نصر الله وخارطة معالم الطريق/ راسم عبيدات

إطلالة سماحة السيد حسن نصر الله على فضائية الميادين وحواره المطول لمدة ثلاث ساعات بعد غياب دام شهرين، سرت فيه الكثير من الشائعات حول صحته وأسباب غيابه ولتجيء اطلالته عالميادين نافية الأكاذيب حول صحته...وفي حواره على الميادين وجدنا انه رسم معالم طريق للمرحلة القادمة وقدم رؤيا وتحليل معمقين حول الأحداث والتطورات في المنطقة مدعمة بالحقائق والوثائق ....وانا سأحاول التركيز على بعض ما ورد في حوار السيد نصر الله،والذي حظي حواره بالمتابعات والمشاهدات والتحليلات من الصحافة الإسرائيلية والعالمية بشكل غير مسبوق،وحتى بعض قنوات التلفزة الإسرائيلية نقلت جزء من فقراته مباشرة،والتعتيم والتجاهل من قبل العديد من الفضائيات العربية،نتاج ان هذه الأنظمة تدرك بان شخصا بحجم السيد نصر الله يكشف عوراتها وعمق ازماتها وخضوعها وإرتهانها للقرار الأمرو صهيوني ....نصر الله سحب البساط من تحت أرجل نتنياهو المثقل بالأزمات،والذي حاول من خلال ما سمي بدرع الشمال والغارات الجوية على سوريا ان يثبت للإسرائيليين بأنه المنقذ لدولة الإحتلال،وهو البطل القومي ،حيث أكد ان نتنياهو يكذب في قضة الأنفاق وبعض الأنفاق المكتشفة يعود لثلاثة عشر عامٍ ماضية، وأعتمد سياسة الغموض البناء حول وجود الأنفاق،وان نتنياهو خرج لهذه العمليات سواء ما سمي بدرع الشمال او الغارات على سوريا بدافع مصالحه الشخصية والحزبية الضيقة،وبالتالي يعمق من ازمة الإسرائيليين وهوسهم النفسي،بقوله بأن الحزب بات يمتلك الصواريخ الدقيقة القادرة على ضرب الأهداف العسكرية والمدنية الإسرائيلية على طول مساحة فلسطين التاريخية ،بما يشمل قواعد عسكرية،مطارات عسكرية ومدنية،مفاعل نووي،محطات مياه وكهرباء وحاويات امونيا وغيرها .وان الصواريخ غير الدقيقة الموجود لدى الحزب ،تعني بان نتنياهو سيتخذ مستوطنيه دروعاً بشرية لتلك الصواريخ،ومن هنا نصر الله سيد الحروب النفسية ألب الرأي العام الإسرائيلي على نتنياهو ...وكذلك نصر الله اكد على أن عملية الدخول الى الجليل،جزء من استراتيجية الحزب،وفي أي حرب تشن على لبنان،او القيام بعمليات اغتيال لقيادات الحزب في سوريا او شن حرب على سوريا،فمعنى ذلك ان الحزب سيرد على ذلك،كرأس جسر لمحور المقاومة الممتد من طهران حتى فلسطين،والدخول الى الجليل لن يكون من خلال بضعة أنفاق،بل سيكون عبر الحدود الممتدة لمئة كيلو متر، ولم ينس نصر الله التأكيد على أن سوريا انتصرت وتعافت،وبأن لديها شبكة دفاع جوي متطورة،وهي قادرة على لجم أي عدوان جوي عليها ،وبان قواعد الإشتباك الأن تغيرت،بحيث سيجري ترسيخ معادلة مطار بمطار والرد على القصف الإسرائيلي،وهذا لمسناه في تصريحات قائد فيلق القدس قاسمي سليماني وبشار الجعفري مايسترو الدبلوماسية السورية ورئيسها في الأمم المتحدة....وأيضاً تحدث نصر الله عن ان شرارة الحرب قد تندلع في أي لحظة نتيجة أي خطأ او حماقة يرتكبها نتنياهو الباحث عن مصالحه ،سواء هنا او في قطاع غزة او سوريا...ولم ينس القول بأن غزة لديها الجهوزية العالية على الرد،وبان الحصار والتجويع،لن يفجر القطاع داخلياً،بل نحو العدو الإسرائيلي ....ونلمس كذلك من حوار السيد نصر الله بان هناك ترابط بين حلقات قوى المقاومة،والرد على أي عدوان سيكون على شكل محور،وليس ترك اسرائيل تنفرد بهذا الطرف أو ذاك، وبأن الإنسحاب الأمريكي من شمال شرق سوريا،هو نتاج الصمود والإنتصار السوري،والهزيمة الأمريكية حصلت،وامريكا تعمل على سحب قواتها،ليس من سوريا،بل من افغانستان،وستليها العراق ...وبذلك هذا الإنسحاب يسقط الحديث عن مناطق آمنه لتركيا داخل الأراضي السورية،والحل الأمثل لتركيا العودة الى اتفاقية أضنه مع سوريا عام  1998 فهي تشكل لها حماية لأمنها ولحدودها واستقرارها،وعليها أن تتخلى عن أطماعها وسياستها العدوانية تجاه سوريا والعراق..وحول صفقة القرن أكد نصر الله على أنه جرى تجميدها،لكون الضلع المكلف بترويجها وتسويقها محمد بن سلمان،يعاني من مأزق وأزمات تحاصره محلية وعربية وخارجية.

وهناك نقطة جوهرية تحدث عنها السيد نصر الله في غاية الأهمية،بأنه عندما زار الزول البشير دمشق،قلنا انه لم يأت بقرار ذاتي،بل الهزيمة الأمريكية ومشروعها في المنطقة ،هو الذي دفع العرب للهرولة نحو دمشق،ولذلك هو جاء يحمل رسائل لدمشق  من المشيخات الخليجية ،وفي المقدمة منها السعودية،حيث حمل رسالة للقيادة السورية للتقدم بطلب للعودة الى الجامعة العربية،وليأت الرد السوري،بأن سوريا لم تخرج من الجامعة العربية،وبان من اخرجها عليه أن يعيدها،سوريا ثمان سنوات بقيت ثابتة على مواقفها،متمسكة بعزتها وكرامتها وهويتها،ولا تساوم على مواقفها.

لا أريد التطرق الى ما ورد في حوار السيد نصر الله عن الوضع الداخلي اللبناني،فدائماً يترفع السيد نصر الله عن صغائر الأمور،والمشاغبات التي تأتي من صبيان ومراهقي الرابع عشر من آذار وفي المقدمة منهم سعد الحريري وجنبلاط،فالسيد نصر الله يترفع عن صغائر الأمور.

نصر الله رسم معالم طريق للمرحلة القادمة،مرحلة ينكفء فيها الدور الأمريكي في المنطقة ويتراجع،يفشل المشروع في سوريا والعراق ويهزم، ولتطال الهزيمة لهذا المشروع الحرب العدوانية على اليمن،وكذلك العقوبات الأمريكية على ايران تفشل وتتآكل،ونحن واثقون بان المشروع الأمريكي،بحصار وتجويع فنزويلا،ومحاولة زعزعة استقرارها وتغيير نظام حكمها ستفشل، فشعب فنزويلا وجيشها يلتف حول قيادتها الشرعية،وبأن تعيين أمريكا ل "دمى" تابعة لها من أمثال خوان غويدو كرئيس مؤقت لفنزويلا والإعتراف به وحكمه من قبل ترامب،والتهديدات الأوروبية الوقحة للرئيس الشرعي نيكولاس مادورو بإجراء انتخابات خلال ثمانية أيام،وإلا فإنها ستعترف بغويدو رئيساً  لفنزويلا، يثبت بأن الرأسمالية المعولمة والجشعة،مستعدة في سبيل مصالحها،ان تدوس على الشعوب والدول التي تخرج عن إرادتها وطاعتها،وترفض شروطها وإملاءاتها،وفنزويلا قيادتها الثورية تعرضت أكثر من مرة للإنقلاب والمؤامرات الأمريكية ،والتهديدات بالغزو والتغيير،تحت ذريعة ويافطة الديمقراطية الزائفة،والهدف الرئيسي نفط فنزويلا ومواقفها الصلبة في عدم الرضوخ للشروط والإملاءات الأمريكية ،وستخرج فنزويلا من محنتها وستنصر على القوى المأجورة بإخلاص وثبات قيادتها والتفاف شعبها وجيشها حولها،ودعم الدول الكبرى الصديقة مثل روسيا والصين وايران والهند وغيرها ...فالسقوط المدوي للقرار الأمريكي حول فنزويلا ب" الفيتو" الروسي- الصيني المزدوج،يثبت بان العصر الأمريكي قد ولى ،ويبزغ فجر عهد جديد لحرية الشعوب والدول الحرة من سطوة القرارات الأمريكية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق