أخيّلةٌ شتائية/ د. عدنان الظاهر

1ـ ألهاكمُ التكاثرُ
تتراكمُ أكواماً أكواما
قالوا ذِكرى
ما الذكرى إلاّ ما توحي أعضائي
شاخصةً بين الماءِ وماءِ الماءِ
أعوامٌ كرّتْ
والمرُّ المرُّ وقودُ شرابي
أتكلّمُ عن دُنيا أخرى
عن شَفَقٍ يحمرُّ إذا ما غابتْ أو مالتْ 
أوراقُ الدفلى عنوانُ ربيعِ تفتّحِ أوراقِ الحنّاءِ
فيها شمُّ طعامِ الصبرِ المُرِّ 
مُرٌّ مُرٌّ مُرٌّ مُرُّ
هيهاتَ أفيقُ وهيهاتَ أعودُ لماءِ سرابي
ظمآنَ قتيلِ ثغورِ بناتِ الآواءِ .
2ـ رفيفُ الجفون
العينُ مِرايا من خزفِ الألوانِ 
تتكاثرُ فيها أنوارُ شراراتِ الرؤيا
لا يرسبُ شئٌ منها إلاّ فيها
رفرفةُ الجُنحِ الكاسرِ والآسرِ أهدابُ
عيناها مطرٌ يتعدّدُ أطيافا
يتغيّرُ فصلاً فصلا
ـ أربعَ مرّاتٍ في العام ـ
يتبدّلُ ما شاءتْ مملكةُ الأنواءِ
تَرَفٌ رفرافُ
من جوهرِ حلْقاتِ التكوينِ الأولى
شفتاها أقواسٌ للنصرِ على أقوامٍ بادتْ
لم ترفعْ أعلاما
خذلتني فانتصرتْ أجنحةٌ للنسرِ على تيجانِ النسرينِ
إنهارَ الثابتُ من جسري 
3ـ تطوافٌ في بحر
أطوَّفُ حولي وأطيفُ لعلّي ألقاها
جَسَداً يتعرّى في ساحلِ أهوائي 
رملُ البحرِ منازلُ تهريبِ الفُوضى
تكفيني منها ساعاتُ التحويل 
رملاً يتحرّكُ عشوائيا
النوءُ العاتي يتقلّبُ طوعيّا
يهدأُ حيناً يصخبُ أحيانا
قُرّاءُ تخوتِ الرملِ كِثارُ
أذعنتُ لما قالوا حرفيا
ذِكرى ذِكرى ليستْ كالأخرى !
أحرقتُ القمصانَ وألغيتُ مواعيدي .
4ـ التجميلُ بالطب
أجرحُ إبهامي
أزرعُ في رأسي شعرا
أزرعُ أنيابا
سلّمتُ المفتاحَ لقاضي حاجاتي
نامَ الحارسُ فاشتعلتْ نيرانُ
كسّرتُ الأبوابَ لعلي أنجو أو أشفى
لأقدّمَ في عيدِ الأضحى قربانا .
5 ـ ممشى الورد / خسوفُ القمر
ريحٌ للوردِ تُعطّرُ ممشاها أقداما
من أولِّ قافلةٍ يحملُها مصباحُ الأنوارِ
مرّتْ مرَّ شعاعٍ في الدنيا الأخرى
لم تتركْ في صندوقِ بريدي حرفا
أو أثراً أو رسما  
وعدتْ أنْ نقضي الليلَ سويّا
أخفتْ آثارَ الأقدامِ على مرآةِ الرملِ
ذوّبتُ شموعَ الحُرقةِ منديلاً للدمعِ 
أتألمُ لا أُصغي
تلفازُ الجارةِ يعزفُ جازاً موسيقى
يقرأُ نشراتِ الأخبارِ
الرؤيا ( كنزٌ لا يَفنى ) ! 
طوّقتُ الشوقَ فحاصرني حتى ضاقتْ أنفاسي
هذا الحتمُ حتوفُ السقفِ الواطي
يتهاوى في الجو الباردِ منشوراً منشارا
آنَ أوانُ طبابةِ تشريحِ جسومِ الأنواءِ
تتساقطُ في نومي أسناني
 أتمنّى جسراً ذهبيّاً تلبيسا
قالتْ ستراني
لا تخفضْ رأسا
6 ـ شَهر[ زاد ] / شهرزاد
الرؤيا فَلَكُ الجرّةِ دوّارُ
هبّتْ كهباءةِ نارِ سَخامِ التنورِ المسجورِ
جاءَ الموعدُ لكنْ
لم تتركْ للموئلِ والآيلِ تأويلا
ما أرختْ للمرسى حبلا
عمّقَ هذا المنحى أطوارَ الحوباءِ ..
أحببتُ عطورَ مخازنِ زينتها
صورَتها تتراءى فوقَ سطورِ سرابِ المرآةِ
وزوايا حجرةِ سكناها في الدورِ الثاني
أحببتُ السِنجابَ الأسودَ يسحبُ تيهاً ذيلاً
يتأرجحُ لاعبَ سِركٍ بين الأغصانِ
يتسلّقُ جدرانَ الشُرفةِ بحثاً عنها 
عن نورٍ أخضرَ في ماءِ بحيرةِ عينيها
يتقفّى شهدَ الثغرِ وعطرَ الوردِ 
7 ـ فلسفة الشموع / خِضر الياسْ
 يطفو ..
ياساً أخضرَ فوق سطوحِ الماء الجاري
النارُ تُنيرُ طريقَ المجرى
النارُ تذيبُ الشمعَ الطافي
لكنَّ الماءَ المركوبَ هو الماءُ
يحملها أنّى شاءتْ
يأخذها النهرُ وئيدا
لتخومِ الأفُقِ المجهولِ النائي
الشاهدُ مشدودُ الأعصابِ
يخشى أنْ تغرقَ في الماءِ النارُ
يَرقبُها مُحمّرَ العينينِ
قبضتُهُ من شمعِ خلايا النحلِ
أنفاسُ الناسِ محطّاتُ قطارٍ يصعدُ للأعلى
يلهثُ إذْ يرقى
سيّدتي ( زادُ الشهرِ )
تحملُ للخضرِ الآسي نذرا .
8 ـ في البحرِ الأسود
أغرقُ وحدي
قالت ( إيفا ) كلاّ ...
نغرقُ أو نحيا كُلاّ
مِجريّةُ نهرِ الدانوبِ تُفلسفُ إنقاذي نهجاً صوفيّا
( نغرقُ أو نحيا )
أغرقُ وحدي يا إيفا
أطفأتُ شموعَ موائدِ ميلادي
كسّرتُ كؤوسَ الحفلةِ في كُحلةِ عينيكِ
البحرُ الأسودُ يلفُظُني للساحلِ نَعشا .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق