لم أكن مخطئا حين تأبطت حقيبة سفري وقصدت لبنان ، لان لبنان كانت معي منذ أن عرفت العراق لا بل منذ ان قدم جدي السومري كلكامش بلاد الأرز بحثا عن الخلود ... من يومها عرفت لبنان ، وعرفتها أكثر في مشواري الأدبي حين قرأت لجبران ورواد مجلة الشعر وتمتعت بصوت فيروز ووديع الصافي وتراتيل ماجدة الرومي وهي ترافق مداريش مار أفرام وبالاي و.. في ليتورجيتي ، وعلمت كم من أديب أو فنان أو... تحلق في عالم الأبداع منطلقا من منصة لبنان ... وعلمت كم ساهمت مجلة الاداب اللبنانية في ولادة قصيدة الشعر الحر من قبل مبدعيها السياب ونازك الملائكة والقائمة تطول حين رمى محرر الجريدة العراقية ( كما قيل ) قصيدة لبدر شاكر السياب في سلة المهملات كونها غير موزونة كما يعتقد فأنتشلها رئيس تحرير مجلة الاداب البيروتية ونشرها في مجلته ومن يومها تألق السياب وقصيدة الشعر الحر .. فليس من باب الصدفة ان تمتزج اليوم نبضاتنا طالما قد سبقتها تزاوج ألستنا فشعبنا الذي حرث ارض العراق وسوريا وفلسطين ولبنان زرعها بحروفه الأبجدية فنبتت لغة جميلة سميت في حينها الارامية ومن ثم السريانية لغة أمتدت من الألف الأول قبل الميلاد ولا تزال آثارها شاخصة ليومنا ، لغة من فيض محبتها وعطائها أصبحت جسرا يربط الشرق بالغرب ... واليوم ايضا تجمعنا لغة واحدة تجري في عروقنا وهي العربية ... ولا نستغرب ان يجتمع الادب والموسيقى والرسم في مزهرية واحدة طالما يجمعنا شعور واحد ... ولم يكن من باب الصدفة ان نلتقي نحن وانتم وهناك ناشطات من أمثال منى مشون وليلى الداهوك وكوكب الهامس و.. والقائمة تطول .. يتألقن كل يوم بربيع جديد ... اليست لبنان بلاد الارز ويوسف السمعاني وجبرائيل القرداحي وبطرس البستاني وفليب دي طرازي وجبران خليل جبران وجماعة مجلة الشعر وشربل بعيني وفيروز ووديع الصافي والقائمة تطول ....
وكيف لا نفتخر أن ننتمي الى لبنان ونحن نقرأ في كل يوم هناك على الاقل أمسية .... وكيف لا أحب لبنان وأنا أرتوي اليوم من تكريم ملتقى المرأة الثقافي وقبله جائزة شربل بعيني ... فشكرا للزميلة المتألقة منى مشون وليلى الداهوك وكوكب الهامس و.. لأننا توشحنا بفيض محبتهم وشكرا للقائمين على ملتقى المراة الثقافي وبلدية سن الفيل لهذه الألتفاتة الكريمة وهي دين علينا لنردها بعطاءات جديدة وشكرا لمن كانت كالجندي المجهول تعمل باخلاص من وراء الستار من أجل أنجاح هذه الأمسية ...وشكرا لكم ايها الحضور الكريم وحيث فاضت علينا محبتكم
وبهذه المناسبة أسمحوا لي أن قرأ قصيدة قصيرة وهي بالسريانية
ܬܪܝܢ ܠܘܚ̈ܐ
ܬܪܝܢ ܠܘܼܚ̈ܐ ،،، ܝܢ ܬܪܝܢ ܚܸܙܘܹ̈ܐ
ܬܸܠܝ̈ܐ ܥܠ ܓܘܕܐ ܕܚܘܼܫܵܒܼܝܸ
ܐܲܬܪܐ ܕܠܐ ܡܵܪܐ
ܡܢ ܓܘܫܡܹܗ ܢܒܼܵܥܐ ܬܘܿܠܥܹ̈ܐ
ܢܣܵܪܐ ܓܘܫܡܹܗ
ܘܨܦܵܚܐ ܫܘܼܩܵܢܹ̈ܗ ܕܹܐܒܹ̈ܐ
ܕܙܵܥܦܝ̈ ܠܗ ܨܵܘܒܐ ܠܘܼܝܵܬܐ
ܘܥܲܡܐ ܕܠܐ ܐܲܬܪܐ
ܐܟܼܵܠܐ ܡܢ ܦܲܪ̈ܙܘܥܝܵܬܐ ܕܐܚܹܪ̈ܢܐ
ܘܥܵܝܢܹܗ ܪܫܵܡܐ ܨܲܡܕܐ ܕܩܵܛܪܵܬܐ
ܬܪܝܢ ܠܘܼܚܹ̈ܐ ܬܸܠܝܹ̈ܐ
ܟܠܡܐ ܕܒܵܥܝ̈ ܩܵܪܒܝ ܘܚܵܝܕܝ̈
ܩܝܡܝ̈ ܦܵܘܚ̈ܐ ܕܝܘܵܢܹ̈ܐ
ܘܙܵܪܙܝ̈ ܕܹܐܒܹ̈ܐ ܒܪܲܓܼܘܼ̈ܠܹܐ
ܘܡܢ ܙܕܘܥܬܲܝܗܝܢ ،،، ܩܵܡܛܝ̈ ܠܘܼܚܹ̈ܐ ܠܓܘܕܵܢܹ̈ܐ
الترجمة
لوحتان
لوحتان معلقتان في مخيلتي
وطن بلا مواطن
تنخر جسده الديدان
تفترس الذئاب شوارعه والجرذان
ومواطن بلا وطن
يقتات فتات الأوطان
أمتلأت عيناه صور الحقائب والقطارات
لوحتان ...
كلما حاولتا الأقتراب والأتحاد
تهب الرياح الهوجاء
وتعوي الذئاب في الوديان
فيخافا ويعودان الى الحيطان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق