أردوغان يلاعب واشنطن والرياض ويلفت له أنظار العالم/ الدكتور حمدى حمودة

لايخفى علينا اذا تناولنا حكاية خاشجكى أن ننوه لقراؤنا الأفاضل أن لعبة الأمم تتدخل فيها أجهزة المخابرات العالمية ، كثير من ممن تابعوا هذه الحكاية الشيقة والتى تعود بنا الى عصر قطاع الطرق والجزارين الممسكين بالمناشير والفؤوس لجز الرؤس وتقطيع الأبدان ، لايعلمون أن الحكاية كان مخطط لها من قبل بعض الدول التى لديها أجهزة مخابرات رفيعة المستوى والتى استطاعت أن توقع فى شباكها دول بعينها للتخفيف من هيمنتها فى منطقة الشرق الأوسط . 
الرجل كان الضحية الذى نصبوا له الشراك لأستدعائه الى القنصلية التركية باسطنمبول بواسطة بمن عرفت بأنها خطيبته ، كان الضحية الأولى التى مزقت الى قطع لايعرف عددها الا قلة من رؤساء الدول الذين وظفوا مخابراتهم للوقوع به فى أيدى من لايرحمون مأمورين بأوامر ولى العهد بعد أن تم تسريب المكالمات الأربعة بينه مباشرة وبين القحطانى التى تلقى الأوامر منه باحضار رأسه اليه ، وهنا يذكرنا بيزيد ابن معاوية الذى أمر زياد قائد جيش يزيد فى الكوفة أن يأتى له برأس الحسين من كربلاء الى دمشق محمولة على الرماح ، أو كما فعل الحجاج بن يوسف الثقفى فى أهل الكوفة عندما ولاه غبد الرحمن بن مروان واليا عليها ، وقال قولته الشهيرة وهو يخطب فيهم من فوق المنبر ، ( اننى أرى رؤوسا قد أينعت ، يستوجب قطوفها ) ثم نزل وأطاح بعدد من الرؤوس لتكون عبرة لكل من يخالفه الأمر ، وهذا ما قام به القحطانى بأوامر من رئيسه المباشر .
هناك كثيرون يتساءلون ويتابعون بلهفة ، من هم الذين أقاموا هذا الشرك لهذا التحالف الأمريكى الذى تتصدره الرياض ودبى ؟ ولماذا أصابع الأتهام تحوم حول منظومة الحكم بالرياض ؟ وماذا وراءه من خفايا لم تظهر بعد ؟ ولماذا دولت أنقرة هذه الجريمة على وجه الخصوص رغم أن سبقتها جرائم أكثر بشاعة داخل وخارج الرياض ، فالشعب اليمنى الذى يباد أبادة كاملة من هذا الحلف ، يغض النظر اليه كل حكام العالم وكأن آذانهم وأبصارهم قد أغلقت حتى عن آلاف الأطفال الذين يعانون من مجاعة قاتلة وأوبئة لم تعرفها البشرية من ألف سنة ، جاؤوا بها فى شكل قنابل جرثومية فتاكة ظانين أن الله لايرى ولايسمع وليس لديه أيدى يبطش بها عندما تستفحل الطغاة فى طغيانها وظلمها لعباده أيا كانت عقيدتهم . ليس اليمن فقط ، ولكن هناك شعوبا كثيرة منها العراق وليبيا ومصر يفتكوا بها من قبل اليمن حيث لارادع لهم ، نسوا أن هناك ربا عظيما قادر على قلب الموازين لصالح المقهورين والمستضعفين فى الأرض ، وأحيانا يمهل ولايهمل ، ويتركهم فى غيهم يعمهون، فيظن هؤلاء الطغاة الظالمين أنهم افلتوا من العقاب الألهى ! 
لقد تجاوزوا كل الحدود المعقولة وكل الشرائع السماوية والقوانين الوضعية فى طغيانهم ، فردا واحدا قضى على العشرات من عشيرته ليفسح المجال لنفسه ، ( حب الشهوات بداية من شهوة الحكم والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة ) لا وازع ذاتى داخل النفس البشرية ولا وازع الهى يردهم الى التعقل والعقلانية ، مازالوا يعيشون فى الظلام ويعملون بقوانين الغابة التى فيها القوى يأكل الضعيف حيث لامكان له بين الأقوياء .
المهم أن حاكم أنقرة اليوم يملك ويمسك بكل الخيوط وبامكانه لو جهر بالوثائق والفديوهات التى فى حوزته لأطاح بمن كان له دور فى هذه اللعبة لبشاعتها ، قلنا أن هناك ماهى أبشع منها ، ولكن هذه الجريمة كانت بمثابة ( الشعرة التى قصمت ظهر البعير ) تلقفها حاكم أنقرة ووظفها لصالحه بكل تقنية وذكاء ، فالآن هو يلاعب بعض الحكام الذين غابت عنهم مفاتيح اللعبة بهدوء واسترخاء لأن فى جعبته المزيد التى ربما يتكتم عليها الى الأبد فى حالة تلبية كثير من الملفات التى أولها تحسين اقتصاد بلاده الذى هوى بعد العقوبات الأمريكية ، وثانيها رفع العقوبات عن الدوحة التى فرصتها الرياض ودول التحالف عليها ، ثالثها رفع يد واشنطن عن الوقوف بجانب الكرد وتسليحهم فى سوريا والذين يطالبون باقامة كيان لهم على الحدود التركية السورية ، ورابعها الأفراج عن جماعة الأخوان الذين تمت الأحكام عليهم بمصر ، وهذا ما قوبل بالرفض من الئاسةالمصرية ، وخامسها وقف الحرب القذرة على اليمن والتى أطاحت بملاين الشهداء من الأطفال والشيوخ والنساء وملاين الجرحى والمصابين وآلاف النازحين ، وانهاء الحصار الذى سبب المجاعة لعشرون مليون يمنى .
يمكنننا القول أن هذه اللعبة التى يمسك بخيوطها اردوعان ورؤساء دول أخرى لم تنتهى بعد فاللعبة مستمرة الى أن تنهك دول التحالف الأمريكى وتعود الى حجمها الطبيعى وتخلع عن نفسها اللباس المستعار الذى اختارته لنفسها فأطاح بها زهوا وغرورا ، يقول بعض المناصب الكبرى فى فلسطين المحتلة أنهم فقدوا سندا كبيرا فى الرياض ، يروا أنه سيتجمد فترة كبيرة الى أن يعود مرة ثانية وهذا بعد صمت طويل ظلوا فيه يتفرجون ويسمعون طوال هذه الأسابيع منتظرين ما ستؤل به هذه اللعبة ، وكذلك حكام دبى الذين انكمشوا تماما كلما سمعوا صيحات الأتحاد الأوروبى وسيناتورات الكونجرس الأمريكى الذين يطالبون ترامب باتخاذ أشد العقوبات على الرياض ودول أخرى ساندتها ، ورغم التقلبات النفسية والخطابات المرتجلة والمتناقضة التى يدلى بها ترامب صياحا ومساءا لأنزعاجه الشديد من من الفخ الذى وقع فيه هو وشركاؤه ، فهو مهدد بعدم فوزه فى الأنتخابات القادمة لأبتزازه المليارات من الرياض مقابل حمايتهم من أجل الحفاظ على عروشهم وحماية ظهورهم والتكتم على الجرائم البشعة التى تحدث باليمن .
أظن أن على طوال السنوات التى ترأس فيها الرؤساء للبيت الأبيض ، لم يأتى رئيس فخخ له بهذه الطريقة المخابراتية مثل الرئيس الحالى ، حتى "بوش الأبن" المتهور والمحب لأسالة الدماء الذى قام بغزو العراق بزرائع كاذبة وملفقة  نجى من الوقوع فى مثل هذا الفخ ، لكن لكل شيئ نهاية ، والظلم لن يطول والظالم له عقاب فى الدنيا وعقاب فى الآخرة ، وعشرات الآيات التى وردت فى النص عن الظلم والظالمين الذى أعد الله لهم عذابا عظيما .

                                                                   
Dr_hamdy@hotmail.com  
   

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق