تحققت مقولة بشار الأسد لملك الأردن/ الدكتور حمدى حمودة

بعد عام من الأحداث التى استجدت على سوريا وأوضحت الرؤيا جليا أمام أعينه ، من بمحور المقاومة من حكام الوطن العربى ، ومن بالمحور الأمريكى السعودى ، قال قولته السديدة لملك الأردن عندما مال بموقفه الى المحور الآخر ، ظاننا منه كما ظن آخرين أن الدولة ستسقط خلال اسبوع أو شهر أوسنة على الأكثر ، لأنهم كانوا يعلمون سلفا بمدى التجهيزات والمعدات التى دفعوا بها الى جميع محافظات سوريا من مجموعات تكفيرية جاؤا بهم من أربعة وثمانون دولة عربية وأوربية ، علاوة على المعدات والأسلحة  التكنولوجية من الولايات المتحدة وباريس ولندن واسرائيل بكميات هائلة ومواد غذائية تكفى لعشرات السنين .
كل هذا كان معد ومخطط لسوريا مما زاد الطمأنينة فى قلب كثيرا من الحكام العرب وحكام الغرب بايمانهم بسقوط النظام خلال أسابيع ، الا ان القدر تحالف مع سوريا ( الشام ) الذى أوفى الله بعهده لها بان يحفظها على مر التاريخ من غزو الطامعين الحاقدين عليها وما وهبها الله بها من جمال طبيعتها الأخاذة ورونقها وثرواتها الطبيعية التى حباها الله بها .
ماذا قال بشار لملك الأردن الذى باع جاره بأرخص الأثمان وارتمى فى حضن آل سعود وواشنطن واسرائيل ، علاوة على الدوحة وأنقرة وخاصة عمان ، الذين قاموا بفتح حدودهم وممراتهم لكل الجماعات التكفيرية المسلحة وبكل ما يصطحبوه معهم من عدة وعداد ، كل منهم كان له دور فى التسليح والتحريض ودفع المليارات لشراء الأسلحة ورواتب من يسموا بالمعارضة المسلحة وغير المسلحة الذين يعيشون فى فنادق خمس وسبع نجوم على نفقة هذه الدول التى كانت بمثابة الراعى لهم ، قال الأسد للملك فى اكثر من خطاب أن عدم وقوفه بمحور المقاومة سيعرضه لمصاعب كبرى على رأسها نزوح الجماعات التكفيرية بالداخل آجلا أم عاجلا ، فعلى الباغى ستدور الدوائر ، ولما كانت العراق ولبنان وايران على وعى كامل مما يدور بالشرق الأوسط الجديد ، الذين يخططون لأقامته منذ عشرات السنين ، وقد أصابوا بالهزيمة فى العراق عام 2003 ، وكذلك فى لبنان 2006 ثم أرادوا أن يجربوا مرة ثالثة فى سوريا لعلها تأتى بأكلها هذه المرة الا أن الله خيب آمالهم ، ولم يعى عبدالله الملك الحزين البائس الرسائل المتكررة من بشار له ، كان مستغرقا فى نشوة سقوط الأسد وتفكيك سوريا وتقسيمها ، وظل فى وهمه هكذا الى أن استعاد رشده بعض الشيئ فى منتصف 2016 ، بعدما تاكد له ان سوريا عاصية على المؤامرة التى كان هو أحد أطرافها ، ثم استرد الوعى تماما عندما تمت صدمته الكبرى بعد توقيع ترامب ( طفل أمريكا المهزوم ) على صفقة أو صفعة القرن ، وذلك بضم القدس لأسرائيل ونقل السفارة الأمريكية اليها والتى من المفروض هى تحت اشراف السلطات الأردنية .! خابت ظنون الملك وبدأ يتفهم خطوط اللعبة ، سائلا نفسه : ماذا عن ايجاد وطن بديل للفلسطينين أفضل من الأردن؟ مالذى يستطيع فعله بعد ان خسر محمور المقاومة الذى يضم العراق ولبنان وايران علاوة على سوريا وكل هذه البلاد محيطة به ، ماذا بعد أن رفض صفقة القرن فتوترت العلاقات بينه وبين واشنطن والرياض وكان رد الفعل عليه قاسيا ، منع المساعدات المالية من الرياض ، تقليب الشارع الأردنى من خلال المخابرات الأمريكية احتجاجا على الغلاء والضرائب التى فرضها على الشعب وزيادة أسعار السلع منها الوقود لموافقة صندوق الدعم الدولى له على منحه القرض .
الآن أصبح الملك فى ورطة تجعله فى حياء شديد من طلب المساعدة من دول محور المقاومة ، ماذا يطلب من العراق أو سوريا التى حاولت مرارا أن تسدى النصيحة له ولكنه لم ينتصح (فمن يتمسك بأمريكا فهو خاسر) اليوم الشعب يطالب باسقاط النظام ، وكأن اليوم هو فبراير 2011 ، الشهر الذى ادعوا أنه شهر الربيع العربى ، دارت الدائرة وجاء اليوم الذى يقف فيه الملك حائرا مكسور الجناح محاولا ارضاء الشعب بكافة الوسائل ، لايريد أن يقع فى الخطأ الذى وقعت فيه بعض الدول فى مواجهة الجيش للشعب ، فربما يخيب الجيش ظنه ، ويرفض تنفيذ أوامره ، كما فعل الجيش المصرى مع الحاكم حينئذ ، وأظنه فهم الدرس جيدا بعد سؤال صعب ، لماذا وقف الجيش العربى السورى مع الدولة ولم يتمرد عليها ؟ وكانت الأجابة أن الجيش فهم لعبة الأمم من أول وهلة ، بعد سقوط الأنظمة فى مصر وليبيا واليمن وتونس ، وتماهى له انها (لعبة الأمم) التى من ورائها مخطط تفتيت دول الوطن العربى وتقسيمه واضعاف جيوشه واقتصاده من أجل تنفيذ خارطة الشرق الأوسط الجديد الذى تكون فيه اسرائيل حققت بذلك جزءا كبيرا من مطامعها ، باقامة دولة اسرائيل الكبرى من النيل الى الفرات وعلت علوا كبيرا كما جاء بالنص ، الا أنهم باؤا بالفشل للمرة الثالثة ، ففشلوا بالعراق ولبنان وأخيرا بسوريا، حيث كانت الضربة القاصمة لمخطط التقسيم . 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق