ما يحدث اليوم فى البصرة بوجه خاص من حرائق وشغب ومطالب مشروعة من حق المواطن على أن توفرها له الدولة من ماء صالح للشرب وكهرباء ونظافة وطرق معبدة وتعليم وصحة وحياة كريمة ينعم بها ، كل هذا حق مكتسب لديه لاغبار عليه ، لكن مايؤخذ عليه هو أن يشهر السلاح فى وجه الجيش أو يقوم باتلاف مؤسسات الدولة وممتلكاتها مدفوعا من المحتل لأرضه بالقوة ، هنا يكون العتاب على المواطنين الذين مازالوا تخدعهم اثارة الفتن التى يفتعلها الغريب المحتل لكى لاتنهض بلاده وتظل هكذا غارقة فى الفتن المذهبية والطائفية فلا يمكنه من التقدم والرقى نحو ماهو أفضل له ولوطنه . البصرة هى المحافظة الأقتصادية الكبرى التى بها 85 % من حقول البترول كان من الواجب على الحكومات المتعاقبة منذ الحكم الملكى حتى اليوم أن تكون محط أبصارهم وعنايتهم واهتمامهم لتكون أفضل المحافظات العراقية ، الا ان الأهمال والنسيان التى كان من نصيبها دون غيرها ، من المؤكد له أسبابه السياسية عند كل حكام العراق وصولا للعبادى الذى ادعى انه انشغل بحرب الجماعات التكفيرية وطلب من واشنطن العودة لبغداد لمساعدته فى تحرير البلاد مفروضا عليه كتابع وليس بارادته واختياره ، لأنه لو كان ذلك باختياره لكان أول بند فى الأتفاقية المبرمة بينهما هو جلاء هذه القوات فور انتهاء العمليات العسكرية وتحرير الأرض حتى آخر شبر فيها، لكن للأسف أنه وافق على كل البنود التى فرضتها عليه واشنطن ، ومن أولها أن تيقى القوات الأمريكية فى شكل خبراء حتى تأمن له عدم عودة التكفيرين حيث كانت الخديعة الأمريكية له أن طلبوا من الكرد فى الشمال أن يخبئوا عشرات المئات منهم لحين الأحتياج اليهم .
فمتى كان هذا الأحتياج ؟ بمجرد أن بدأت انتهاء فترة عميلياتهم فى الأنتهاء وعودة ترشح رئيس الوزراء لفترة ثانية ، وقرائتهم بعدم رضا الشعب عليه ، واصرارهم على انتخاب من يصلح أو من يطالب برحيل القوات الأمريكية ، هنا بدأت الفتنة بين فئات الشعب وبين المذاهب تؤججها واشنطن وتأمر الجماعات التكفيرية بالأشتباك من جديد مع الشعب والجيش وقوات الأمن لبعث رسالة الى هذه الفئات بأنها لن تغادر العراق وستعيد العبادى للحكم رغم ارادة الشعب ، وبناءا عليه أصدرت الأوامر الى المسلحين منذ ساعات قليلة اليوم السبت 8 /9/3018 بضرب مطار البصرة واثارة الفتن والقيام بالشغب لكى تمتد الى بعداد ، ومنذ قليل أعلن العبادى جهرا بأنه سيوجه أوامره للقوات المسلحة بالتعامل مع المواطنين بالبصرة ، اذا لم يلتزموا بالهدوء ، فأعلن الجيش رفضه لمطالبه واتخذ شعار الجيش والشعب يد واحدة ، وكأن العبادى يعمل على تقسيم البلاد وبقاء القوات الأمريكية .
منذ أن رست القوات الأمريكية فى بغداد ودمشق ، لم يكن غير عودتها لأحتلال البلدين وتقسيمهما لتطبيق الأتفاق مع شركائها المقربين وعلى رأسهم الرياض ودبى ، لكنها اصطدمت بخيبة أمل لتحقيق ما انتوته ، فقام الجيش العراقى ومعه المقاومة الشريفة من كل الأطياف بمساعدة الجيش واستطاعوا تحرير أرضهم من الجماعات التكفيرية التى مهدت لها واشنطن الدخول الى بغداد ودمشق ووفرت لهم هى وحلفائها المال والسلاح والمؤن الغذاية والآلات الحربية الثقيلة وكل الأسلحة الحديثة الذكية ، من أجل الأستيلاء على البلدين ، لكنها للأسف هزمت فى كلاهما واستطاع الجيش العربى السورى وحلفاؤه أن يخيب آمالهم ، وحرر ما يعادل تسعون فى المائة من أرضه الى أن وصل الى المحطة الأخيرة التى ليس بعدها عودة للمسلحين بأى مكان داخل سوريا ، عليهم فور اعلان العمليات المنتظرة فى ادلب ، أن يستسلموا أو يهربوا الى خارج البلاد لأن حليفتهم لن تحميهم من نيران هذه الحرب وهم لم يعتبروا من الدروس السابقة حيث تتخلى واشنطن عن حلفائها فى أول منعرج تصطدم به لكونها حريصة على ألا تفقد جندى واحدا من جنودها وبذلك سيكون مصيرهم نفس مصير المسلحين فى كل المحافظات التى تم تحريرها والتى كان آخرها درعا والجنوب بأكمله ،
بذلك تكون واشنطن قد نجحت فى مد أجل الحرب وبقائها وفرض شروطها ، كل هذا من أجل حماية المحتل الصهيونى بالأرض المحتلة التى اصابه الفزع والهستيريا من وجود الخبراء الأيرانين والروس وقوات حزب الله فى سوريا ، والحشد الشعبى فى العراق الذين واصلوا القتال مع الجيش العراقى والسورى حتى طهروا الحدود العراقية السورية وأبعدوا القوات الأمريكية عن الأقتراب منها ، حيث أصبحت الأرض المحتلة على بعد كيلوات من المقاومة ، بعد أن تم تحريرالجنوب السورى كاملا ، وامتداده بعمق اربعون كيلو متر فى الجولان ، هذا القلق الذى جعل نتنياهو يقوم بثلاث رحلات مكوكية الى موسكو ليطلب من بوتن ضرورة رحيل الأيرانين وحزب الله من سوريا ، وكان جواب بوتين أن ذلك تختص به الأدارة السورية فى بقاء من ترضى على أرضها وعدم موافقتها على دول أخرى مثل واشنطن وأنقرة .
خابت آمال الأمريكان والصهاينة فكان عليهما استخدام الخطة البديلة للبقاء فى بغداد ودمشق ، هذه الخطة هى زعمهم بأن الدولة السورية اذا استخدمت الكيماوى أثناء شن الحرب على ادلب فانها هى وحلفائها سيضربون دمشق وأعدوا العدة على ذلك وأعلنت لندن وباريس مشاركتهما لأمريكا فى هذه العملية ، وبالمثل قامت بخطة بديلة لبقائها ببغداد ، هى اعطاء أوامر باثارة الفتن ولداعش الكامن فى الشمال ببدأ التحرك وضرب أهداف فى البصرة ممكن تمتد الى محافظات أخرى ، وتكون بذلك أوجدت الحجة لبقائها بالعراق لضرب المسلحين كما تدعى .
وأنا على ثقة تامة بأن القوات الأمريكية ستفل وتسحب قواتها مجرد أن تتعامل معها المقاومة سواء فى العراق أو فى سوريا ، الا انها تستخدم سياسة النفس الطويل فلربما تتخاذل الدولتين وتخشى ما تقوم به واشنطن من تهديدات فيؤجلان شن الحرب ، لكن قرار الحرب قائم لدى الدولة والمقاومة بتحرير الأرض واخلائها تماما من أخر جندى أجنبى عليها .
Dr_hamdy@hotmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق