فكرة حول قضايا الشعر: تعليقان نشرتهما على (المثقف)/ كريم مرزة الأسدي

1 - صديقي وأخي العزيز الشاعر ....المحترم
السلام عليكم والرحمة
أنت تدور حول نقطة معينة ، اختلف حولها النقاد قديما وحديثاً - ربما أتناولها بمقالة تحت عنوان فكرة خاطفة - ألا وهي الجانب الاجتماعي والجانب الفني للشعر ... الشعر فن ولكنه يختلف عن الرسم والنحت والموسيقى ....لأن الصور والبلاغة الشعرية ينقلها السامع أو القارئ أينما حلّ وارتحل ، وبأي لحظات حياته .... ويحفظها ويكررها ويتغنى بها ، بمعنى للشعر جانب اجتماعي كبير بحيث لا يطغي على الجانب الفني ،ومصداقية  أحاسيس النفس الشاعرة ، فيكون موضوعياً تاماً - أو على الأكثر- ، ويتناسى مشاعره الذاتية الحقيقية ، ويكتب باسم الذات !! وهذا ما رمى به العقاد والمازني  وشكري  أحمد شوقي ، ونفوا عنه الشعر ، ويجب أن لا يغرق في الصور الفنية ، فيفقد جماهيرتيه ، ويدور بين طبقة ثقافية وفنية رفيعة ، وكذلك الشعر لا يمكن أن ينظم بلسان سوقي عام ، فيفقد رفعته الفنية ومنزلته الشعرية الرفيعة ...  التوازن الملهم  ضرورة ملحة للعبقري كشعر المتنبي والبحتري وأبي تمام والجواهري والسياب ... أما الذي يغرق بالجانب الفني فتقل شهرة الشاعر كالشريف العقيلي المتعلق به  - أنت - .
 نعم أنا قلت لك أنت تميل إلى هذا الجانب ، ولاريب أن شعر العقيلي - من الناحية الفنية - رفيع ، ولكن في عصره وبعد عصره غلبه الشريفان والمعري ومن قبله بجيل المتنبي ، وحتى من بعده شاعر الطبيعة ابن خفاجة ....
ثم مسألة التجدد في الشعر ، تسلتزم ثلاث نقاط مهمة ، أن يعرف الشاعر أنه آتى بجديد وينتبه إليه ، ثم يجب أن يعلنه رسمياً ، ويشهر به ، ويلفت الأنظار إليه ، والنقطة الثالثة يجب أن تجد الدعوة إلى التجديد صدى وتجاوب من النقاد والشعراء ، فينتهجوا نهجه ، ويصفق لها الجمهور ...أما ما يتقوّل المتقولون ، فهم لم يتعمقوا بدراسة الأدب العربي وتاريخه بعمق ودراية ومعرفة ...وأنت سيد العارفين ، احتراماتي ومودتي.
تعليق ثانٍ لي  على  تعليق آخر له :

 2 - شاعرناالأستاذ .....المحترم
بعد السلام والتحية والإكرام
والله أنا كتبت التعليق على السرعة العاجلة وما ذكرته عن أنك تسير على خطى عقل وأدونيس والخال .....وليس على درب الجواهري والسياب والقباني مجرد خاطرة عابرة ، لأنني  أعرف تضلعك باللغات الأجنبية ، وتحكم عقلك في القصائد ، يعني قصائد منحوتة بالصخر ، وليست مغروفة من بحر !! ، وليست كما يقول الجواهري ( وخلها حرّة تأتي بما تلدُ) ، والحق  مسيرتك الشعرية تستحق دراسة متأملة - كما ذكرت - .
 أما من ناحية الشريف العقيلي ، فهو ثالث الشرفاء من الطالبيين بعد الشريف الرضي ( توفي 406هـ) ، والشريف المرتضى ( توفي 436 هـ) ، و الأخيرين  عاشا في بغداد ، أما الشريف العقيلي ( توفي 450هـ)  ،فعاش في مصر - الفسطاط ، وكان معاصرهم المعري ( توفي 448 هـ) ، ولكن هو أقل شهرة من الشعراء الثلاثة ،نعم هو شاعر الطبيعة المصرية الخلابة بنيلها وخصبها ، وفي سنة وفاته ( 450 هـ ) ولد شاعر الطبيعة الأندلسي الشهير ابن خفاجة ، الرجل هاشمي ، يقال يرجع نسبه إلى عقيل بن أبي طالب ، واسمه يشير إلى علويته أو طالبيته ( علي بن الحسين بن حيدرة) ،  شعره يمتاز بوصف الطبيعة الرائق ، اشتهر بالتشبيهات والاستعارات ، وصيغ بلاغية متينة ، كان ثرياً منعما ولذلك تأثر بابن المعتز ( قتل 297 هـ) المترف  بقصوره وجواريه  ومعالقه الذهبية والفضية  ، فوصفها أجمل الوصف ، وعندما كان يسأل معاصره ( الهاء على ابن المعتز) ابن الرومي على عدم إجادة الوصف الأخير ، يقول يا ويلي ، أنا فقير بائس من أين لي هذه القصور والجواري والمعالق والصحون  الف ضية والذهبية  حتى أصفها ، وقرأت ما يشابه هذا ، عندما سئل الجواهري لماذا لا تصف وتنظم مثل الشاعر السويدي فلان ( نسيت اسمه) ، أجاب من أين لي هذا ، وأنا عشت بين دروب النجف ومقابرها ....!!!!!، علما للجواهري وصف رائع عن الفرات الطاغي ، وسامراء ودجلة في الخريف ووو ، المهم الإنسان ابن بيئته ، لذلك قلت لك قد تأثرت باللغات الأجنبية والهايكوات والتغرب والغربة ....أنت تميل جدا لابن خفاجة والشريف العقيلي والبهاء زهير .....وحتى ابن الرومي وتخريجاته ولغته ....باركك الله ووفقك ورعاك ، هذه مجرد خواطر عابرة.

كريم مرزة الأسدي  .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق