمتُ السِّنين
سَلَبَ الأحلامَ مِن سَكرَةِ جَفنٍ
لِغَريبِ الشَّدوِ ناداهُ العَطَش
ينشُدُ العِتقَ وتُرديهِ الصَّبابة
خلفَ أنفاسِ الدّجى
تُصبِحُ الرّجفَةُ طَقسًا لانشِطارِ الأمنِيَة
والصّدى المخنوقُ لا يُخفي عِتابَه
قالَها القادِمُ مِن قَحفِ الحِكاياتِ العَقيم
ليسَ للأزمانِ قلبٌ
والأماكِنْ
سوفَ أُغويها لتَنساني على هامِ السّديم
أسكُنُ الصّرخَةَ علَّ الصّوتَ يُحييني
وقَد مَلَّت جِراحاتي نَوايا صَمتِيَ العاري
وأسفاري.. وأسراري..
ومَهوى شوقِنا الوَحشِيِّ في دوّامَةِ التَّرحالِ
تُطفي وَمضَةَ الرّوحِ
وَيهوي طائِرُ التّهوامِ مِن أفقِ السّراب
يا مسافاتي العقيمَة
دهشَتي مَوتي.. وأنفاسي يَتيمَة
غَضبَتي والنّارُ في قلبي عَلَيْ
والمسافاتُ تَهادَت مِن جُنونِ الدّمعِ في عَينَيَّ
مِن صَهلَةِ إحساسي وَمِن صوتي المُسَجّى
آهِ لما صارَ لونُ المَوتِ يُرجى
وعيونُ الحُلمِ كالتّيهِ المُدَجّى

صارَ طَقسُ العِشقِ والصّبرِ عقيما
وصدى الآهاتِ في القلبِ يَتيما

خانَني صوتي وأعياني سُؤالي
لَهفَتي عُمري وإنساني خَيالي

رافِضي مَوجِيَ مُذ خُنتُ شِراعي
واتَّخَذتُ العُذرَ لَوني وقِناعي

لم أعُد لي
مُذ سَباني غادِرُ الظِّلِّ المُمَوَّه
والغَريبْ
لم أعد لي
مَن سَيُعطيني نَداه؟
الغَريب؟
وعلى صَدري خُطاه؟
آهِ يا دَمعي العَصِيْ
كيفَ أسلَمنا مَدانا للغُزاةْ؟
وأوينا للظُّنونِ الكالِحاتْ

نَقرأُ الأحلامَ مِن قَلبِ الضَّباب
مِن عيونِ الموتِ في فَصلِ الخَراب

يَحضُنُ الأغرابُ أسرارَ الخُطى
بينَما أمسيتُ صوتي شَطَطا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق