وموسى الذي أعنيه هو المرشح الوحيد لمنافسة السيسي. والاسم الكامل هو موسى مصطفى موسى. وإذا كان موسى عبراني واحد فعل العجائب وأخرج بني اسرائيل من مصر رغم عدم وجود أي دليل على ذلك. فهذا الموسى المكرر مؤهل أن يفعل أكثر. فأول عجيبة اجترحها حصوله، في آخرلحظة، على تواقيع 26 نائباً مصرياً يؤيدون ترشيحه لمنافسة السيسي. رغم أن هذا الموسى كان قد ترشَّح هو نفسه للانتخابات النيابية ولم يحالفه الحظ، كما لم يحالف الحظ احداً من أركان حزبه. والعجيبة الثانية حصوله على 48 ألف توقيع من 15 محافظة دون أن يعرف هو نفسه من جمعها له وكيف. والعجيبة الثالثة أنه ارسل مستشارحزبه القانوني سمير عبد العظيم، على عجل أيضاً وقبل دقائق فقط من اغلاق باب الترشيح، ليقدم اوراقه. وبسبب العجلة نسيَ المستشار اوراق الكشف الطبي وتقرير الذمّة الماليّة في مكتب الحزب. فاتصل هاتفياً بالمكتب وطلب ارسال الاوراق على عجل وهكذا أقفل باب الترشيح على مرشح منافس للسيسي حرصاً على الديمقراطية التي تتطلب أكثر من مرشح واحد. لذلك أخترعوا له منافس اللحظة الاخيرة موسى مصطفى موسى (م. م. م.) حفاظاً على الشكل بعد أن أصبح الجوهر في خبر كان.
وعندما تقرأ في ملف الثلاث ميمات تجد العجب. فلقد انتزع حزب الغد من معارض مبارك أيمن نور، بعد أن اعترفت به لجنة شؤون الاحزاب المسيطَر عليها من قبل جماعة مبارك، وحوَّله الى حزب موالٍ لمبارك. وسيطر على صحيفة الحزب. وانتهى حزب الغد بدون صحيفة وبدون أي مقعد في مجلس النواب. وهو متَّهم بقيادة بعض البلطجية وحرق مقر الحزب ليمنع انعقاد الهيئة العامة . هذه الحادثة موَّثقة على اليو تيوب وفي الصحف المصرية.
في أيار 2014 أسَّس "مجلس القبائل العربية" وترأسه منذ ذلك الوقت. هدف المجلس المعلن دعم السيسي. فمنذ منتصف العام الماضي عقد المجلس عدَّة مؤتمرات صحفيّة، وأطلق حملات اعلامية مطالباً السيسي بالترشح لولاية ثانية. ويظهر في كل هذه الحملات أمام صورة عملاقة للسيسي كُتِبَ عليها "مؤيدون". مما دعا الكثيرين الى وصفه بالمعارض المؤيِّد والمنافس الداعم. فهل وصل الفقر الى هذا المستوى؟ أبداً فمصر ام الدنيا لا تخلو من الرجال الرجال. ولكن اذا لم تمت ألم ترَ من مات؟
قبل م م م تجرَّأَ البعض وأعلن عن نيَّته بالترشح. فأحمد شفيق، قائد عسكري سابق ورئيس وزراء سابق ومرشح منافس فعلي لمحمد مرسي، أعلن من الامارات أنه مرشح للرئاسة وعاد الى مصر. صادروه على المطار فور وصوله واختفى ثم ظهر بعد أيام ليعلن عن انسحابه من السباق. لأنه "لن يكون الشخص الأمثل لتمثيل مصر". كان مقتنعاً أنه الامثل عندما أعلن ترشحه من الامارات ثم تبيَّن له العكس بعد توقيفه.
سامي عنان، نائب رئيس المجلس العسكري الذي حكم مصر خلال الفترة الانتقالية، المجلس الذي طبخ وصول أصغر أعضائه، السيسي، الى حكم مصر، أعلن في بيان ترشحه أن هناك اجراءات سيستكملها قبل تقديم اوراقه رسمياً. سارعت النيابة الى توقيفه بحجة انه عسكري احتياطي ولا يحق له الترشح قبل تسوية وضعه. لم يتركوه ليسوي وضعه. أوقف عنان حملته الانتخابية وانسحب من السباق. مع العلم أن عنان أعلن عن نيّته الترشح سنة 2014. أصدر عدّة بينات. ترأس حزباً سياسياً. عيَّن أعضاء حملته الانتخابية. جرت مفاوضات. انسحب. ولم يعتقله أحد لأنه من احتياطي الجيش.
خالد علي. محام بارز. مرشح سابق لرئاسة الجمهورية. أقام دعوى قانونية على السيسي ونظامه لتفريطهما بجزيرتي تيران و صنافير ومنحهما للسعودية. حكمت المحكمة بمصرية الجزيرتين. قامت مظاهرات أسفرت عن سجن ناشطين كثيرين تظاهروا دعماً للحفاظ على وحدة التراب المصري. صادق مجلس نواب السيسي على "اعاددة" الجزيرتين للسعودية ضارباً بقرار المحكمة عرض الحائط. بعد صدور حكم المحكمة حمل بعض المؤيدين خالد علي على الاكتاف ابتهاجاً بالنصر القانوني. اصطاده أحد الغيارى على الاخلاق وقدَّم دعوى بحقه لارتكابه الفعل القبيح علناً. والفعل القبيح، حسب زعمهم، أشارة باصبعه الأوسط وجَّهها الى النظام. أوقفوه وحاكموه وانسحب من السباق.
برزت أسماء اخرى كثيرة لها وزنها ولها مصداقيتها. ولكنها لما لمست لمس اليد المستوى الذي وصلت إليه الحياة الديمقراطية في مصر في ظل السيسي، وبعد تعرَّضهم لمضايقات كثيرة فضّلوا الانسحاب. هذا لا يعني أنني أؤيِّد عنان أو شفيق أو خالد علي أو حمدين أو غيرهم. ولكن هذا الفقر بالمرشحين يدل على ان الديموقراطية في خطر. هذا التطبيل للسيسي من قبل الاعلام والنظام والاحزاب والنوّاب، رغم سجله الهزيل ورغم انقلابه على مطالب الثورة، وسجن معظم شبابها، وتهديداته للمعارضين والتنكيل بهم يدلّ على أن الدكتاتورية بألف خير.
عودة الى م م م: إنتخبوه لأنه مؤيِّد للسيسي. انتخبوه فيصل صوتكم للسيسي. لا تنتخبوه فسيربح السيسي. قاطعوا الانتخابات فسيربح السيسي. مهما فعلتم فيا أسفي على ثورتين مصريتين جبّارتين لم يبق منهما ريشة واحدة من رياش الديموقراطية لم تُنتف من قبل أجهزة السيسي الأمنية.
مصر، أم الدنيا، تستحق أفضل من منافس مؤيد للرئيس. وتستحق رئيساً مؤيداً لحريتها ولعدم اعادتها الى أحضان الدكتاتورية.
سدني في 13/03/2018
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق