منذ أن أعلن الرئيس الفلسطيني جام غضبه على الولايات المتحدة الامريكية بفعل ما اتخذه الرئيس دونالد ترامب من خطوات تعمل على مصادرة حق الشعب الفلسطيني التاريخي والديني في وطنه ومقدساته ،ومنها إعلانه نقل السفارة الامريكية الى القدس باعتبارها العاصمة الابدية والموحدة لإسرائيل ،وذلك كخطوة وفقا لما جاء في قوله نحو انهاء الصراع الفلسطيني الاسرائيلي من خلال صفقة يتم الاعداد لها والتشاور حولها ،فان معظم الشعب الفلسطيني وفي كافة اماكن تواجده كان قد أعلن عن غضبه ورفضه ايضا لتلك الإجراءات ،باستثناء حركة حماس التي أعلن معظم قادتها بان القدس محتلة، وان ما قام به الرئيس الامريكي لن يغير شيئا ،ثم سرعان ما التزمت الصمت وذلك كإشارة ضمنية منها الى استعدادها للتجاوب مع ما يمكن ان تتناوله الصفقة من مضمون خلافا لما جاء في موقف منظمة التحرير الفلسطينية الرافض لتلك الصفقة وذلك في محاولة من حركة حماس لتثبيت وجودها في اطار صراع الوجود والشرعيات.
ان اصرار حركة حماس على التمسك بمواقف تبعث على الريبة والشك ،ومن بينها دفع الناس الابرياء للتظاهر على الحدود والاشتباك سلميا مع الاحتلال تحت عناوين جاءت بعيدة عما يحدق بالقضية الفلسطينية وعاصمتها القدس من مخاطر وذلك بعد ما جاء في ميثاقها من تعديل على برنامجها السياسي يجعلنا في حالة من الترقب والذهول ،بل وفي حالة من الخوف ايضا من الاتجاه نحو انهاء القضية الفلسطينية تحت عناوين في ظاهرها الحفاظ على المقاومة وفي باطنها هجرة شعب وتذويب هوية ،فالي اين يتجه الفلسطينيون في ظل ما يعيشونه من تناقضات وخاصة في غزة بفعل الانقلاب الذي جرى فيها؟،وما هو الحل للخروج من هذه التناقضات للحفاظ على وحدة الموقف الفلسطيني مما ستعرضه صفقة القرن؟، وما هي البدائل التي على الفلسطينيين اتخادها فيما لو جاءت صفقة ترامب كإملاءات لتعزيز الاحتلال وتركيع الفلسطينيين؟.
منذ نجاح الحركة الصهيونية بإعلان دولة اسرائيل على ارض فلسطين بمساعدة ومساندة من الانجليز ،فان تلك الدولة قد نجحت والى الان في شق وحدة الشعب الفلسطيني بوعي من الفلسطينيين انفسهم ،او دون وعي منهم ،الا انه وللحقيقة ،ووفقا لاستقراء التاريخ النضالي للشعب الفلسطيني ايضا ،فان قيادته كانت تنجح دوما في اثبات وجود هذا الشعب من خلال ابقاء قضيته حية ليخرج بعد كل مؤامرة او حرب كطائر الفينيق من بين الرماد ،ولكن هل الظروف التي يعيشها الشعب الفلسطيني الان هي نفسها التي كان يخرج الشعب الفلسطيني منها منتصرا كما كان يخرج طائر الفينيق من بين الرماد؟،وهل الشعب الفلسطيني الان هو نفسه الذي كان يخرج دوما من بين المؤامرات والحروب في حالة من اثبات الوجود او الانتصار؟، وهل القيادة والقوى والفصائل التي التفت حول ياسر عرفات تأييدا ومعارضة عقب كل مؤامرة هي نفسها من حيث الاخلاص لفلسطين والولاء لشعبها هي نفسها التي تلتف الان حول الرئيس محمود عباس او بمواصفاتها من حيث اجماع كل منهما على حرمة الدم الفلسطيني؟ ،ام ان الانقسام بفعل امثال هؤلاء لم يعد مجرد خلاف ما بين قوى سياسية او انقلاب حركة على سلطة شرعية ،بل اصبح هذا الانقسام يسير بخطى حثيثة نحو الانفصال التام ما بين غزة والضفة ،ولذلك فان السناريوهات المرتقبة للقضية الفلسطينية في ظل هذه المعطيات التي يعيشها الشعب الفلسطيني اصبحت اخطر مما نتصور، فما هي الحلول المقترحة للخروج من تلك الحالة اذا؟.
اعتقد بانه آن الأوان أن نبتدع الحلول للخروج مما نحن فيه من حالة الانقسام والانحطاط ، وذلك للحفاظ جميعا على اخر ما تبقى لنا من معالم شعب وهوية ،وان نتجه فورا الى تعزيز مشروعنا الوطني لإقامة الدولة الفلسطينية ،حيث ان الاتجاه نحو تحقيق الوحدة الوطنية من خلال الاتفاق على تشكيل حكومة استقلال وطني بعد تأسيس جيش الدولة الفلسطينية من كافة قوى وفصائل العمل الوطني ،ومن ثم الذهاب للأمم المتحدة لنيل العضوية الكاملة لتلك الدولة هي الحل الامثل لا ثبات الذات والوجود في ظل التيارات الجارفة على المنطقة ،وفي ظل الانظمة التي اصبحت تتساوق ايضا مع الاحتلال ،بل وتتسابق ايضا لتنفيذ ما يتطلع هذا الاحتلال الى تحقيقه .
ان شعارات المقاومة في ظل الانقسام وعدم الوحدة ،والتذرع ايضا بضرورة عدم اسقاط البندقية دون استخدام تلك البندقية وفقا لاستراتيجية وطنية او برامج يتفق الشعب كله عليها من اجل حمايتها والدفاع عنها ،هي خدمة مجانية نقدمها للاحتلال من اجل العمل على الاتجاه بنا نحو الانقراض ،تماما كما هم الهنود الحمر الان ،كما ان التفكير بدفع الشعب الفلسطيني نحو الانتفاضة الشعبية على غرار الانتفاضة الاولى هي خطوة غير مجدية الان ،لان الظروف التي نعيشها الان هي غير الظروف التي انطلقت فيها الانتفاضة الاولى فلسطينيا وعربيا ودوليا وخاصة في ظل ما تقوم به الانظمة العربية من مذابح بحق جماهيرها بذريعة حماية تلك البلاد واستقلالها ،لان اسرائيل لن تكون بطبيعة الحال ارحم في التعامل مع الفلسطينيين في حال انطلاقة انتفاضتهم من تلك الانظمة في تعاملها مع مواطنيها، خاصة وان الامم المتحدة لم تلتفت لما يمكن أن تقوم به اسرائيل من مجازر بحق الفلسطينيين حتى لا يتم اتهامها بانها تتعامل بازدواجية المعايير في ظل صمتها على ما يجري من مذابح تقوم بها الانظمة العربية ،فهل يمكن اذا ان تحقق تلك المقاومة الشعبية وفي ظل تلك المعطيات شيئا ؟.
ان حكومة الاستقلال الوطني ،واعادة ترتيب البيت الفلسطيني ،مع التسلح بعضوية المؤسسات الدولية ثم التقدم بطلب الانضمام للأسرة الدولية كدولة دائمة العضوية على اساس قرارات الشرعية الدولية هي وحدها فقط صمام الامان لوجود شعبنا والخطوة الامثل لضرب صفقة القران والانتقال يشبعنا من شعب خاضع للاحتلال والانقسام الى شعب صاحب دولة ، فهل يذهب الفلسطينيون الى هذا الاتجاه كخطوة اولى وحقيقية نحو الاستقلال والانتصار ؟،ام أن ترامب ومن معه من انظمة العرب سينجحوا في دفع الفلسطينيين الى الانزلاق بفعل الانقسام واجراءات الانفصال نحو الاندثار؟.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق