شهدت كنيستنا القبطية على مر العصور المزيد من التقدم العلمى وصولا إلى عصر العولمة.. والمقصود هنا بكنيستنا جماعة «المؤمنين» بداية من قداسة البابا حتى الأطفال حديثى الولادة، هذه التطورات أثرت بالتأكيد فى العلاقات المشتركة بين الخادم والمخدوم، كذلك رعاة الكنيسة بعضها ببعض من جانب ورعيتهم من جانب آخر، ولعب قداسة البابا كيرلس الرابع أبو الإصلاح دورًا رئيسيا بتحديث العملية التعليمية، عندما أنشأ مدرسة إكليريكية لتعليم رجال الدين فى الفجالة، كما حرص على تطويرها القديس الأرشيدياكون حبيب جرجس، الذى كان له دور محورى بالنهوض بالتعاليم الكنسية؛ حيث أنشأ مدارس الأحد وتطوير الإكليريكية بما يناسب ذلك العصر فكان معظم كهنة الكنيسة القبطية من خريجيها أو على الأقل من دارسيها فى وقت كان يوجد عدد بسيط جدًا من أساقفة الكنيسة حتى عصر قداسة البابا كيرلس السادس، ومع انتشار الكرازة المرقسية بالتزامن مع هجرة الأقباط من مصر بعد ثورة ٥٢، وصل عددهم إلى ما يقرب من ١٢٠ أسقفا مع نهاية عصر البابا شنودة الثالث، ونظرًا لقلة الكليات الإكليريكية ومعاهد الدراسات اللاهوتية سواء داخل أو خارج مصر، تمت سيامة الآلاف من الكهنة بواسطة أساقفتهم بتزكيات بعض الكهنة بناء على الثقة، وضعهم المالى والاجتماعى، فضلا عن مستواهم العلمى وبعض مواهبهم دون النظر إلى روحانياتهم وتعاليمهم اللاهوتية، ما جعل من «الكهنوت» وظيفة وليست خدمة سببت كثيرًا من العثرات فى زمن العولمة.
مع اعتلاء قداسة البابا تواضروس الثانى السدة البابوية، كان لدى رؤية واضحة تجاه مستقبل شبابنا، خاصة فى دول المهجر، وذلك بتحديث لوائح المجمع بما تناسب عصرنا الحالى، قمت بكتابة مقالين أحدهما يخص لائحة اختيار الكاهن فى فبراير عام ٢٠١٣، طبقًا للمبدأ المعروف (من حق الشعب أن يختار راعيه)، والآخر يتعلق بلائحة اختيار مجلس الشمامسة فى مايو من نفس العام، وذلك بسبب سيامة بعض الآباء الكهنة غير الموفقة قبل أن يفكر المجمع بإصدار لوائحة الجديدة فى سبتمبر ٢٠١٣، إلا أنها جاءت عكس ذلك إذ أعطت اللوائح الجديدة حق الأسقف فى اختيار الكهنة الجدد بواسطة قدامى كهنة كنائسهم، والمختارين لنوال بركة الكهنوت، كما نصت المادة الرابعة من شروط الترشيح فى بندها الأول (يتم الترشيح من قبل كهنة الكنيسة بالأغلبية بخطاب موجه للرئاسة الدينية)، هذا بالإضافة إلى منح الأسقف أحقية سيامة من يشاء دون الرجوع للشعب، كما ورد بالبند العاشر لنفس المادة (عند رسامة كاهن عام يكتفى بتذكية من الرئاسة الدينية كاستثناء)، فما كان أن قلة من الأساقفة يلجأون إلى البند الأخير بعيدًا عن الالتزام الكامل باللائحة، يسيمون عشرات الكهنة عموما وعلى شعب الكنيسة أن يختار منهم أن سمح لهم الأسقف.
لم يقف عند هذا الحد، بل ويتدخل بعض الأساقفة والكهنة بصورة مباشرة فى اختيار مجالس شمامسة كنائسهم ولجانهم الإدارية والمالية، وتعينهم بأكثر من لجنة خلافًا لما نصت عليه اللائحة، فأصبحت اللوائح حبرًا على ورق، ما أدى إلى تشكيك شعوب بعض الإيبارشيات فى نزاهة بعض قياداتهم الكنسية.
تسبب الجهل الإكليريكى لبعض رجال الكهنوت فى وقوعهم بالعديد من الأخطاء الشديدة التى وصلت حد الهرطقات واختلاق البدع التى ضربت بعض كنائسنا القبطية، بحجة التطوير، وكانت سببًا فى إثارة الرأى العام القبطى بصفة عامة، منها استخدام الكنيسة من جانب بعض رجال الدين كهنة وأساقفة لأغراض أخرى غير الطقوس الدينية، وجعلوا من منابرها ساحات سياسية، إعلامية واجتماعية، لتحقيق أهداف شخصية، ما جعل القلق يساور الأقباط الغيورين على كنائسهم ومستقبل أولادهم، كما رأينا بعض التغييرات التى طرأت على الطقوس الدينية أثناء التناول على يد بعض الكهنة بهدف اختصار زمن القداس خروجًا عن إيماننا الأرثوذكسى المسلم به من آبائنا الأولين، والتى حذر منها نيافة الحبر الجليل الأنبا رافائيل السكرتير السابق للمجمع المقدس فى إحدى محاضراته الخاصة بالارتداد العظيم الذى سيبدأ من داخل الكنيسة نفسها، وحفاظًا على إيماننا يجب على مجمعنا المقدس أن ينتبه إلى الخطر القادم فى عصر العولمة قبل فوات الأوان، بعمل إصلاحات جذرية بكل لوائحه وقوانينه بمشاركة شعب الكنيسة المخدوم الذى له الحق فى اختيار خادمه على أن يراعى بعض الأساسيات ومنها.
أولًا: الاهتمام بالتعليم الإكليريكى، وذلك لضمان وجود خدام وكهنة مؤهلين لاهوتيًا للخدمة، بإضافة بند يلزم المرشحين للكهنوت الحصول على شهادة إكليريكية ضمن المادة الخاصة بشروط لائحة اختيار الكهنة بعد سهولة دراستها عبر الإنترنت، كذلك عمل كورسات للرهبان والكهنة الحاليين غير الحاصلين على دراسات إكليريكية، إضافة إلى ترتيب ورش عمل سنوية لتنمية خبراتهم ومواهبهم الروحية، كذلك وضع شرط أساسى لطالبى الرهبنة بالأديرة المصرية دراسة اللاهوت قبل سيامتهم رهبانًا (أساقفة المستقبل) أثناء فترة الاختبار.
ثانيًا: تأهيل الرهبان المرشحين للأسقفية نفسيًا واجتماعيًا وتكنولوجيًا كى ما يكونوا قادرين على التعامل مع الشباب المرتبط بوسائل التواصل الاجتماعى والمواقع الإلكترونية، خاصة بعد أن ماتوا عن العالم على أن يسيموا خورى ابسكوبوس، يخدم كل منهم مساعدًا لأحد الأساقفة، كى يكتسب الخبرة الكاملة، ومن ثم يخدم الإيبارشية المرشح لها أسقفًا كفترة خطوبة يتعرف خلالها على شعبها، ومدى تقبل الشعب له قبل أن يتم زواجه منها فى طقس سيامته أسقفًا عليها حتى تكون خدمته ناجحة دون أن يشوبها العوار.
ثالثًا: فصل الدين عن الإدارة والمال وجعل الشئون الإدارية والمالية لمجلس شمامسة الكنيسة مع الأخذ بالاعتبار رأى رجال الكهنوت كى يتفرغوا للشئون الدينية والافتقاد مع تعيين أحد أعضاء المجلس مسئولًا عن لجنة افتقاد يتم تكوينها من شعب الكنيسة، تقوم بحصر المتغيبين عنها وأيضًا العائلات القاطنة فى الأحياء المحيطة بالكنيسة لافتقادهم مرتين على الأقل سنويًا.
رابعاً إعادة تشيكل المجالس الملية العامة والفرعية وتفعيلها بمعرفة شعب الكنيسة دون تدخل رجال الدين التى ماتت أكلينيكياً كى ما ترجع كنيستنا القبطية الى عصرها الذهبي وجعل هذه اللجان تعمل بحرية كاملة دون تحفظات خاصة فى الملفات القبطية الشائكة المرتبطة حكومياً بعدد من مؤسسات الدولة على ان يتفرغ رجال الكهنوت للعمل الرعوى الذين جاءوا من أجله لرفع روحانيات شعوبهم التى تدنت وبعد الكثيرين عن كنيستهم الام بل وغادر بعضهم الى بعض الطوائف الاخرى ليس بسبب ملفات الأحوال الشخصية بحسب ولكن بسبب العثرات الروحية التى ضربتهم فى مقتل نتيجة تصرفات بعض أساقفة وكهنة الكنيسة وتدخلهم فيما لا يعنيهم وإخصاء شعوبهم سياسياً وجعلوا من أنفسهم أوصياء عليهم امام حكوماتهم بل ووصل الامر بسن قوانينهم الخاصة يعاقبون بمقتضاها رعيتهم اما بالقطع او التحريم من تناول الأسرار المقدسة إضافة الى ترقية مجموعة شمامسة برتبة دياكون من العاملين والموظفين مخالفة للديسقولية كعيون لهم داخل كنائسهم ما جعلتهم أضحوكة مجتمعاتهم .
خامساً إنشاء أسقفية خاصة بشئون أقباط الخارج والمهجر وذلك لمساعدة بطريرك الكنيسة للاهتمام بهم والعمل على بحث مشاكلهم يقوم على رعايتها أحد المطارنة ويتم إختياره بواسطة ابائنا أساقفة المهجر والمجالس الملية ان وجدت وتكون لفترة اربع سنوات قابلة للتجديد او ترشيح أخر وذلك بسبب زوبان العديد من أبناء الجيل الثاني والثالث وسط مجتماعاتهم دون النظر الى تعاليمهم الدينية التى ورثها آبائهم خاصة بعد زواج العديد منهم من طوائف اخرى غير قبطية ما يهدد زوبان كنائسنا القبطية وسط باقى الكنائس فى دول المهجر العلمانية بعد ان أعترافت ببعض القوانين التى تتنافى مع الطبيعة البشرية .
وأخيراً على الكنيسة ان تتبنى العلمانيين وتحتضن الشباب الذين لديهم العديد من الأفكار والمواهب يمكن ان تعتمد عليها الكنيسة فى مواجهه مشاكل العصر خاصة فى دول المهجر وايضاً على أساقفة الايبارشيات السماع الى شعوبهم تجاة المواصفات المطلوبة فى المرشح للكهنوت الذى سيقوم على خدمتهم كما تتبع المصالح العامة والخاصة عند تعيين مديرين على احد المؤسسات من العاملين حيث يقوم احد مديرى التوظيف بالإدارة العليا بالاجتماع بالموظفين والعاملين لسماع شروطهم التى يجب توافرها فى مديرهم الجديد وإلا ستواجه الكنيسة هجرة أبنائها بالمهجر الى كنائس أخرى كما هاجروا منازل أباءهم فى زمن العولمة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق