ربيع العمر/ ليلى حجازى

أحسست بالخريف الزاحف على الطبيعة يحّد كل الأشياء حولى تأملت شجرتى الرابضة فى هدوء بجوار بيتى ، والخريف الأصفر

يعتصر جذورها ،

ويمتص آخر قطرة من اخضرارها !

أراها وهى تتعرى إلا من ذكرياتى ،

وتتحول أوراقها اليابسة إلى تراب !

- جراحة كل عام –

إنها صامدة – كعهدى بها- تستسلم

لا تئن

ولا تشتكى

ولا تبنئس

بل تنتظر فى حكمة يوم النقاء فى حضن المطر

فلا يبقى لغبار الكون مكاناً فى كيانها ،

إلى أن تستريح فى بيات شتوى فى انتظار الربيع الواعد !

ويعود تفكيرى إلىّ

وأجد نفسى أنا أيضاً بين رياح خريف العمر

وأيامى تتساقط عنى ،

وأشيخ

تذكرت بداياتى الأولى ،

ورغبتى الحميمة فى أن أطاول قامة الكبار !

ولم أكن أدرك فى طفولتى :

أنه كلما زادت أيام حياتى كلما نقصت أيام عمرى بالمقابل

وسوف أرحل – يوماً ما ـ إلى الغرب فى سبات طويل

وفى ثقة لمعت من السماء ،

قلت لنفسى :

قد أكون كالشجرة فى الخريف العاصف

ولكنى لست بشجرة !

فكل ورقة انسانية تتساقط من عمرى ،

تضاف إلى عقلى وفكرى :

علماً ، وخبرة ، ودراية

وتبقى جذورى ليست ممتدة فى الارض ،

بل فى القلب

- قلب من أعرفهم ويعرفوننى -

عارفاً بأن ربيع الإنسان ، كل إنسان ، ليس ربيعاً واحداً ، بل ربيعين :

ربيع الحياة فى أولاده وأحفاده


وربيع الأبد فى الحياة الوربيع الأبد فى الحياة السماوية​


باريس

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق