أنين القصب/ صالح أحمد

هذي البراءة مازجت ماءَ الحياةِ
وكانَ قومي أوغلوا خوفًا من العطَشِ الذي يَنسى ولا يُنسى
ويَبدو لا كما يَبدو بأحلامٍ نُكَسِّرُها
وكم عِشنا نَلوذُ بها وما زِلنا...
فهل نُشفى؟
#
هَبَّت مساحاتُ الظِّلالِ تَقودُنا لِخَريفِنا
مَن عَلَّمَ القَصَبَ الأنينَ لِيَستَقي أصداءَهُ مِنّا؟
#
للَّيلِ أحداقٌ رأيتُ نوافِذَ الأيامِ تَشرَبُها
ويَصحو صَمتُنا المُكتَظُ بالأقدارِ
مُنذُ انهَدَّ ما قَد كانَ...
هل نَبدو كما شِئنا؟
#
مادامَتِ الأحداقُ تومِضُ بالتّواصِلِ
والفَضا يَزدانُ صبرًا بالهَديلِ 
ليَستَميلَ عيونَ مَن هَجَروا نَوافِذَنا الأليفَةَ
لَيتَهُم عادوا بِنا!
أو ليتَنا عُدنا!
#
ما الحلمُ إذ يَصفو سوى رَيحانَةٍ 
نَبَتَت على كَفٍّ يُراقِصُها الهَواءُ 
وليسَ غيرُ رمادِها مِنا.
#
وأظلُّ أذكُرُ كيفَ شَذَّ الطّقسُ عَن آفاقِنا 
وغَدَت بِحَجمِ فَراغِنا شمسٌ نَسيناها
ونحنُ نُطارِدُ الأنقاضَ في أعمارِنا 
والريحُ مِلءُ أكفِّنا 
نَمضي لِنَحفُرَ في مَساءٍ ضَيِّقٍ مَنفى أصابِعِنا
ونَنسى أنَّنا نَحتاجُ أن نَحكي لَنا عَنّا.
#
زَمَنًا عَلِمتُ الحُبَّ لا يحتاجُ ضوءً كي يصيرَ مُلائِمًا
لتَوَلُّدِ الفَجرِ المُساكِنِ صَمتِنا 
يَصحو كما تَصحو العناصرُ في اتحادٍ فاجِرِ الإشعاعِ
يَهزَاُ بالسّكينَةِ يبتَني عمرَ التّلاحُمِ 
مِن نَشيدِ الصّخرِ حينَ يُعانِقُ النّزفا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق