مزحة ثقيلة/ عبدالقادر رالة

    اتخذنا من الحيز المحاذي للحديقة ملعباً خاصاً بنا ... وقد كنا نعلب أيام الجمعة والخميس أو في الأوقات التي يتغيب فيها أساتذتنا... نلعب خمسة  أفراد مقابل خمسة ، أو ستة مقابل ستة ولما يلتحق الآخرون نصبح سبعة فثمانية حتى نصير عشرة مقابل عشرة... ويتعالى الصياح والتدافع القوي ، والسقوط ويتطاير الغبار في كامل أرجاء الملعب ...أما الأهداف فبلا عدّ...
   وكان زميلنا جلول يسكن قرب الملعب فكان يمدنا بالماء لما نعطش بسبب الركض والقفز. وفي أحد الأمسيات كان منشغلاً باللعب بحماس فطلب مني أن أجلب الماء. 
   دققت ٌ على الباب ففتحت أمه خالتي يمينة فقلت لها بكل برودة وبدون تعابير وجه معينة  :
ـــــ ابنك جلول سقط في البئر ومات....
   صرخت  ... ولولت... خرجت بدون أن تغطي رأسها ... أطلقت صرخة مبحوحة تمزق القلب.. ولكن سرعان ما لمحته يلهث وراء الكرة وسط الملعب، وبين الحين والآخر يصرخ بصوته الصاخب فانطلقت نحوه واحتضنته وهي تبكي...آه...آه ... يا ولدي ياجلول...
   اقتربت منها وتأسفت مبتسما ً : ـــــ أنت تعرفين يا خالتي بأن مدينتنا لا توجد بها آبار!
وانقضى علي جلول وهو يزأر: ــــــ لن اسامحك على هذه المزحة ... الثقيلة ... وأسقطني أرضا وتدخلت أمه تريد أن تخلصني منه... فنظرت إليها وأنا تحته وصرخت متوسلا ً :  ـــــ اذهبي يا خالة سنتدبر الأمر بيننا....
  وسمعتُ ألآخرين يطلبون من الماء ... مؤكدين لها أن العراك أمر عادي في الملاعب...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق