توظيف الموروث الجاهلي في شعر عزالدين المناصرة/ الدكتور أحمد زهير رحاحلة

موقف شعراء التجديد من التراث:
كان إسهام شعراء المرحلة الأولى في لفت الأنظار إلى التراث العربي بمنزلة النور الذي أضاء لمن بعدهم الطريق في تجديد التعاطي مع التراث، ولم يكن الشاعر المجدد في معزل عن الخلاف الدائر حول مفهوم التراث والموقف منه، بل إنه تأثر بالمواقف التي كانت يطالعها من هنا أو هناك، ولعل كثيراً منهم كانت نظرته تتغير من فترة لأخرى تبعاً للمستجدات والمؤثرات والتسارع الحضاري الذي يحياه العالم. ومن أبرز الشعراء العرب الذين وظفوا التراث أو كان لهم منه موقف معين: (صلاح عبدالصبور، عزالدين المناصرة، أحمد عبدالمعطي حجازي، أدونيس، يوسف الخال) وغيرهم.
- يبدو جلياً في أعمال (المناصرة) الشعرية والنقدية وعيه التام بأبعاد قضية التراث وتوظيف الموروث العربي في الشعر المعاصر، يقول: "لا يمكن فهم الحاضر دون قراءة الموروث...، فنحن نضيف الجديد إلى ما قدمه الأسلاف، لكننا لا ننطلق من الفراغ، إن نظرية ولادة الجديد من القديم هي النظرية الصحيحة، لكننا نتوهم أحياناً أننا نؤسس جديداً مقطوعاً من شجرة"([1]).
ويشير المناصرة إلى حمى التوظيف التي استشرت بين الشعراء وخاصة توظيف الأساطير قائلاً: "لقد تابعت – موضة – استخدام الأسطورة في شعرنا الحديث في أوائل الستينات ولم اقتنع بضرورة ذلك الاستخدام، فهو استخدام قاموسي محض وليس من قبيل استخدام التراث، فاللجوء إلى التراث جاء عفوياً و أوشك الآن أن يصبح موضة وهذا هو المؤلم"([2]).
ورغم موقف المناصرة الإيجابي والواعي من قضية التراث إلا أنه يقلل من إسهام رواد حركة الإحياء في هذا النطاق، ويهب إلى أن "الشعر العربي وصل إلى ذروة الانحطاط في العصر العثماني، وبعد ذلك جاء البارودي فأعاد – لطش – إيقاعات المتنبي، كذلك شوقي وحافظ أعادا صورة أبي تمام بشكل جديد، كذلك الحركة الرومانسية على يدي جماعة أبولو لم تكن ثورية بالمعنى الحقيقي، بل نقلت صورة الرومانسيين الإنجليز والفرنسيين نقلاً مباشراً مع القليل من التحريف"([3]).
ويتضح مدى رسوخ مفهوم التوظيف التراثي عند المناصرة في قوله: "فالشاعر يجب أن ينحي ذاته ليتحدث باسم الآخرين، وإذا فهو يذوب بين ذرات الرمال ويختبئ في الحجارة وأسماء الآخرين الذين يحبهم، الذين هم امتداد تام لذاته المعاصرة، هؤلاء الأجداد ليسوا امتداداً فيه مصادفة، إنه امتداد اختياري نحن الذين نختاره..."([4]).
دوافع التوظيف:
لابد من بيان دوافع توظيف التراث في الشعر العربي المعاصر، والتي تعددت وتداخلت إلى حد كبير، وقد تطرقت بعض الدراسات لبيان بعض هذه الدوافع بشكل متشعب، وبعضها تناولها بشكل موجز وبأقسام مختلفة([5])، فوجب الاقتصار على المهم منها وبالقدر الذي يتصل بالموروث الجاهلي أكثر من سواه، عبر محاولة تقسيمها بشكل منظم إلى ثلاثة أقسام تجنبا للتشعب المفضي للتشتيت من جهة، ولأن كثيرا من الدوافع متصل بعضها ببعض ولا تعدو عملية الفصل بينها أن تكون نسبة تتقارب وتتباعد بين الدوافع والآخر، ومن أظهر هذه الدوافع:
الدوافع الخارجية
وهي تلك الدوافع الناجم تأثيرها عن عوامل وافدة من خارج الحضارة العربية ولا ترتبط بالتراث العربي بروابط أصلية مباشرة، وإنما شكل تأثيرها دافعا لدى الشاعر العربي المعاصر، فاتجه كثير منهم إلى توظيف التراث في أعمالهم الشعرية، ولعل أهم هذه العوامل يكمن في النقاط التالية:
1-  تأثير النمط الشعري الأوروبي الحديث الذي أكثر فيه الشعراء الغربيون من استخدام تقنية توظيف الموروث إلى حد يبدو فيه "أن العودة إلى الأسماء التراثية عموما، وتوظيفها توظيفا رمزيا للدلالة على أفكار مواقف معينة أصبحت طابعا للشعر الحديث لدى الأوروبيين"([6])، وهنا لا نغفل الإشارة إلى أهمية حركة الترجمة في الاطلاع على الأدب الغربي وبالتالي انتقال هذه السمة إلى الشعر العربي المعاصر.
2-  الرغبة والرهبة، وأعني بذلك حرية التعبير في ظل سيطرة الرهبة على هذه الحرية، ولعل أوسع ألوان هذا الدافع هو حالة القمع والإخفاقات السياسية التي مرت بها الأمة العربية في بعض أقطارها حين تقلدت زمام السلطة فئات ظالمة، اتسمت بالفساد والاضطهاد، فاضطر الشاعر لإيجاد أسلوب غير مباشر للتعبير عما يعتمل في داخله من مشاعر، فوجد في التراث تجارب وأبعاد مشابهة للحالة التي يمر بها فقام باستحضار هذه الوقائع التراثية ورموزها وأسقط عليها أبعاد تجربته المعاصرة.
الدوافع الذاتية:
ولا أظن  أن هذه الدوافع منفصلة تمام الانفصال عن الدوافع الخارجية أو الداخلية، إلا أن التأثير الأكبر فيها نابع من ذات المبدع وهو المتحكم في إيجادها، ومن أهمها:
1-  الهروب من التصريح والوضوح في التعبير عن العاطفة والمشاعر، وقد جاءت الرغبة متزامنة مع رغبة أخرى متمثلة في التجديد بفعل تأثير العوامل الخارجية والداخلية، فارتد الشاعر العربي المعاصر إلى التراث ليعبر بواسطته تبعا للأسلوب الفني الجديد، ويظهر أثر الذاتية في هذا الدافع عبر بحث الشاعر في التراث عن الرموز والقيم التي يستطيع أن يعبر بها عن ذاتيته التي تشكل حالة خاصة جدا، فظهر القناع أداة مثلى لذلك، فأقبل كثير من الشعراء عليه فنجح بعضهم في توظيفه وأخفق آخرون.
2-  الشعور بالسخط وحالة اللا رضا عن الوضع الذي يعيشه الشاعر، ذلك أن الكثير من الشعراء قد سئم تكاليف الحياة العصرية وتيارها المادي الذي اجتاح مختلف أبعاد الحياة، فتولدت رغبة داخلية وحنين جارف للحياة الماضية، واستحضار التراث ورموزه للتعبير عن الحالة النفسية الخاصة التي يعيشها الشاعر، غير أن الشاعر في كل ذلك كان ينطلق من أبعاد التجربة المعاصرة والعوامل المؤثرة فيها.
3-  البحث عن النموذج، ولعل العوامل الداخلية قد أسهمت إلى حدٍ كبير في إيجاد هذا الدافع فعندما نظر الشاعر العربي المعاصر إلى الواقع الذي تحياه الأمة تشكلت لديه حالة من عدم الرضا أو الإقناع، وبعد أن شعر بذلك ارتد إلى ذاته يفكر في النموذج البديل الذي يتناسب وحجم تطلعات الشاعر، وهنا ظهرت ذاتية الشاعر في الاختيار، ذلك أن النموذج التراثي الذي يصلح من منظور الشاعر قد يوجد بديل له عند الآخرون وهكذا يضطر الشاعر إلى التعامل بذاتية مع النماذج التي يحلم بها، ففي كثير من الأحيان تتكون لدى الشاعر مفاهيم ورغبات خاصة يصعب عليه كتمانها أو التعبير عنها فيجد في التراث مخرجا له في تحقيق مبتغاه.
ويوضح (الشاعر عز الدين المناصرة) ذلك أبلغ توضيح قائلاً "إن على الشاعر أن يبدع نموذجاً تراثياً خاصاً يتجاوز معه الحقائق التاريخية، ويتدخل خيال الشاعر وقدرته على الخلق في إيجاد عناصر وأحداث من صنعه حيث لا يتحول توظيف التراث إلى وثيقة تاريخية يعيد فيها الشاعر تسجيل التاريخ شعريا"([7]). ويتمثل ما سبق بيانه في نص (عزالدين المناصرة)، وقد جاء فيه:
جليلة بنت الكروم.. وأخت الرجاْل
خطفت، وهي في هودج
حوله حرس من غضبْ
     كان خاطفها تابعا
من تبابعة الاحتلالْ
أقام لها عرسها الدموي، وألقمها فستقا من ذهبْ
ولكنها،
هيَّأتْ موت جلادها،
حين حاول لمس قطوف العنب
(كان سيف- كليب بن مرة في الخابية
يجندل هامة جلادها الطاغية
بضربته القاضية).([8])
في النص السابق يتدخل خيال الشاعر فيخلق أحداثا لا تمت للوقائع التاريخية بصلة، كحكاية خطبة أحد تبابعة اليمن (الجليلة بنت مرة) كرها بعد أن سمع عن جمالها وكانت في ذلك الوقت مخطوبة لابن عمها كليب، فاحتال هذا الأخير مع أخيه الزير وابن عمه جساس وطائفة من فرسان بكر وتغلب ورافقوا الجليلة عندما زفت للملك واختبئوا في خوابي القصر وقتل كليب الملك وعاد بجليلة وأصبح بعدها ملكا على الحيين، والباحث في كتب التاريخ لن يجد لهذه الحكاية أصلا، ويعلق (المناصرة) على التوظيف السابق بأنه غير معني بحرفية الوقائع التاريخية في النص الشعري.
4-   وما سبق يقودنا للحديث عن شيء آخر مرتبط به يتمثل في رغبة الشاعر في تحقيق حالة من الانسجام بين ذاته وذات المجتمع، فالشاعر جزء من المجتمع ولا بد أن يتبادل معه التأثير وفي نقطة معينة ينعكس هذا التأثير على الشاعر فيسعى لخلق حالة من التوازن بين الأنا والآخر (المجتمع) فيبحث عن منطقة مشتركة ينتهي عندها الآخر ويبدأ الأنا، فيلجأ فيها الشاعر إلى توظيف التراث ورموزه ليتجنب سيطرة ذاته أو سيطرة المجتمع.
- الدافع الثقافي الخاص، وهو على النقيض من الدافع السابق، إذ أن المستوى الثقافي يتدخل هنا بشكل إيحائي ليفتح للشاعر آفاقا أرحب في توظيف الموروث، وفي هذا يقول (الشاعر عز الدين المناصرة): "أن لفظة أو جملة تراثية من مخزون الشاعر الثقافي قد توحي له بإبداع نص شعري وتفتح له أفقا كان غائبا عنه، فتشكل هذه اللفظة التراثية مثيرا يجد الشاعر نفسه مندفعا إلى التفاعل معه على شكل نص شعري، وقد تكون هذه اللفظة أو الجملة جزءا من بيت شعر أو مثل أو خطبة أو غيرها"([9]).
الإشارة الاسمية:
وفيها نجد الشاعر ينظر إلى الرمز الذي يوظفه مستفيدا من الدلالة المتعارف عليها لذلك الرمز، ويحاول أن يستفيد إشارياً من الدلالة التي يحملها، ولكنه رمز لا يكفي للنهوض بالنص، وليس شرطا أن يعيد توظيف ذلك الرمز بذات الدلالة فهو إما أن يعيد التجربة المعاصرة بخط مواز لدلالتها، وإمّا أن يعيد التجربة ودلالتها باتجاه معاكس، ويتحكم في ذلك قدرة الشاعر الإبداعية وحاجته التعبيرية، ومن أشهر أشكاله: أسماء الأعلام، والأماكن، والأيام الجاهلية، والوقائع.
يقول (عز الدين المناصرة) في نص له بعنوان "حصار قرطاج":
لماذا إذا هدأت نجمة الحرب
تعطى الجوائز للهاربين؟!!
يا امرأ القيس، احذر قميصك، قد سمموه،
وحاذر خيوط مؤامرة العنكبوتْ
إنها في قميصك، فانفد بجلدك،
ردّ الهدايا لأصحابها، لا تكن خائفا
لا تكن كومة من سكوتْ
لئلا تموت، لئلا تموت، لئلا تموتْ. ([10])
لقد استطاع (المناصرة) في النص السابق أن يوظف رمز الشاعر الجاهلي امرئ القيس توظيفاً حياً متفاعلاً يتجاوز الملمح التاريخي، ليصل به إلى مستوى من التعبير قادر على أداء التجربة المعاصرة التي في نفس المناصرة و وجدانه.
ولكن يحدث " أحيانا أن يوظف الشاعر بعض الشخصيات التراثية التي لا تنهض ملامحها بحمل أبعاد رؤيته المعاصرة، ويتعسف في إسقاط أبعاد رؤيته الخاصة على ملامح الشخصية التي لا تستطيع التراسل مع ما يحاول الشاعر إسقاطه عليها من أبعاد، ونتيجة لذلك تبدو الملامح المعاصرة مقحمة على الشخصية التراثية ومفروضة عليها فرضا، وليست نابعة من قدرة الشخصية على الإحياء الذاتي بهذه الملامح الفنية"([11]).
الإشارة بالحدث:
أي أن يستحضر الشاعر موقفاً تراثياً مشابهاً لموقف الشاعر المعاصر ويسقط عليه أبعاد تجربته المعاصرة، كاستعارة موقف الصعاليك من المجتمع أو موقف امرئ القيس حين بلغه خبر مقتل أبيه، أو غير ذلك وله أمثلة كثيرة سيرد تفصيلها في الفصل التالي، ومثاله موقف امرئ القيس بن حجر عندما وصله خبر مقتل أبيه، يقول (عز الدين المناصرة) على لسانه في قصيدة "المقهى الرمادي"([12]):
هاهنا أدفن رأسي
في رماد من حطبْ
في كؤوس الشاي حمراء وخضراء
وفي لون الخطبْ
ها هنا أدفن رأسي
وأقول اليوم خمر.. وغدًا.. يا غرباء
اسكتوا يا غرباء 
فوراء الثأر منا خطباء
و وراء الثأر منا حكماء
ومع أن ردة الفعل اختلفت ما بين موقف امرئ القيس قديما وحديثا إلا أن الشاعر استطاع أن يخلق من خلال التباين في المواقف قدرا من المفارقة اللاذعة تعريضا بالموقف العربي من الثأر لاحتلال فلسطين، والثأر لشهداء الأمة، فالصورة القديمة كانت بترك اللهو والسعي وراء الثأر، أما الصورة الجديدة فتتمثل في اللهو الدائم وشرب الخمر اليوم وغدا، والسعي وراء الثأر بالخطب والتنظير، وهذا تعريض موقف بالموقف العربي المعاصر.
الإشارة النصية:
وفيها يقوم الشاعر المعاصر بتوظيف النص التراثي في نصه المعاصر، وهذا باب واسع ستفرد له الدراسة حقه من التوضيح في الفصل الثالث، مع التنبيه إلى أنه بحاجة إلى سعة اطلاع وخبرة من قبل الشاعر المعاصر، وقد يؤدي إلى إشكاليات سيتم بنائها لاحقا، ومثاله استحضار الشاعر عز الدين المناصرة موقف الشاعر الجاهلي امرئ القيس كما في نص بعنوان "قفا... نبك" في تناص أولي واضح ومكشوف مع مطلع المعلقة الشهيرة:
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل             بسقط اللوى بين الدَّخول فحومل ([13])
يقول المناصرة:
يا ساكنا سقط الّلوى
قد ضاع رسم المنزل
بين الدخول فحومل
مقيم هنا أشرب الخمر في حانة
قرب "رأس المجيمر" كل مساء
هنا ينعب البوم في سقفها
تستريح ثعالبها من ثمول الرخاء ([14])
المستوى المحوري المرحلي:
وهنا نرى أن الرمز القناعي الذي يستدعيه الشاعر أطول عمرا من الشخصية المستدعاة في النمط السابق، ذلك أن النمط المقصود هنا يرافق الشاعر في أكثر من نص، ويعبر به الشاعر عن تجارب متعددة، وقد يفرد الشاعر ديوانا كاملا لشخصية معينة، مما يعطي هذه الشخصية شهرة، وخصوصية لصاحبها.
ونذكر على سبيل المثال لا الحصر (شخصية امرئ القيس عند الشاعر عز الدين المناصرة)، ذلك أن من يقرأ ديوانه "يا عنب الخليل" يجد أن تلك الشخصية ترددت في أكثر من نص من نصوص الديوان كقصيدة "قفا نبك" وقصيدة "المقهى الرمادي" والمقطع الطويل " تظاهرة من قصيدة "أضاعوني"، وفي دواوين أخرى كقصيدة "امرئ القيس يصل فجأة إلى قنا الجليل"، و"حصار قرطاج"، حتى إن المناصرة صدر بعض طبعات الديوان باقتباسات من أقوال امرئ القيس شعرا ونثر، ونجد أن "شخصية الملك الضليل تبسط ظلالها وإيحاءاتها على كل قصائد الديوان- يا عنب الخليل- حيث تصلح هذه الشخصية عنوانا لتجربة الشاعر في هذا الديوان"([15]).
المسار الطردي:
وهو الاتجاه الموازي لحقيقة الدلالة الرمزية، بمعنى "التعبير عن تجربة معاصرة تتوافق دلالتها طرديا مع الدلالة التراثية"([16]). كتوظيف عنترة رمزا للبطولة، و السمو أل رمزا للوفاء، وحاتم الطائي رمزا للكرم، وهكذا.
لقد استعار الشاعر عز الدين المناصرة (شخصية الملك الضليل) ووظفها توظيفا ينسجم مع الرؤيا العصرية الخاصة به فغدا الملك الضليل هو المناصرة نفسه فاستعار أبعادا من تجربته الخاصة "اللامبالاة واللهو والضياع والتشرد والفجيعة والبكاء والوتر والسعي وراء الثأر واليأس والهزيمة فالمناصرة هو الفتى اللاهي. .، وهو الإنسان الضائع الشريد في المدن والبلاد، وهو الفلسطيني الموتور الذي نشأ فوجد وطنه مسلوبا وعاش وهو يحمل مأساته وثأره، وهو الإنسان المفجوع الذي رثى وطنه أحر الرثاء، وهو أخيرا اليائس المهزوم الذي خذلته المدن والقبائل و القياصرة، فانكفأ على أحزانه، وقد تشابهت في عينيه الطرق والمسالك وتشابكت"([17])، يقول المناصرة في قصيدة "قفا نبك" معبرا عن الإحساس بالغربة والتشرد وضياع الوطن على لسان امرئ القيس([18]):
ضاع ملكي
في ذرى رأس المجيمر
ضاع ملكي و أنا في بلاد الروم
أهذي، ثمّ أمشي، أتدعثر
من ترى منكم يغيث الملك الضلّيل
يا صخر يغوث
أرسل الموت لكوخ الندماء
ضيعوني. . ومضوا في دربهم
يشربون الخمر في هذا المساء
قرب غنجات الإماْء
ولا يختلف موقف (المناصرة) عن موقف الملك الضليل المعاصر بعد نبأ مقتل أبيه الذي ضيعه صغيرا وحمله دمه كبيرا، فقرر أن يتخلى عن حياة اللهو لينطلق بعدها سعيا وراء ثأر أبيه، فيقول:
سأشرب حتى ولو كانت الكأس مرْة
فمن أجل غزلان وَجْرَةْ
غدا أدخل الحرب أول مرة
رحلت وحملتني عبء هذا النبأ
رحلت وحملتني عبء هذا الفراقْ
رحلت وحملتني عبء أرض تريد العناقْ
رحلت وحملتني يا أبي ما يطاقْ،
وما لا يطاقْ . . ([19])
ثم يستعير من الملك الضليل موقفه من الطواف بالقبائل وطلب العون منها في مساعدته على الأخذ بثأر أبيه من بني أسد وما لاقى من الخذلان ليعبر عن الموقف العربي من الأخذ بثأر وطن الشاعر فلسطين فيقول:
عرّجت صوب مدائن النوم الكسيحة أستغيث
الكل أقسم أن ينامْ
قدم على قدم ومثلك لا ينامْ
                   يا هذه المدن السفيهة، إنني الولد السفيه
لو كنت أعرف أن نارك دون زيت
لو كنت أعرف أن مجدك من زجاجٍ
ما أتيتْ
أنت التي خليتني قمرا طريدا دون بيت
يا هذه المدن السفيهةُ عندك الخبر اليقينْ
إن الذين أتيتهم صبغوا الوجوه
وتلفعوا بالصمت في هذا البلد
وأنا أريد بني أسد
قتلوا أبي واستأسدوا،
ما عاد ينهرهم سوى الخيل الضوامر
والسيوف بلا عدد([20]).
ثم يتذكر الشاعر الغربة التي يعيشها الفلسطيني الذي أصبح بعيدا عن وطنه، فاستحضر الغربة التي لاقاها الملك الضليل في رحلة البحث عن الثأر والتنقل بين القبائل والملوك طلبا للعون فيضمن بيتين من شعر امرئ القيس في تجربته الخاصة:
ضاع ملكي
أكلتني الغربة السوداء يا قبر عسيب
جارتي، إنا غريبان بوادي الغرباء
نبعث الشعر ونحمي أنقرة
أيها الوادي الخصيب([21])
ولا يترك (المناصرة) شيئاً من تفاصيل امرئ القيس إلا و يوظفه، حتى يصل إلى حادثة مقتله بالحلة المسمومة التي أهداها إليه ملك الروم كما تذكر بعض كتب الأخبار، ولكن امرأ القيس في نص المناصرة لم يمت بعد بل إن هناك من يحذره من الموت، وهو يريد أن يطلق تحذيرا من النهاية القادمة للملوك المهزومين والعرب المتقاعسين من قبل بلاد الروم ويقصد بهم المستعمرين والصهاينة المحتلين فيقول:
يا أيها المهزوم
يا سيد الشعر
قلنا.. تخون الرومْ
في ثوبك المسموم
و أنت لا تدري
و ربما تدري ([22])
وهكذا نجد أن امرأ القيس حاضر في النص السابق بسيرته، وشعره، ونثره وكل ما يحمل من تفاصيل، استثمرها الشاعر و وظفها توظيفا مطابقا لما كانت عليه لكنه لم يقف عند المادة التاريخية، بل تجاوزها وأعطاها ملامح المعاصرة التي تؤرق أبعادها الشاعر المعاصر فكانت الحياة تعج في النص من البداية حتى النهاية.
1. امرؤ القيس:
لم تحظ شخصية بالجاهلية بالعناية والاهتمام كتلك التي طالت الشاعر الجاهلي امرأ القيس ابن حُجر- الملك الضليل- ، ولم تقتصر هذه العناية على أشعاره، بل طالت سيرة حياته بمراحلها المختلفة والمتعددة، و وجد الشاعر المعاصر في شخصيته رمزا قادرا على التعبير وحمل أجزاء مشابهة لتجربته المعاصرة، فتعددت الدلالات والرموز، وثار النقاش والجدل حول الحكم على هذه الشخصية، فتجاذب الشعراء الرمز ما بين شخصية العابث اللاهي، والماجن الضليل، وبين المكلوم الموتور والناذر نفسه للثأر، ولعل ثراء هذا الرمز وتعدد جوانبه الدلالية لم يكن كافيا ليجعل منه "ما يمكن أن نسميه (نموذجا رمزيا تراثيا) كشخصية الحلاج من التراث الصوفي، وشخصية صلاح الدين الأيوبي من التراث التاريخي، وشخصية المتنبي من التراث الأدبي، وشخصية السندباد من التراث الأسطوري الفولكلوري، حيث شاعت هذه الشخصيات في نتاج شعرائنا المعاصرين حيث يندر أن نجد شاعرا معاصرا لم يستخدم واحدة منها في قصيدة أو أكثر من قصائده"([23]).
وفي ديوان الشعر العربي المعاصر عدد كبير من النصوص والدواوين التي استعارت (شخصية امرئ القيس) – شعرا وحياة – أشهرها على الأغلب التوظيف المتعدد لها في نصوص الشاعر عز الدين المناصرة، التي حظيت باهتمام عدد كبير من النقاد والدارسين تناولوا هذه النصوص بنظرة متأملة تكشف عن جوانب الجمال والوعي الفني لدى الشاعر بالإمكانيات المتاحة من خلال هذه الشخصية، نذكر منها دراسة الدكتور (علي عشري زايد) لديوان "يا عنب الخليل" في كتابه "قراءة شعرنا المعاصر"، والدكتور (خالد الكركي) في كتابه "الرموز التراثية العربية في الشعر العربي الحديث" و(عبد الله رضوان) في كتاب (امرؤ القيس الكنعاني)، وغيرها الكثير.
2. السموأل:
كثيراً ما كان يرتبط استدعاء السموأل – وهو يهودي – باستدعاء صاحبه امرئ القيس في توظيف لذلك الجزء الذي يجمع بينهما في الخبر التاريخي، إلا أن هناك من الشعراء من اكتفى باستدعاء السموأل وحده، وتحول لرمز مطلق للوفاء([24]) والأمانة، وتحول كذلك إلى رمز للتضحية في سبيل الالتزام بالمبدأ. ومن الشعراء الذين وظفوا رمز السموأل (عزالدين المناصرة)، الذي كان توظيفه لهذا الرمز (توظيفاً معاكساً) للرواية التاريخية فنراه يأخذ اسما يهوديا معاصرا ويتحول إلى (تاجر أسلحة) وهو الذي ضحى تاريخيا بابنه للحفاظ على أسلحة امرئ القيس، يقول المناصرة:
يا امرأ القيس
إن شئت قرطاج، لابد من شوكها
و لابد أن تتعفر قبل الوصول
يشد ذراعك رمل
يناديك نيل
يا امرأ القيس إن السموأل تاجر أسلحةٍ
واسمه صموئيل
البلاغة سيف عتيق كسول
دمها خد من كحول
و دمي من جراح الخليل.([25])
لقد كان الشاعر موفقا في توظيف الحدث التاريخي، واستطاع أن يحول السموأل إلى رمز لليهود المعاصرين الذين ما هم إلا قتلة وتجار أسلحة لا ذمة لهم ولا وفاء، ومحذرا امرأ القيس المعاصر الذين يرمز للرئيس الراحل (ياسر عرفات) من الوثوق بهم وبوعودهم وكلماتهم المعسولة. وهنا نتذكر أن الشاعر كتب قصيدة (حصار قرطاج) عام (1983). ونتذكر قصيدته الموجهة إلى (ياسر عرفات) عام (1976)، وهي بعنوان (أرى):
إنّي أرى سُماً شهياً قدموهُ
لقتلنا هو في طعامكْ
وأرى (الخليل) حبيبتي
نَهْباً لتجار الممالكْ.
3. عبد يغوث الحارثي:
ذلك الفارس والشاعر الجاهلي الذي قطع آسروه شريانه فنزف حتى الموت، الذي يحول ذكره عند كثير من الشعراء إلى رمز للأسرة والموت والفداء، ورمز للنهاية المأساوية، فارتبط بتقديم التضحيات.
وهذا الرمز نجده بالدلالة السابقة حاضرا عند (عز الدين المناصرة) في المقطع الثاني من قصيدة "طريق الشام" الذي عنوانه: " عبد يغوث الحارثي"، معبرا بأسلوبه الخاص عن النهاية والموت الذي صبغ حياة الشاعر فيقول:
أقول وقد قطعوا شرياني ومروا
على جبهتي. .، واستراحوا على رئتي الميتة..
أقول وقد تركتني المدائن تحت الخطر
وصرت سفيرا لجوعي وفقري ونومي
على طاولات المقاهي وخوفي من المنتظر
حديثي عن الأمة الساكتة
غنائي عن الجوع والثورة الغامضة
كأني أرى مجزرة. . .([26])

4. زرقاء اليمامة:
تعد هذه الأسطورة من أغني الأساطير الجاهلية بالرموز والدلالات التي جذبت الشاعر المعاصر لتوظيفها، وكانت بشكل عام رمزا لاستشراف الغد، ودلالة على مقدرة التنبؤ وبعد النظر المقارن بالتحذير من الأخطار، وخبر زرقاء اليمامة في تحذير قومها من الرجال الذين تخفوا في مسيرهم بالأشجار بعد أن استطاعت أن ترصد مسيرهم على بعد مسير ثلاثة أيام مبثوث في كثير من كتب الأخبار والتراجم.
تنبه كثير من الشعراء إلى الإمكانيات التعبيرية التي يحملها هذا الرمز الأسطوري، وكان أولهم عز الدين المناصرة في قصيدته "زرقاء اليمامة"([27]). المنشورة في مجلة الآداب البيروتية في عدد ديسمبر 1966، أي قبل هزيمة 1967.وفيها يجعل (المناصرة) زرقاء اليمامة رمزا للقوة التي تتنبأ بالأخطار ولا تجد من يصغي لها، فكانت النهاية سفك الدماء وهلاك الجميع وهو يخص تحديدا الخطر الصهيوني الذي كان متوقعا دون أن يجد من يحرك أمامه ساكنا فحلت الهزيمة في عام 1967، يقول المناصرة:
لكن يا جفرا الكنعانية
قلت لنا إن الأشجار تسير على الطرقات
كجيش محتشد تحت الأمطار
أقرأ أشجاري،’ سطرا سطرا، رغم التمويهْ
لكن يا زرقاء العين ويا نجمة عتمتنا الحمراء
كنّا نلهث في صحراء التيه
كيتامى منكسرين على مائدة الأعمام
ولهذا ما صدقك سواي. .!([28])
كانت (هذه النبوءة) واستشعار الخطر الذي قابله الآخرون بالتكذيب واللامبالاة مقدمة للهزيمة وحلول نهاية مفجعة للزرقاء حين قلعت عينها ثم قتلت مع من قتل، يقول المناصرة:
كان الجيش السفاح مع الفجر
ينحر سكان القرية في عيد النحر
يلقي تفاح الأرحام بقاع البئر
في اليوم التالي يا زرقاء
قلعوا عين الزرقاء الفلاحة..
في اليوم التالي يا زرقاء
خلعوا التين الأخضر من قلب الساحة
في اليوم التالي يا زرقاء. .!([29])
ثم (جاء الشاعر المصري أمل دنقل بعد المناصرة) ليعيد قراءة الأسطورة (بعد عام 1967) ويسقط عليها بقدرة فنية عالية الأبعاد التجربة المعاصرة في استحضار مركّب للزرقاء وعنترة و العبسي، فكانت النتيجة نص شعري حظي باهتمام كثير من الدارسين والنقاد نظرا لملامسته الدقيقة موضع الجرح العربي في ذالك الزمان.
التوظيف النصي الكلي:
ويقول (الشاعر عز الدين المناصرة) في قصيدة له جعل عنوانا لها الشطر الأول من بيت شعر- لعمرو بن معد يكرب "ذهب الذين أحبهم" – متحدثاً فيها عن معاناته من فراق أهله، و وطنه، و كأن الفراق أبدي كفراق الموت على الرغم أن كلا المتفارقين أحياء ولكن بينهما من الأسلاك والبنادق ما يحول دون اللقاء"([30]):
في الليل يرتد البكاء المرّ منهمرا إلى صدري
وطني يضيع ولا أقول:
آه. . من الليل الطويل
لو كنت أملك أن يردا
"ذهب الذين أحبهم
وبقيت مثل السيف فردا"([31])
ولا يخفى على المتأمل أن بيت الشعر الأخير ليس من صنع الشاعر، بل أخذه من قصيدة عمرو بن معد يكرب الزبيدي([32])، وأنه قد انتفع بالإمكانيات التعبيرية التي يحملها البيت، الأمر الذي دفعه لإيراده تاما دون نقصان، وبشكل متناسق مع لحمة النص الجديد، فزاد النص بالبيت قوة تعبيرية وجمالا، ومع ذلك فإن الشاعر في طبعات ديوانه أحال القارئ إلى هامش في نهاية الصفحة يبين له أن البيت لعمرو بن معد يكرب.
ومن الشعراء الذين أكثروا من توظيف النصوص الجاهلية في أشعارهم توظيفا نصيا و تناصيا واعيا (الشاعر عز الدين المناصرة) الذي أكثر من استدعاء شخصية امرئ القيس وكذلك شعره، يقول المناصرة:
ضاع ملكي..
أكلتني الغربة السوداء يا قبر عسيب
جارتي، إنا غريبان بوادي الغرباء
نبعث الشعر ونحمي أنقره
أيها الوادي الخصيب
ربما مرت على القبر هنا يوما حمامة
يا حمامات السهوب
أبلغي عني التحية
قبل موتي للحبيب([33])
لقد استعار المناصرة وهو يتحدث عن إحساس المنفى والوحدة الذي يسيطر عليه بيتي الشاعر الجاهلي امرئ القيس اللذين يقول فيهما:
                    أجارتنا إن الخطوب تنوب           وإني مقيم ما أقام عسيب
                    أجارتنا إنا غريبان ها هنا                      وكل غريب للغريب نسيب([34])
ويقول المناصرة في نص "المقهى الرمادي":
في كؤوس الشاي حمراء..
وفي لون الخطب
ها هنا أدفن يأسي
وأقول اليوم خمر.. وغدا يا غرباء
"اسكتوا يا غرباء
ارقصوا يا غرباء
فوراء الثأر منا خطباء"([35])
ومع أنَّ الشاعر يتحدث بلسان امرئ القيس إلا أنه يتناقص مع نص آخر للشاعر الجاهلي الصعلوك الثائر تأبط شرا بشكل يحقق مفارقة موحية، إذ يقول (تأبط شراً) متوعدا بالثأر ممن نذروا أنفسهم لقتله:
فوراء الثأر مني ابن أخت           مــــــــــــــــصع عقدتــــــــــــــه ما تحـــــــــــــــل
فالثأر الذي يريده تأبط شرا لنفسه ويتوعد الأعداء وراء أسلوب، و وراء ثأر امرئ القيس المعاصر أسلوب جديد مختلف هو أسلوب الخطابة والتنظير في تعريض لواقع الحال العربي في التعامل مع ثارات الأمة المكلومة.
ويقول في نص آخر له بعنوان "جفرا في سهل مجدو":
وأنا في غابة أشواك الصبر الأخضر
أتقلّى من غضب كالماء الفائر في المرجل
تأتي قد لا تأتي
مطلوب مني أن أتجمّلْ
تأتي قد لا تأتي\مطلوب مني أن لا أسألْ([36])
فنجد الشاعر قد تناص بشكل خفي مع مضمون جزئي لبيت أمرئ القيس الذي يقول فيه: (وقوفا بها صحبي على مطيهم يقولون لا تهلك أسى وتجمّلِ)([37])
عنونة الدواوين:
هناك الكثير من الشعراء المعاصرين الذين وظفوا الموروث الجاهلي في عناوين لدواوينهم الشعرية، كعلي الجندي في ديوانه "طرفة في مدار السرطان"، وأمل دنقل في دوانه المواسم "أقول جديدة عن حرب البسوس" وكذلك ديوان "البكاء بين يدي زرقاء اليمامة"، وديوان مجنون عبس "للشاعر محمد القيسي ...الخ.
ولا تختلف صور عناوين الدواوين الشعرية التي وضعها أصحابها بتوظيف الموروث الجاهلي عن صور عناوين النصوص الشعرية كما سبق بيانه.
وفي الجدول التالي مثل على توظيف المورث الجاهلي في العناوين من مختلف صور عناوين النصوص الشعرية لمعاصرة التي سبق بيانها التي اجتمعت عند الشاعر عز الدين المناصرة:



عنوان النص الديوان صورة العنوان ملاحظات
قفا نبك يا عنب الخليل العناوين الشعرية الجاهلية من مطلع معلقة امرئ القيس
زرقاء اليمامة يا عنب الخليل العناوين الرمزية الجاهلية من الرموز الجاهلية المشهورة
ذهب الذين أحبهم يا عنب الخليل العناوين الشعرية الجاهلية من قصيدة لعمرو بن معد كرب
امرؤ القيس يصل فجأة إلى قانا الخليل بالأخضر كفناه العناوين الرمزية
الجاهلية من الرموز الجاهلية
المشهورة
الرحيل إلى حيث ألقت يا عنب الخليل العناوين النثرية الجاهلية من الأمثال الجاهلية
توظيف الأمثال الجاهلية في الشعر المعاصر
          وكذلك (الشاعر عز الدين المناصرة) في قصيدته "المقهى الرمادي" والتي نشرها (عام 1966) والتي سبق توظيفها في مقام مختلف:
في كؤوس الشاي حمراء
و في لون الخطب
ها هنا أدفن يأسي..
وأقول اليوم خمر.. وغدا.. غرباء
اسكتوا يا غرباء
فوراء الثأر منا خطباء..(([38]
الأسلوب الخطابي القناعي:
وهو (تقنية القناع)، أو كما سبق الأسلوب الذي يتحدث به الشاعر في النص الشعري بصيغة المتكلم، حيث يوظف الرمز الجاهلي الذي يرى فيه القدرة على حمل كامل تجربة الشاعر بصيغة المتكلم، حيث يوظف الرمز الجاهلي الذي يرى فيه القدرة على حمل كامل تجربة الشاعر المعاصر، فيتقمص الشاعر الشخصية ويسقط عليها خصوصية التجربة المعاصرة مراعيا أن لا تطغى الشخصية الجاهلية على النص وأن لا يسمح لشخصيته بالظهور المباشر وأن حدث شيء من ذلك فإن القناع يكون تمزق.
لقد وجد (الشاعر عز الدين المناصرة) في شخصية الشاعر والفارس الجاهلي (عبد يغوث  الحارثي) قناعاً قادرا على أن يعبر من خلاله عن تجربة الأسر والقتل والألم التي يعيشها الشاعر المعاصر، فتقمص شخصية عبد يغوث واتحد فيها بشكل اندمجت فيه الشخصيتان وتحولتا إلى شخصية واحدة تعبر عن تجربة الشخصية المعاصرة وتحتفظ في الوقت ذاته بخصوصية تجربة الشخصية الجاهلية، فاستعار الشاعر من شخصية عبد يغوث واقع الحرب التي خاضها وأدّت إلى وقوعه في أسر بين تميم ثم إصرارهم على قتله بالنعمان بن جساس وربطهم للسانه بنسع كي لا يهجوهم فطلب منهم أن يفكوا لسانه ليهجو قومه وطلب إليهم أن كانوا لابد قاتليه أن يسقوه الخمر صرفا ثم يقطعوا شريانه فينزف حتى الموت([39]).
إن هذه الميتة المفجعة والنهاية المؤلمة، أثارت مشاعر الأسى في داخل الشاعر المعاصر الذي وجد في عذاباته التي يلاقيها من الحرب التي مرت على وطنه، وذل الاحتلال، وصور الأسرى، والقتلى، والفقراء والمشردين، دافعا له لاستحضار شخصية عبد يغوث و التحدث عبر مأساتها عن مأساته المعاصرة، فقال:
أقول وقد قطعوا شرياني ومروا
على جبهتي..، واستراحوا على رئتي الميتة..
أقول وقد تركتني المدائن تحت الخطر
وصرت سفيرا لجوعي وفقري ونومي
على طاولات المقاهي وخوفي من المنتظر
حديثي عن الأمة الساكتة
غنائي عن الجوع والثورة المفخرة
كأني أرى مجزرة..([40])
إن الممعن في الأسلوب الخطابي للنص السابق يجد ضمير المتكلم هو المحرك الفعال في النص عبر دوال قناعية تبرز هذا الضمير، وكأننا نسمع عبد يغوث الحارثي وقد عاد من جديد للحديث عن مأساته، وما عبد يغوث في النص ألا المناصرة ذاته.
أسلوب الخطاب القناعي
[أقول]  [شرياني]   [جبهتي]        [رئتي]   [صرت]           [حديثي]             [غنائي]   [أرى]
أنا       أنا          أنا                 أنا       أنا            أنا         أنا        أنا
(ضمير المتكلم)
إن الشاعر في النص السابق كان موفقاً إلى حد كبير في هذا الأسلوب، إلا أننا أشرنا من قبل إلى أن الشاعر قد يخفق فيه إذا مزق القناع الذي يتقمصه، ونسي إنه يتحدث باسم شخصية أخرى سواء أكان واعيا أم لا، وعند هذا الحد ينقطع التوظيف عن النص، ويتحول إلى أسلوب شعري مباشر وجديد.
الأسلوب الخطابي الحواري:
وفي الأسلوب الخطابي يلجأ الشاعر إلى استخدام ضمائر المخاطب، فهو يرى في الشخصية الجاهلية التي يستدعيها القدرة على حمل جزء مهم من أبعاد تجربته الخاصة، لكنها غير قادرة على استيعاب كافة أبعاد هذه التجربة، أو أن هناك شخصيات أخرى أو دلالات مختلفة يريد التعبير من خلالها فلا يستطيع استخدام أسلوب القناع، ويكثر هذا الأسلوب الخطابي في مستوى التوظيف التركيبي، وهو ما نتج عنه "اقتراب القصيدة الحديثة من النزعة الدرامية التي أتاحت لها قدرة واضحة على الاستنباط النفسي والحوار الداخلي، وهيأت لها الخروج من جو الغنائية والخطابية"([41]).
ومثال هذا الأسلوب الخطابي الحوار الذي يجريه (الشاعر عز الدين المناصرة) مع شخصية (زرقاء اليمامة)، وفيه نرى الشاعر يعبر عن تجربته المعاصرة من خلال إسقاط أبعادها على شخصية زرقاء اليمامة عبر الحوار الذي يجريه معها، ومن خلال تحكمه بهذا الحوار يحقق مساحات كافية للتعبير عن ذاته في ظل دلالة الرمز المستدعى.
يقول المناصرة في النص الذي سبق توظيفه في مقام مختلف:
في اليوم التالي يا زرقاء
قلعوا عين الزرقاء الفلاحة..
في اليوم التالي يا زرقاء
خلعوا التين الأخضر من قلب الساحة
في اليوم التالي يا زرقاء...([42])
لقد استطاع المناصرة عبر الحوار الذي استخدم فيه ضمير المخاطب- هم وأدوات النداء ومن خلال تكرار جملة الخطاب (يا زرقاء) أن يعبر عن التجربة المعاصرة التي نرى فيها الحديث عن قوى الاحتلال الصهيوني التي استباحت أرض فلسطين، فأذلوا النساء، وأرهبوا الضعفاء، واقتلعوا الأشجار، وما زالوا ينكلون بنا...، وهكذا نجد الشاعر قد استطاع بأسلوب الحوار أن يجد مساحة أكبر من حرية التعبير وتحقيق الخصوصية محافظا في الوقت ذاته على دلالة الرمز الذي يوظفه.
ويستخدم الشاعر المناصرة الأسلوب الخطابي نفسه في نص آخر أراد أن يحذر فيه الأمة من خطر اللجوء إلى الروم – الأوروبيين – في طلب المساعدة لمحاربة الصهاينة وأخذ الثأر منهم، فيستدعي شخصية الشاعر الجاهلي امرئ القيس ويخاطبه محذراً إياه من اللجوء إلى بلاد الروم وطلب العون لتحصيل ثأره، لأن ملكها قد أعد له حلة مسمومة ليقتله، يقول المناصرة مخاطباً امرؤ القيس:
يا أيها المهزوم
يا سيّدَ الشعرٍ
قلنا تخون الروم...
في ثوبك المهزوم
وأنت لا تدري
وربما تدري!!!
نرى أن كثيراً من الشعراء قد وظف حادثة لجوء الشاعر الجاهلي امرئ القيس للروم طلباً للنصرة، للتعبير عن رفضهم لطلب العرب العون من الغرب الأوروبي والأمريكي في صراعهم مع الصهاينة.
الأسلوب الخطابي القصصي:
وهو من الأساليب التي استخدمها الشاعر المعاصر لدواعي مشابهة الأسلوب الخطابي الحواري السابق، وفيها يكثف استخدام ضمائر الغائب والصيغ الفعلية الدالة على الزمن الماضي، فيتحدث عن الشخصية الجاهلية التي يرى فيها القدرة على حمل أبعاد تجربته المعاصرة، ويفضي عليها بعدا عصريا دون طغيان أو تكلف. ونلمح في هذا النمط الأسلوب القصصي أو أسلوب "كان يا مكان" عند كثير من الشعراء ولا يخفى على المتأمل مدى تأثير هذا الأسلوب وقدرته على جذب القارئ للتواصل مع النص الشعري المعاصر. إلا أنه يتوجب على الشاعر أن لا يسرف في هذا القص التاريخي الذي قد يودي بشاعرية النص ويحوله إلى وثيقة تراثية بشكل منظوم.
ومن أمثلة هذا النمط الخطابي ما جاء في نص لعز الدين المناصرة بعنوان "امرؤ القيس يصل فجأة إلى قانا الجليل" يقول فيه:
كان عرس بقانا الجليل، وفاطمة الآن تكتب لي
أن حُجْر المسجى على الرمل لم يدفنوه
كان عرس بقانا الجليل، وفاطمة الآن
تفتح باب التطوع:
حناؤها وخلاخيلها والعطور
وتقسم الآن، أن يفرح الشجر السمهريُّ
وفاطمة الآن قصت جدائلها
أقسمت أن تكونْ
نجمة للصحارى، وبوصلة التائهين
يا رياح الجنوب استمري
متى تبدأ العاصفة..([43])
لقد استطاع الشاعر بهذا الأسلوب القصصي أن يبني جسورا اتصل الماضي بالحاضر وتبث الحياة في الحكاية التاريخية وإن خالفت بعض الأحداث ما هو متعارف عليه، فها هي فاطمة التي قال فيها امرؤ القيس في المعلقة:
غدائره مستشزرات إلى العلا                 ضل العقاص في مثنى ومرسل
                    ويضحي فتيت المسك فوق فراشها          نؤوم الضحى لم تنتطق عن تفضل([44])
نراها تتخلى عن دلها وتنعمها، فلم تعد تنام حتى الضحى، وغدائر شعرها قام بقصها، واتسع الفراق بين الحياة التي كانت تحياها فاطمة امرئ القيس وحياة فاطمة المناصرة، ويمكن أن نلمح أسلوب القص في الشكل التالي:
أسلوب الخطاب القصصي
[كان عرس]      [كان عرس]      [تُقسم]           [خلاخيلها]       [قصّت]          [أقسمت]
     هو           الماضي هو        الماضي هي         هي              هي                هي
ضمير الغائب
ومن النصوص التي سبق ذكرها نص لعز الدين المناصرة بعنوان "دار عمتي جليلة" استخدم فيه الشاعر الأسلوب القصصي في التعبير عن القضية التي تشغله، والمتأمل في النص يجد أن الشاعر قد لجأ لصيغة "كان..." وهي من الصيغ التي ترتبط كثيرا بالأسلوب الإخباري القصصي، يقول المناصرة:
جليلة بنت الكروم.
وأخت الرجال
خطفوها على هودج
كان خاطفها تابعا من تبابعة الاحتلال
حين حاول لمس قطوف العنب
كان سيف كليب بن مرة في الخابية
يجندل هامة جلادها الطاغية
بضربته القاضية..([45])
وأشير هنا إلى أنه يمكننا أن نعتبر أسلوب الخطاب الحواري جزءا من أسلوب الخطاب القصصي إذ إن الحوار عنصر رئيس من عناصر الأسلوب القصصي ومع ذلك فلا يمكن أن ننظر لكل حوار على أنه قص بالمفهوم الدال على القص.
يقول عز الدين المناصرة من نص له بعنوان "دار عمتي جليلة":
جليلة بنت الكروم، وأخت الرجال
خطفت وهي في هودج..
حوله الحرس من غضبْ
كان خاطفها تابعا
من تبابعة الاحتلال
أقام لها عرسها الدموي و ألقمها فستقا من ذهبْ
ولكنها،
هيأت موت جلادها،
حين حاول لمس قطوف العنبْ..([46])
ولو اعتبرنا أن تجربة المناصرة بأبعادها ودلالاتها المعاصرة قد طغت على الرمز التراثي الذي استدعاه الشاعر، فسنجد جليلة المعاصرة تسيطر على النص وتقصي جليلة التراثية- زوج كليب وأخت جساس- فهي بنت الكروم في إشارة مباشرة إلى المرأة الفلسطينية، وظن الشاعر أنه بحاجة لمزيد من التوضيح فقال: "وأخت الرجال" ولا يخفى على من يعيش في بيئتنا أن هذه العبارة تحمل دلالات مكشوفة وصريحة معاصرة.
ولم يكتف الشاعر بهذا القدر، فهو عاد لاستثمار دلالات الرمز التراثي فقال: "خطفوها على هودج" ولكنه حرم النص من بعض الشاعرية بقوله: "كان خاطفها تابعا من تبابعة الاحتلال" وتفاقمت التقريرية والمباشرة بإدراج كلمة "الاحتلال" التي أرى أنه لو حذفها و اكتفى بالقول: "كان خاطفها تابعه من التبابعة"، أو حتى بربط كلمة "تبابعة" بضمير من الضمائر، لأعاد للنص توازنه، لكن- كلمة الاحتلال- أجهضت جزئيا شعرية النص.
ومع ذلك فإن (المناصرة) مدافع عما سبق فيقول: "أنه يرى النص بعيدا عن التقريرية والمباشرة، ذلك أن عبارات مثل: "بنت الكروم" و "أخت الرجال" و "الاحتلال" شائعة و عامة في حدود بيئتنا المحلية- بلاد الشام-، فإن كان ابن البيئة يراها مباشرة، فلا أظن أنها سطحية أو مباشرة الدلالة للمتلقي العربي الذي في أو المغرب على سبيل المثال"([47]).
مساحة الحضور:
يقول عز الدين المناصرة من نص: "نقوش كنعانية" الذي استشهد فيه بقول تميم بن مقبل: (لو أنَّ الفتى حجرٌ...):
لو أنني قمر في الشام مرتحل..
لو أنني قمرٌ
لو أنني حجر في الشام منغرسٌ
لو أنني جبلٌ
تشتاقه الأنواء والأمواج والسفنُ
لكنني في بلاد الروم منزوعٌ
أبكي على وطنٍ قد خانه الوطنُ...([48])
لقد وظف المناصرة في النص السابق جزءا من نص لا يحمل مقدار الحضور الذي يسمح للشاعر بتوظيفه باطمئنان، ولما أحس بذلك كتب اسم صاحب النص على يساره وهو تميم بن أبي بن مقبل، لكني أرى أن الأمر لم يتم جلاؤه بالقدر الذي يكفي لتوظيف جزء من نص مغمور لشاعر مقل هو تميم بن أُبي بن مقبل([49])، وليس بالرمز المشهور أو ذي الدلالة التي تجعله يحسن التفاعل بين النص والمتلقي، وبيت تميم بن أُبي بن مقبل الذي وظفه المناصرة (وهو أول توظيف في الشعر الحر التفعيلي الحديث) هو قوله:
ما أطيب العيش لو أن الفتى حجرٌ تنبو الحوادث عنه وهو ملمومُ([50])
ولقد جاء شاعر آخر وظف البيت السابق قبل المناصرة وهو الشاعر العمودي (ناصيف اليازجي) ولا أعتقد أن (المناصرة) قد اطلع على نص اليازجي أم لا الذي يقول فيه
قد قال في طيب عيش المرء شاعرنا          ما أطيب العيش لو أن الفتى حجر
وها أنا اليوم في مهد الضنى حجر ملقى فمن أين طيب العيش أنتظر([51])
- ومنه أيضا أن يوظف الشاعر جانبا ذا حضور أقل من جوانب الرمز المستدعى، ويكثر هذا في الرموز المتعددة المحطات والمراحل، التي يطغى حضور بعضها على بعضها الآخر، يقول عز الدين المناصرة من قصيدة "دار عمتي جليلة" سبق بيانه:
ولكنها،
هيأت موت جلادها
حين حاول لمس قطوف العنب
[كان سيف كليب بن مرة في الخابية
يجندل هامة جلادها الطاغية
بضربته القاضية]..([52])
لقد استدعى الشاعر رمز جليلة- زوجة كليب- وهو رمز لا يحمل دلالة محددة في ذهن المتلقي ذلك أن ما هو حاضر في وعيه وجود صلة تربطها بكليب الذي يتداعى للذهن بذكره حرب البسوس وما دار فيها من قتال وسفك للدماء وطلب للثأر،...، ومع أن هذه الحرب بتفاصيلها وأبطالها ذات حضور كبير في وعي المتلقي إلا أن هناك مساحة من القصة لا تحظى بذات الحضور للجزء السابق الذكر، وهذا الجانب من الحكاية أقل حضورا من سواه مما قد يسبب إشكالية لبعض المتلقين.

الهوامش
[1] عزالدين المناصرة، (2000)، شاعرية التاريخ والأمكنة: حوارات مع الشاعر عزالدين المناصرة، ط1، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، ص437.
[2] المصدر نفسه، ص118.
[3] المصدر نفسه، ص 16، 28.
[4] المصدر نفسه، ص118.
[5] انظر : على حداد، أثر التراث في الشعر العراقي الحديث.
[6] فاضل، ثامر (1994). اللغة الثانية في إشكالية المنهج والنظرية والمصطلح في الخطاب النقدي العربي الحديث، ط1، بيروت، المركز الثقافي، ص131.
[7] من لقاء أجراه الباحث مع الشاعر (المناصرة) في بيته يوم الاثنين 30/10/2006، عمان – الأردن.
[8] المناصرة، عز الدين، طبعة سادسة - (2006)، الأعمال الشعرية، دار عمتي جليلة، ج2، دار مجدلاوي للنشر والتوزيع، عمان، ص344.
[9] من لقاء خاص أجراه الباحث مع الشاعر في بيته يوم الاثنين 30/10/2006، عمان – الأردن.
[10] المناصرة، عز الدين، الأعمال الكاملة، حيزية، حصار قرطاج، م2، ص308.
[11] عشري زايد، علي، (1980)، توظيف التراث في شعرنا المعاصر، فصول، 1(1)، ص202-221.
[12] المناصرة، عز الدين، الأعمال الشعرية، المقهى الرمادي، ص62.
[13] امرؤ القيس، الديوان، (د. ت). تحقيق: محمد أبو الفضل، ط4، دار المعارف، القاهرة، ص8.
[14] المناصرة، الأعمال الشعرية، يا عنب الخليل، ج1، ص10-90.
[15] علي عشري زايد، (1998)، قراءات في الشعر العربي المعاصر، القاهرة، ص91-92.
[16] زايد، استدعاء الشخصيات التراثية، ص203.
[17] زايد، قراءات في الشعر العربي المعاصر، ص92.
[18] المناصرة، عز الدين، الأعمال الكاملة، يا عنب الخليل، ص13.
[19] المناصرة، عز الدين، الأعمال الكاملة، يا عنب الخليل، ص12.
[20] المصدر نفسه، ص174-175.
[21] المناصرة، عز الدين، الأعمال الكاملة، يا عنب الخليل، ص14.
[22] المصدر نفسه، ص15.
[23] عشري زايد، علي، (1980)، توظيف التراث في شعرنا المعاصر، فصول، 1(1)، ص202-221.
[24] في الخبر أن السموأل بن عريضة بن عاديا، صاحب الحصن المعروف بالأبلق من تيماء مشهور بالوفاء، ذلك أن امرأ القيس لما سار يريد قيصر نزل على السموأل بعد إيقاعة ببني كنانة على أنهم بنو أسد، وكراهة أصحابه لذلك وتفرقهم عنه، فأودع عنده دروعا وابنته وماله وخرج، فأراد الحارث بن ظالم الحصول على ما لامرئ القيس فلم يستجب السموأل، فأخذ الحارث ابنا له كان في القنص، ولما يأس من السموأل قطع ابنه نصفين. انظر الخبر في الأغاني، ج22، ص108-111.
[25] المناصرة، الأعمال الكاملة، حصار قرطاج.
[26] المناصرة، الأعمال الشعرية، الخروج من البحر الميت، طريق الشام، ص215.
[27] نشرت هذه القصيدة (زرقاء اليمامة) لعزالدين المناصرة لأول مرة في مجلة الآداب البيروتية في العدد (ديسمبر 1966) أي قبل هزيمة حزيران 1967. وانظر: علي عشري زايد، استدعاء الشخصيات التراثية ص180.
[28] المناصرة، الأعمال الكاملة، ج1، يا عنب الخليل، ص21.
[29] المناصرة، الأعمال الكاملة، ج1، المصدر السابق، ص23.
[30] أبو صبيح، يوسف، (1990)، المضامين التراثية في الشعر الأردني المعاصر، ط1، وزارة الثقافة، عمان، ص164.
[31] المناصرة، الأعمال الكاملة، يا عنب الخليل، ذهب الذين أحبهم، ص69.
[32] عمرو بن معد يكرب الزبيدي، الديوان، تحقيق: هاشم الطعان، وزارة الثقافة والإعلام العراقية، بغداد، (1980)، ص69.
[33] المناصرة، الأعمال الكاملة، يا عنب الخليل، ص14.
[34] ديوان امرئ القيس، ص375.
[35] المناصرة، المقهى الرمادي، ص62-63.
[36] المناصرة، الأعمال الكاملة، ص29-30.
[37] امرؤ القيس، الديوان، ص8.
[38] المناصرة، المقهى الرمادي، مجلة الآداب البيروتية، 1966، ص62-63.
[39] الضبي، المفضل (178هـ) المفضليات، تحقيق أحمد شاكر وعبد السلام هارون، ط6، بيروت، ص155-156.
[40] المناصرة، الأعمال الشعرية، الخروج من البحر الميت، ص215.
[41] عيد، رجاء. لغة الشعر، ص112.
[42] المناصرة، يا عنب الخليل، ص23.
[43] المناصرة، الأعمال الشعرية، ص511.
[44] أبو زيد القرشي، جمهرة أشعار العرب، ص258-259.
[45] المناصرة، الأعمال الشعرية، ص625.
[46] المناصرة، الأعمال الكاملة،رعويات كنعانية، ص345.
[47] من لقاء خاص أجراه الباحث مع الشاعر في بيته مساء يوم الاثنين 30/10/2006، عمان- الأردن.
[48] المناصرة، الأعمال الشعرية، ج1، ص16.
[49] من بني العجلان، من عامر بن صعصعة، أدرك الإسلام وأسلم، عاش نيفا و مئة عام وكان يبكي على أهل الجاهلية، له أشعار كثيرة يهجو بها النجاشي.
الزركلي، خير الدين (1979)، الأعلام، ط4، دار العلم للملايين، بيروت، ج2، ص87، وانظر: طبقات ابن سلام الجمحي، ص34، الإصابة 1: 195.
[50] ابن ميمون، (1992) منتهى الطلب من أشعار العرب، ط1، تحقيق محمد طريفي، دار صادر، بيروت، ج1، ص311. وانظر: ديوان تميم بن مقبل، تحقيق عزة حسن، وزارة الثقافة السورية، دمشق، 1962.
[51] ديوان ناصيف اليازجي، (1983)، مارون عبود، ط1، دار مارون عبود، بيروت، ص402.
[52] المناصرة، الأعمال الشعرية، ص345.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق