في ثورة سنة 1919 م. برز القمص سرجيوس وسط الثائرين فقد وهبه الله لسانًا فصيحًا يهز أوتار القلوب إلى حد جعل سعد زغلول يطلق عليه لقب خطيب مصر أو خطيب الثورة الأول.
عاش في الأزهر لمدة ثلاثة شهور كاملة يخطب في الليل والنهار مرتقيًا المنبر، معلنًا أنه مصري أولًا ومصري ثانيًا ومصري ثالثًا، وأن الوطن لا يعرف مسلمًا ولا قبطيًا، بل مجاهدين فقط دون تمييز بين عمامة بيضاء وعمامة سوداء، وقدم الدليل للمستمعين إليه بوقفته أمامهم بعمامته السوداء
اعتقله الانجليز لمدو 80 يوما في رفح علي أثر خطابات ضد المحتل الانجليزي , وبعدما خرج من الاعتقال ظل يخطب في كل مكان في المساجد والكنائس والأندية وفي الشوارع والميادين .
ذُكِر عنه أنه ذات مرة وقف في ميدان الأوبرا يخطب في الجماهير المتزاحمة، وفي أثناء خطابه تقدم نحوه جندي إنجليزي شاهرًا مسدسه في وجهه، فهتف الجميع: "حاسب يا أبونا، حايموتك"، وفي هدوء أجاب أبونا: "ومتى كنا نحن المصريون نخاف الموت؟ دعوه يُريق دمائي لتروي أرض وطني التي ارتوت بدماء آلاف الشهداء. دعوه يقتلني ليشهد العالم كيف يعتدي الإنجليز على رجال الدين". وأمام ثباته واستمراره في خطابه تراجع الجندي عن قتله.
مرة أخرى .
وقف هو والشيخ القاياتي يتناوبان الخطابة من فوق منبر جامع ابن طولون. فلما ضاق بهما الإنجليز ذرعًا أمروا بنفيهما معًا في رفح بسيناء. وكانا في منفاهما يتحدثان عن مصر, كذلك انشغل في المنفى بكتابة الخطابات، وإرسالها إلى اللورد الانجليزي ، يندد فيها بسياسة الإنجليز، ويعيب عليهم غطرستهم وحماقتهم في معاملة الوطنيين، وعلى الأخص في معاملة قادتهم وزعمائهم. وقد قضى القمص سرجيوس والشيخ القاياتي ثمانين يومًا في هذا المنفى. وبعدما خرج من الاعتقال ظل يخطب في كل مكان في المساجد والكنائس والأندية والمحافل وفي الشوارع والميادين.
نشرت جريدة الأهرام بعددها الصادر في 24 سبتمبر سنة 1964 عقب وفاته كلمة بعنوان "مصر كلها كانت كنيسة سرجيوس":
ان تاريخ حياة سرجيوس جزء لايتجزا من تاريخ نضال الشعب المصري بكل ألامه وأماله نحو غد أفضل .
فليس هناك معركة في تاريخنا منذ ثورة1919 ضد الاستعمار أو الاستبداد أو التعصب الديني أو العنصري ولم يكن لسرجيوس دور قيادي فيها , فكان دائما في جانب القوي الشعبية .
واليوم يدخل سرجيوس دائرة التاريخ التي لاينطفئ لها نور لينعم بتقدير وحب شعبنا ويعتلي مكانه في تراثنا القومي جنبا الي جنب رفاعة الطهطاوي ومحمد عبده .
وينهي المحرر كلمته : ان نعي سرجيوس في الصحف فقيدا للكنيسة المسيحية وهذا صحيح ,ولكنه ليس كل الحق فهو أيضا وبنفس القدر والعمق فقيد الجامع الاٍسلامي, فقيد الشعب المصري كله .
وعلق المؤرخ الكنسي القمص صموئيل تاوضروس قائلا :اننا نضع القمص سرجيوس مع أوريجانوس ورفاقه في ضريح الجندي المجهول .
من أقوال سرجيوس المأثورة : الوطن لله وان عبادة الوطن من عبادة الله , واني في سبيل مصر أنسي أنني قبطي لأن مصر لاتعرف قبطيا ولا مسلما ,واٍنما هي تعرف أن الكل أبناؤها وتطلب منهم جميعا أن يقفوا دونها صفا واحد ليحموها من العدو الانجليزي المحتل أرضها .
وقال : اٍذا كان الاٍنجليز متمسكون ببقائهم في مصر بحجة حماية القبط فأقول ليمت القبط ولتحيا مصر حرة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق