اختلف المحللون والمراقبون السياسيون فى ما ينوى عليه اردوغان من تواجد قواته فى شمال شرق حلب ، خاصة بعد اعلان ترامب سحب قواته منها وعبارته التى أدلى بها الى اردوغان بأن هذه الأراضى هدية لك ، وكأن الأرض أرضه والمال ماله ويوزعه كيف يشاء على من يحب .
هذه التصرفات الأستعلائية من ترامب جعلت المحللون ينقسموا فيما بينهم الى قسمين ، القسم الأول ينفى تماما أطماع أنقرة فى احتلال هذه الأراضى التى وهبها له ترامب والمكوث فيها معللين ذلك بنتائج المباحثات التى تمت فى سوتشى وأستانة بينه وبين بوتين وروحانى ، على عدم المساس بسيادة سوريا وعدم التفكير فى تقسيم أراضيها واستجابة لطلب الأدراة السورية بأن تسحب كل من واشنطن وأنقرة قواتها من هذه الأراضى التى تم دخولها دون اذن السلطات السورية أو السماح لهم بذلك ، مما يجعله فى شكل احتلال ، وعليهم الأنسحاب منها سلما أو حربا .
الا اننى أرى أن هؤلاء المراقبون يضعون كل ثقتهم فى الحاكم التركى الذى يتناقض فى تصريحاته بين عشية وضحاها مثله مثل ترامب الذى لايعرف غير لغة المال والأخذ دون عطاء وتغليب مصالحه على مصالح الآخرين حتى لو أدى ذلك الى التخلى عن الحلفاء دون سابق انذار، وهذا ما حدث مع الفصائل الكردية المنشقة والتى تطالب بالأنفصال من الحكومة المركزية السورية تلبية لأملاءات واشنطن ، التى اعتبرت ذلك علة فى تواجدها بهذه الأماكن الماكثة فيها الآن حتى اعلان عنوة دون اذن السلطات السورية ، بجحة أن الكرد السوريون هم الذين طلبوا مساعدة القوات الأمريكية وامدادهم بالتدريب والسلاح لتمكينهم من اقامة دولة على الشريط الحدودى لنهر الفرات ، الا أن قرار ترامب بالأنسحاب كان بمثابة القنبلة التى أدمت نفوسهم بعد أن أمدتهم بالأسلحة الثقيلة والأكثر تكنولوجيا ليتقاتلوا بها ضد القوات التركية واذا لزم الأمر كما فى اعتقاده ضد الجيش العربى السورى وهذا الذى لم يحدث على الأطلاق .
هذا ما يؤكده القسم الثانى من المراقبين الذين يرون أن القوات الكردية المنفصلة بعد تخلى ترامب عنهم وأمام هذه القوات والعتاد التركية ، ليس أمامهم الا الرجوع الى حضن الدولة وتسليم كل القرى والمدن التى تحت حوزتهم الى الدولة المركزية ورفع العلم السورى على كل الهيئات والمؤسسات التابعة للدولة ، وهم الذين يرون أن القوات التركية ليس لها أى أطماع فى سوريا وضد تقسيمها كما قال البعض ، حيث أنهم عللوا ذلك وفى وجود هذا الحشد الهائل من القوات التركية على الحدود السورية التركية برغبتهم فى ابادة ماتبقى من داعش ومن القوات الكردية التى تطالب بالأنفصال عن الدولة الأم واقامة دولة على طول الساحل الحدودى بين سوريا وتركيا كما خططت واشنطن ، وهذا ما يخالف المنطق والعقل ، فاردوغان اذا ما تغافلت كل من الأدارة السورية وحلفائها وتركت له الفرصة للدخول الى نهر الفرات بعد انسحاب القوات الأمريكية وتمدده فيها بحجة هذه الزرائع الواهية ، فلن يخرج منها بسهولة ظنا منه أنه يعيد حلم أجداده بالأستيلاء على أجزاء من الدولة السورية والعراقية كانت تحت السلطنة فى العصور السابقة الا بعد نشوب حرب طاحنة بينه وبين الجيش العربى السورى والمقاومة التى حررت كل محافظات سوريا وأخرجت كل الجماعات التكفيرية من كل هذه المناطق المحررة ، والخشية أن اطالة هذه الفترة القتالية حتى تجبر القوات التركية على الأنسحاب وبعد أن تكون ملاين من المسلمين قد استشهدوا وهذا ما ترغب فيه الصهيوامريكية وما خططت له من وقت اصدار كتاب كسنجر الذى أورد فيه غزو العراق ليكون مفتاحا لأجتياح الشرق الأوسط والخلاص من أكبر قدر من المسلمين ، وهذا ما أدى الى اشعال واشنطن الى الحرب المدمرة بين العراق وايران والتى استمرت ثمان سنوات ، استشهد فيها ملايين غير الجرحى والمعتقلين والنازحين وأطلق عليها حرب الخليج الأولى ، ثم تبعها حرب الخليج الثانية التى كانت زريعة كبرى لغزو العراق سنة 2003 بعد زريعة الكيماوى والنووى الذى يمتلكه صدام لتهديد أمن العالم ، وبعد أن فشلت فى العراق وأفغانستان لتحقيق خارطة الشرق الأوسط الجديد ، جاءت حرب لبنان تكملة للمخطط الذى أفشلته المقاومة اللبنانية وجيشها بالكيان الأسرائيل الذى حدد ثلاثة أسابيع للقضاء على المقاومة واعلان خارطة الشرق الوسط الجديد فى 2006 ، فما كان أمامهم غير هذه الحرب الكونية على سوريا بجماعات تكفيرية تدعى الأسلام من كل دول العالم شمالا وجنوبا ، بعد امدادهم بالسلاح والتدريب والعتاد والمال الذى ساهم فيه كل دول الخليج حتى يتمكنوا من اسقاط النظام فى سوريا وتقسيمها ويمتدوا بعدها من تقسيم وتجزئة الوطن العربى وفرض الشروط بالتبيعية الكاملة للكيان الصهيونى واعلان الدولة اليهودية وتمرير صفقة القرن بالقضاء على فكرة اقامة دولة فلسطسنية على ألأن تكون عاصمتها القدس ، وتهجير الشعب الفلسطينى الى أرض بديلة تقام عليها دولتهم ، وساعد فى ذلك بعض ملوك وأمراء خليجين وعرب الا أن استطاع الجيش السورى والمقاومة افشال هذا المخطط وهزمت كل من واشنطن والكيان الصهيونى وكل الدول التى شاركت فى هذا المخطط غربا وشرقا وانتصر محور المقاومة على المحور الآخر ، مما دعى اعلان ترامب بسحب قواته خوفا من اجبار المقاومة على اخراجه بالقوة وترك الساحة لأنقرة لملئ الفراغ حتى لو أدى ذلك الى اشتعال الحرب بين الجيش السورى والقوات التركية أو بين تركيا والقوات الكردية أو بينهم جميعا ، فكل ما يريده هو هدر دماء المسلمين من كل المذاهب والطوائف الأسلامية .
انتصرت سوريا وانكسرت شوكة المعتدين على أعتاببها وحدودها كما انتصرت من قبل على التتر والمغول والصليبين وكل من عداها ، انتصرت وستنتصر على تركيا اما بالسلم أو بالحرب خاصة بعد عودة الدول العربية واعادة فتح السفارات والخطوط الجوية والعلاقات الدبلوماية والأقتصادية والسياسية بينهما ، وكذلك الدول الغربية التى تطلب عودة علاقاتها مع سوريا .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق