هل الوضع يتوجه نحو انتفاضة فلسطينية جديدة..؟!/ شاكر فريد حسن

تصاعدت حدة المواجهات في الضفة الغربية بعد الاعدامات التي نفذتها قوات الاحتلال، وعقب عملية رام الله، وأعلن عن المدينة ومحيطها منطقة عسكرية مغلقة. 
وفي حقيقة الأمر أن الاحتلال يتحمل المسؤولية عن التوتر الحالي وتدهور الأوضاع الأمنية في الضفة الغربية، فما دام هنالك تواصل للاحتلال والاستيطان الكوليونالي، فإن الصراع سيبقى مشتعلًا بشتى ألوان الكفاح والمقاومة المشروعة.
الوضع في الأراضي الفلسطينية محتقن إلى درجة الغليان وينذر بالانفجار، بسبب استمرار القهر والظلم والتعسف والخنق الاحتلالي والتضييق اليومي على أبناء شعبنا الفلسطيني، ونتيجة فشل العملية السلمية في المنطقة بسبب التعنت الاسرائيلي، ما يجعل حكومة الاحتلال والعدوان تكرس كل جهودها لتقويض العملية السياسية وردع الشعب الفلسطيني من الاستمرار في كفاحه ونضاله المشروع.
إن السلطة الفلسطينية ليست معنية بالتصعيد أو بانتفاضة فلسطينية جديدة، وتحاول بالطرق السياسية معالجة الامور العالقة والابقاء على التهدئة، في ظل غياب الموقف العربي والعالمي الداعم للقضية الفلسطينة وللكفاح التحرري الاستقلالي الفلسطيني، وهرولة أنظمة الذل والعار الخليجية والسعودية نحو اسرائيل والتطبيع معها. 
الجميع يعرف ويدرك أن الأوضاع في العالم العربي أشغلت الرأي العام العالمي وأبعدت أنظاره عما يجري في الأراضي الفلسطينية المحتلة من تطهير عرقي وتوسع استطيطاني  احتلالي وعدوان متواصل على شعبنا، كذلك الانقسام الفلسطيني الطويل المدمر شجع على الفوضى الاقليمية وحال دون تطبيق قرارات المجتمع الدولي بخصوص المشكلة الفلسطينية.
التصعيد المتدرج في الأراضي الفلسطينية المحتلة ينذر بانفجار الأوضاع الأمنية فيها، ومن شأنه التمهيد لمواجهة كبيرة وشاملة وانتفاضة فلسطينية جديدة. ولا ريب أن نتنياهو معني بتصعيد الوضع لاطالة عمر حكومته وابعاد الأنطار عنه بعد تهم الرشوة والفساد الأخيرة ضده. 
إننا نحذر من انحدار وتدهور الأوضاع إلى درجات خطيرة لن تتوقف ألسنة لهيبها على نطاق محدود. والحل الوحيد لمنع اراقة المزيد من الدماء هو الحل السياسي والانصياع لصوت العقل بالجنوح للسلم وانهاء الاحتلال واحترام قرارات الشرعية الدولية والاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في الحياة واقامة دولته الحرة المستقلة في حدود الرابع من حزيران العام ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية.
**
الشعر في بلادي 

الشعر في بلادي
أبجدية فوق الأبجديات
كلماته بنكهة فلسطينية
وحروفه بمذاق العنب الخليلي
يأتي بشفافية
وينساب بعذوبة
ويحلق في دنيا السماوات
كل زيتونة جليلية هي ملحمة
مقدسية
وكل دالية كرملية قصيدة عشق
وكل برتقالة يافاوية سجع وقوافي
عمالنا يتمايلون على انغام وموسيقى
درويش والقاسم
وفلاحونا يرددون سمفونيات
زياد وراشد
ونساء الوطن يحملن قصاصات
نقشت عليها رائعة خنساء نابلس
" لاجئة في العيد "
شعرنا هو شعر الكفاح
والاحتجاج
وشعر الغضب والمقاومة
ينبض بالحياة وحب
 الأرض والوطن
فيه دفء وحنين
وفيه هوية وطنية
وانتماء طبقي
يتنبأ بالمستقبل
ويبشر بالأمل
والنصر
والفرح
**
من دفتر الذكريات 

تلعب الكلمة الملتزمة والقصيدة المقاومة دورًا تعبويًا وثوريًا وتحريضيًا في معارك الشعوب المناضلة لأجل حريتها واستقلالها.
والمبدع الفلسطيني لا يختلف عن غيره من ثوار العالم، فهو يؤدي دورًا هامًا في مواجهة ومناهضة ومقاومة الاحتلال وقوى الاستعمار والرجعية العربية، والتعبير عن نبض الناس والجماهير والشارع الفلسطيني، وعن الأحلام والآمال الفلسطينية العريضة في سبيل التحرر الوطني. لذا فهو طول الوقت عرضة للاعتقال والسجن والتعذيب.
وعلى امتداد سنوات الاحتلال الاسرائيلي للأراضي الفلسطينية كان المبدع الفلسطيني في دائرة الاستهداف الاسرائيلي، وجل المبدعين الفلسطينيين تعرضوا للملاحقة الاحتلالية بهدف كسر ارادتهم وتضييق الخناق على أقلامهم وإبداعاتهم وأدبهم.
وحين اندلعت الانتفاضة الفلسطينية المجيدة الاولى، انتفاضة الحجارة، قامت سلطات الاحتلال بزج العديد من حملة القلم الفلسطينيين في الزنازين والمعتقلات الاحتلالية، وكان من بينهم الشاعرين المتوكل طه وعبد الناصر صالح، حيث قبعا في عتمة سجن انصار (٣) في النقب، وهناك كتبًا اجمل وأصدق الابداعات والقصائد الوطنية والوجدانية الانسانية التي تمجد انتقاضة الحجر الفلسطيني وشهداء الوطن الأبرار الذين سقطوا برصاص الاحتلال، وروت دماؤهم الذكية الثرى الفلسطيني .
ويومئذ بادر الأدباء والكتاب والشعراء ورجالات الأدب وأصحاب القلم في الداخل الفلسطيني العام ١٩٤٨، وتنادوا للقيام بمظاهرة ثقافية- سياسية، أمام سجن أنصار (٣) في النقب، للمطالبة باطلاق سراح الشاعرين عبد الناصر صالح والمتوكل طه ورفاقهم. وتم التجمع في مدينة حيفا، ومن هناك انطلقت الحافلة التي أقلت المتظاهرين من أهل الثقافة والأدب، وكنت واحدًا منهم، وعندما وصلنا السجن، أقيمت التظاهرة الثقافية، فهتفنا عاليًا، ورفعنا الشعارات المنددة بعمليات الاعتقال والمطالبة باطلاق سراح صالح وطه وزملائهم.
وتحدث في التظاهرة الكاتب والروائي رئيس صحيفة " الاتحاد " في حينه المرحوم اميل حبيبي، حيث ألفى كلمة نارية باسم المتظاهرين تطرق فبها إلى قضية المثقف ودوره في المواجهة، كصاحب رسالة وموقف، ولجوء الاحتلال إلى محاصرة الكلمة الفلسطينية بغية وأدها واغتيالها.
كذلك قمنا بالتوقيع على رسالة سلمت لادارة السجن لاطلاق سراح المعتقلين، وصعدنا بعدها الى الحافلة وعدنا أدراجنا الى نقطة الانطلاق في حيفا، ومن هناك افترقنا وكل واحد عاد الى بيته وبلده، وفي نفوسنا ذكريات وشعور بالغضب على الاحتلال، وراحة ضمير، لأننا قمنا بواجبنا ودورنا كمثقفين ومبدعين تجاه اخوة وزملاء لنا يقبعون خلف الجدران والأسوار الحديدية، ويتوقون لشمس الحرية.
**

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق