منذ يومين قام عدد غفير من اخواتنا واخواننا الشرفاء في شرقنا الاوسطي وخصوصاً من ابناء شعبنا الفلسطيني بالتعبير عن استياءهم وسخطهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة على استعمال فضائية الأقصى، المحسوبة على حركة حماس، بشريطها الإخباري عبارة " الجاليه المسيحية" واصفه بها ابناء الشعب الفلسطيني من ملة نبينا عيسى عليه السلام…
البعض اعتبرها زلة لسان وخطأ صغير … وشريحة اخرى لم ترى ان الامر يحتاج اصلاً الى تعليق او اهتمام… الفئة الاخرى، من تيارات الخصوم السياسيه، استعملت هذا الانزلاق الإعلامي، الخطير برأيي، منصة لفتح مدافع النقد اللاذع ضد حماس، الخصم السياسي الذي اصبح بعيون قسط كبير من هذه الفئة بمثابة العدو الاول قبل الاحتلال، وكما هو ايضا بالعكس… هذا الخصم السياسي تعتبره أوساطاً حمساوية بالعدو الأخطر …
بتواضع أقول لهولاء ان مثل هذا الانزلاق الأيدولوجي الذي من شانه ان يخلق تصدع اجتماعي كبير داخل صفوف الشعب الفلسطيني، لا يمكن تجاهله وهو برايي ايضاً ليس بزلة لسان او سقطة عابره، كما تسائل البعض، إنما هي ترسبات أيدولوجية، سأظهر لكم جذورها بالأسطر القادمة… ولكن هذا الامر ورغم خطورته وجديته لا ينفع ذخيرة لقصف الخصم السياسي … امور أساسيه تتعلق بوحدانية الشعب الفلسطيني وتكويناته العقائدية والاجتماعيه لا يمكن جرها الى حلبة التراشقات الاعلاميه بين الفصائل … فحذاري اخوتي في حركة فتح، ان تُخْرجوا المارد الطائفي من قممه… اعطوا الامور قسطها من الاهتمام، لكن لا تجعلوها شباك اخر مفتوح للتدخل الخارجي بالشأن الفلسطيني … انتم بفتح وحماس كنت وما زلتم سبب الانقسام البغيض الذي فتح الباب على مصراعيه لتدخلات عربيه واجنبية بالشأن الفلسطيني لترسيخ هذا الانقسام السرطاني الذي ما زال شعبنا الفلسطيني يدفع ثمنه غاليا .
تعبير الجاليه المسيحية كوصف لقسم من ابناء الشعب الفلسطيني من ملة نبينا عيسى عليه السلام يحمل في طياته سذاجة وسخافة الصحفي المؤدلج من ناحية، وهو ناقوس خطر يدق عاليا ليسمعه القاصي والداني ليفيقوا جميعهم من سباتهم السياسي، من ناحية اخرى …كما وأنه تعبير صارخ مقيت عن تربيه فصائليه عقائدية انتقائية عنصريه تراكميه أصبحت مع الوقت جزء من الهوية السياسيه المسيطرة لهذا التيار.
هذه ليست المرة الاولى التي تكشف لنا حركة حماس عن نبض قلبها الايدلوجي المتأسلم … ولن تكن المرة الاخيرة، وانا على يقين تام من هذا… لذا وجب ان نقف لمثل هذه الانزلاقات بالمرصاد.
بعد السبت يأتي الأحد !
هذا احدى الشعارات التي كتبتها عناصر من حماس على جدران بيوت المسيحيين الفلسطينيين خلال الانتفاضه الاولى … هذا الشعار الذي يظهر لنا العمى الايدلوجي لهؤلاء سوف يبقى وصمة عار في تاريخ حركة حماس … والتاريخ اخوتي لا يرحم ولا ينسى.
شبان حركة الاخوان المسلمين في فلسطين تأدلجوا على العنصرية الطائفية وعلى العنجهية الدينية والتعصبية المتأسلمه منذ نعومة اضافر حركة حماس في الانتفاضة الفلسطينيه الاولى وتم ترسيخها في وثيقة الحركة التي ما زالت سارية للمفعول دون تعديل او تصحيح …
شعارات مثل " الاسلام هو الحل" , " الاسلام هو طريق العودة" , " ارضنا اسلاميه، هذه هي الهويه" , " ثوره ثورة عالمحتل، غير المصحف ما في حل" , و " القرآن هو الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني" … هذه شعارات الحركة التي كان الشبان الحمساويين يرددونها في اعتصاماتهم ومظاهراتهم وبعد صلاتهم وفِي كتاباتهم على الجدران في الضفه والقطاع خلال سنوات الانتفاضة الاولى… هذا ما زرعه الاخواني الحمساوي في بدايته واكمل هذا المشوار العنصري، مَن انشق عنهم لاحقا من تيارات سلفيه في قطاع غزة وأضمر النار في الكنائس هناك …وهذا ما نحصده اليوم من قناة الأقصى … من شب على شيء شاب عليه !
اخوتي في حركة حماس، انا اعرف ان اكثرية ساحقة منكم، جذورها فلسطينيه اصيله وفِي شرايينكم تجري دماءاً فلسطينيه حمراء ساطعه كشقائق النعمان في جبال الجليل … لا تتركوا ساحتكم وفصيلكم لتيار الاخوان الناقم… انتم اولا فلسطينيون وثانياً عرب قحطانيون وأخيرا انتم مسلمون من ملة الرسول العظيم محمد صلعم.
الاخوان الذين كشفوا عن وجههم الحقيقي في مصر وتونس وسوريا، هذا الوجه المعادي للعروبة والقوميه والوطنية كان دخيلا على اوطاننا، مزورا للإسلام دين الرحمة والتسامح، مأجوراً لتخريب الوطن العربي وأمة عيسى ومحمد، اصبح منبوذاً عارياً … فهل تفقهون؟
انتم في حركة حماس لم تعودوا صبياناً طائشون كما كنتم في سنواتكم الاولى … الان اصبحتم في الثلاثين من العمر … عمر الوعي الكامل … نظفوا عقولكم وحركتكم وصفوفكم من شوائب الاخوانية الدخيلة … اسمعوا الى صوت البصيرة المنفتح في صفوفكم … اسمعوا الى الدكتور احمد يوسف وامثاله … تحرروا من تيار الاخوان المزور لفلسطينيتكم وعودوا الى حضن فلسطين الى رحم الوطنيه … اضربوا بسيف شعب فلسطين وارموا بسيف الاخوان على مزبلة التاريخ .
شعب فلسطين، يا اخوتي في فضائية الأقصى وفِي حركة حماس يفتخر بأبناءه من ملة سيدنا المسيح عليه السلام… شعب فلسطين يفتخر بالمفكر القائد نايف حواتمه اطال الله عمره ويعتز بسينديانة القوميه الوطنيه الدكتور جورج حبش والقائد العصامي طلعت يعقوب رحمهم الله… شعب فلسطين يزين تاريخه بالقادة الجبارين، بزيوتونات الصمود الرفاق أميل حبيبي وأميل توما وتوفيق زياد الذين روى دمهم الطاهر ارض الجليل المغتصب … ابناء شعبنا الفلسطيني يفتخرون بابنهم المرحوم البروفسور ادوارد سعيد ويعتزون بابن فلسطين البار البروفسور ايليا زريق وثلة كبيرة من أمثالهم… فلسطين شعباً وقيادة تنحني إجلالا لحامي القدس والأقصى الحقيقي المطران حنا عطا الله .
عليكم اخوتي في حركة حماس ان تعوا وتدركوا ايضاً بان التاريخ لا يزور بالدعاية والعنجهيه الاعلاميه… التاريخ ذاكرة الشعوب ولا يمكن حجب ضوءه الساطع بغربال … تاريخ النضال الفلسطيني المقاوم الحديث بدأ في قرية عيلبون المسيحية في ارض الجليل الطاهرة عندما كان الاخوان في فلسطين منشغلون في بناء المساجد وفتح مدارس تحفيظ القرأن مبتعدين عن النضال ضد المحتل المغتصب… حتى فقتم من سباتكم الايدلوجي بعد أربعين عام.
وفِي النهاية لا بد ان اذكركم في حركة حماس وفِي فضائية الأقصى بان نحن الفلسطينيون القابضون على الجمر في الداخل الفلسطيني في الجليل والمثلث والنقب … نحن أيقونة الصمود والتحدي منذ سبعون عام ونيف… نحن ندين بحياتنا للكنيسه التي ولدنا في مستشفياتها بالناصرة وتعلمنا وتخرجنا من مدارسها وتتلمذنا الوطنيه على يد ابناءها الذين رفعوا راية الوطنيه والصمود على ارض اجدادنا منذ اليوم الاول لاغتصاب فلسطين.
الاعتذار عن الخطأ المشين بحق اخوتنا الفلسطينين من ملة سيدنا عيسى عليه السلام لا يمكن ان يتم بجمله باعلامكم المؤدلج … اثبتوا لنا ان سيفكم فلسطيني وهمكم فلسطين وشعب فلسطين … كل شعب فلسطين… ارفعوا الصليب على بيوتكم ومراكزكم وبسياراتكم ومكاتبكم الى جانب الهلال … ولا تنسوا ان ابناء فلسطين من المسيحيين لا يحتاجون الى صك غفران حمساوي لإثبات فلسطينيتهم … هم ليس تاج راس الشعب الفلسطيني فقط… هم زمرد التاج .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق