قبل عدة سنوات بعثت مقالاً إلى الباحث والمؤرخ الإيراني ناصر انقطاع في التلفزيون الوطني الإيراني المعارض في كاليفورنيا، بعنوان "كابونات رفسنجاني" حول نهب ثروات الشعب الإيراني بواسطة القادة اللصوص والمجرمين في عصابة ولاية الفقيه، وخصوصاً الملا المحتال هاشمي رفسنجاني، وعن الفقر وضيق الحال الشعب الإيراني.
بعد حوالي شهر من إرسال المقال اتصل بي أحد أصدقائي في البحرين، وقال إن السيد انقطاع قرأ مقالي في برنامجه على التلفزيون الوطني الإيراني وأثنى عليه.
ثم بواسطة ناصر انقطاع تعرفت على الفتاة الإيرانية المناضلة نسرين محمدي، التي لجأت إلى ألمانيا بعد اعتقال أشقائها، منوشهر واكبر ورضا محمدي، ومطاردات قوات الأمن عصابات الملالي لها. وبعد مراقبة ومضايقة عناصر من استخبارات الملالي الذين كانوا ينتشرون في البلدان الأوروبية آنذاك، غادرت نسرين ألمانيا وهاجرت إلى الولايات المتحدة.
في الولايات المتحدة واصلت اتصالاتي مع نسرين محمدي التي عرفتني على أسرتها في مدينة آمل الإيرانية قرب بحر قزوين، حيث كنت اتصل بعائلتها وأتحدث مع والدها محمد محمدي، ووالدتها وأشقائها، وخصوصاً شقيقها أكبر محمدي، الذي قال لي بأن تم طرد شقيقه رضا محمدي من العمل بسبب معارضة عائلتهم لعصابة ولاية الفقيه!؟.
كما أهدتني نسرين محمدي كتاب مذكرات اكبر محمدي عن السجن: "انديشه وتازيانه" (الفكر والسوط)، الذي تم ترجمته إلى الانجليزية في الولايات المتحدة.
في أحد الأيام تحدثت إلى أكبر محمدي عن أنشطته السياسية وصموده ضد نظام عصابات الملالي الإجرامية، وعندما وصفته برجل شجاع ومناضل، رد عليّ قائلاً: "أنا مجرد قطرة واحدة من هذا البحر الصامد!".
لن أنسى أبداً التفاني والتضحيات التي قدمتها عائلة محمدي وخصوصاً اكبر محمدي من أجل إيران والشعب الإيراني. أقوال اكبر محمدي تذكرني بدفاعيات "خسرو روزبه" أحد المناضلين الإيرانيين البارزين في "محكمة الـ53" قبل نحو 80 عام. عندما سأله القاضي ، ما كنت تعلم بأن الطريق الذي سلكته سيجلبك إلى السجن والإعدام؟، فرد خسرو روزبه على القاضي مع بيت لقصيدة الشاعر الكبير سعدي الشيرازي " لا تذهب إلى البحر، قلت لك محذراً... حتى لو ذهبت أودع نفسك للعاصفة!".
إيران حاضنة الأبطال، التي ولّدت في اللحظات الحاسمة من التاريخ، آرش كمانگير، مازيار، كاوه الحداد، وبابك خرمدين، في القرن العشرين كان الشعب الإيراني شاهداً على ولادة بطل آخر يسمى "اكبر محمدي"، الذي ضحّى بحياته وناضل ضد الحكم الاستبدادي للملالي اللصوص والمجرمين، واستشهد في سبيل عزة وطنه والشعب الإيراني!.
كلما يخطر في بالي اكبر محمدي، أتذكر الشعر المعروف للشاعر الفارسي الكبير سعدي الشيرازي: يا سعدي الرجل الطيب السمعة لا يموت أبدا.. الميّت هو الذي لا يذكرونه بخير".
في الختام أقدم لكم مقطع من قصيدة الشاعر سياوش كسرائي: "آرش كمانگير" ذو صلة بالموضوع:
نعم، نعم، الحياة جميلة وأبدية
كموقد النار المشتعلة، إذا أشعلتها
تظهر شعلتها الراقصة في كل بقعة
وإلاّ أخمدت، والخمود ذنبنا
واكبر محمدي كالجذوة استطاع أن يشعل أنحاء إيران مع استشهاده، حتى يحرر الشعب الإيراني من براثن الشياطين والظلمات وينقله إلى عالم حر ومستنير.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق