نبيهة راشد جبارين، ابنة قرية زلفة المثلثية، هي كاتبة وشاعرة دخلت محراب الكلمة واقتحمت عالم الابداع منذ زمن بعيد، وأثبتت حضورها في المشهد الادبي والثقافي المحلي.
فهي تكتب الشعر والخاطرة والقصة القصيرة والمقالة وقصص الأطفال. ولها مجموعة من الاصدارات في مجالي الشعر والكتابة للصغار، وفي الجانب الشعري صدر لها " أنشودة الصباح " و " أغاني أولادنا انتماء لبلادنا "، بالاضافة الى " عيون القدس " الصادر عن مؤسسة " الأفق " للثقافة والفنون الحيفاوية، وجاء في ٩٠ صفحة من الحجم الصغير، ويحتوي على ٢١ قصيدة، منها خمس قصائد للقدس، وأهدته الى " كواكب الأرض الزاهرات، الى مدن بلادي الساحرات، مواطن الجمال والآيات ".
قصائد الديوان تتغنى بالوطن وامجاده وبالقدس الراسخة في قلب كل فلسطيني، وتقف على الاطلال، وتذرف الدموع مدرارة على المواقع والمدن الفلسطينية والتغني بجمالها، ويظهر فيها بشكل واضح ارتباط الشاعرة بالمكان الفلسطيني، حيث أنها تخاطب وتناجي وتناغي وتشدو للقدس وحيفا ويافا وطبريا وغزة والناصرة، وتقف امام هذه المدن بخشوع المتنسك الزاهد.
فلعروس الكرمل حيفا تكتب وتقول:
منك تغار النوارس
وتحط عند قدميك
وتغار الموجات منك
فتطرح أكاليلها البيضاء
وتغسل قدميك
ويبقى الكرمل الولهان
يداعب الليل في عينيك
ويمسح الحزن من مقلتيك
في حين تناجي القدس، زهرة المدائن، بقولها:
السماء فوق القدس فتحت ابوابا
والملائكة فيها هللت
فرحًا وترحابا
للمصطفى خير البرية كلها
لما اتاها زاهدًا أوابا
فأنارها الامي اسرائه
ومعراجه ازمانًا واحقابا
أما عن عروس الجليل، الناصرة، فتقول:
اميطي اللثام عروس الجليل
اميطي اللثام عن محياك الوضيء الجميل
فيحلو الوسام
واسمعي أنغام تمجيد وتهليل
تعم الأنام
حين اشرقت ارضك بالنور
وسماؤك لبشارة الميلاد هللت
وتزخرفت
ومياه طهرك من عين عذراءك جرت وتدفقت
والقلوب بدفق المحبة ارتوت وتعانقت
ولا تنس جنة الشاطىء غزة، المحاصرة والمعذبة التي تقارم وتتصدى للعدوان والاحتلال.. فتقول:
يا غزة هاشم
يا عرين الرجال الرجال
يا غزة العزة لا تقولي الليل طال
يا غزة صبرًا
كصبر الليمون والبرتقال
ما يميز قصائد " عيون القدس " الوضوح والبساطة الجميلة، والمهارة اللغوية، والرومانسية الحالمة، والاحساس المرهف، والمشاعر الوطنية الصادقة، واللغة السلسة المنسابة، والأسلوب الواضح، فضلًا عن توظيف الموروث الديني والتاريخي، كالاسراء والمعراج، الملائكة، البراق، القيامة، الفاروق، صلاح الدين، رائحة الطيوب، وغير ذلك الكثير.
نبيهة راشد جبارين تكتب قصيدتها بصدق، ولغة رشيقة وجذابة قريبة من لغة ومشاعر الناس كي تصل اليهم بسيطة، عميقة المعنى، باذخة في الجمال الشعري، وتتراكب فيها الاستعارات وتتناسل الرؤى الجميلة. وهي تشدنا بتعابيرها وأوصافها البديعة، وصورها الناطقة بحسن البيان، وبوحها الشفيف، والقصيدة لديها عصارة المشاعر الدفينة.
ويمكن القول، أن " عيون القدس " هو تراتيل عشق وأناشيد وطنية وانسانية ووجدانية، تركز على المكان الفلسطيني وتصف وتصور المدينة اليوتيوبية، باسلوب شعري نثري فيه سرد قصصي، يختص بالقدس كمكان ومكانة تاريخية ودينية وارث كنعاني. وقد حافظت عبر نصوص الديوان على رونق مميز عابق بعطر خاص بها، وبروح شعرية دافئة، ولجأت الى قصيدة النثر للتعبير عن مكنون روحها.
فللكاتبة والشاعرة والمربية المتقاعدة نبيهة راشد جبارين (أم رامي ) خالص التحيات، وتمنياتنا لها بدوام العطاء والابداع في مجال الكتابة الشعرية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق