خلافاً لعاداته المألوفة، أطل القمر بوجه عابس ونور ضئيل، عاقد الحاجبين، حزيناً وصامتاً. ما اجمل السكون في هذه اللحظة المؤلمة. يلفنا بمنديل حنان لنشعر بالامان والسلام.
اشرف الليل على النهاية ورقدت نيران العشق في حنايا الموقدة. ما ابهى الأمل الذي يتهادى على النفس ليعطيها القوة والمثابرة على العطاء. يتيماً انتَ يا ليلْ- ولم اليتمُ؟.. تعانق نشوى الصباح والندى يتراقص دلعاً ويقطر حباً من حولك- ثم تقبع خجلاً في زوايا ايكك المهجور، لتستيقظ مجدداً عند مناجاة الحبيب - تؤنس عزلته، وتنير قنديله المتيم شوقا.
الهواء بارد والجرح عميق - انه ألمُ الفراق الذي يثقل الروح. الشوق قاتل والعشق مرير. لقد اتعبني البعد وانهكني الفراق. لم البعد؟.. ولما الهرب من قلب المتيم؟.. هذا القلب الذي شرع ابواب عشقه لحبيب العمر تيمنا بحب جارف و صادق. الريح هوجاء تشرد المراكب، والليل داكن وحزين يلملم اوراق ايلول الصفراء التي شردها نسيم الشوق زارعا في حنايا قلبها املاً مبهما بلقاء الحبيب. آه منك يا ايلول. كم اوقفتني على مشارف صرحك اناشد الزمن متسائلة عن مصير مجهول.
آه يا قلب - كم جرحني كبرياؤك واذلني اخلاصك. شعورك الصاخب يؤلمني. انه رياح هوجاء تعانق الصخور المجمدة بالماضي غير آبهة بتقاسيم الزمن. اين ورود العشق التي عطرتني بها؟.. لا يزال رحيقها العذب ينعش حنايا روح زنرها العشق واضناها الفراق. اين الوعود التي امطرتها حباً على ابواب الزمن؟.. لم القَ من تلك الورود والوعود سوى احلامٍ حلقت عالياً في سماء عشق سرمدي حالمة برسالة كتبت بدموع الحب وحنان الشوق لتبشر بامل اللقاء بالحبيب.
لقد انطفأ القنديل، واتكأت الورود حزناً على حافة المنزل. لم يعد للعشق مكان - ولن يبصر النور . لقد اطفأتُ السراج وهدمتُ السياج ،وطويتُ صفحة الزمن. اجل - لقد رحل القمر الى كنف اخر ليضيء نور عشقه على زوايا جدرانه الدافئة. لن اعود اليك -وسابحث عنك في سراديب الزمن- لن انساك و لا اريدك -لن اكون لك -انت وحدك لي- لن اقضي بقية عمري معك و لا استطيع العيش من دونك -انت حياتي ومماتي- انت سعادتي و تعاستي - اكرهك واحبك- اريدك وارفضك- اهرب منك لالقاك بشوق مجدداً- افتش عنك في حنايا قلبي- في ابيات شعري- في حروف العشق- في جدران ايكنا المهجور- إلاَ يَدَاكَ لم تلامس حجارته.
اجل انسني- اريدك ان تنساني- لكن حاول انت تتذكرني- اتركني للزمن بعدله وظلمه، و اصغِ الى دقات قلب لفه الوجد وتيمه العشق ، فالأمل يشرق مع اطلالة فجر بهي ليذكرنا بموعد الحب و ترنيمة سحره. اجل لا بد من لقاء حميم يمحو المآسي ويرنم للحب ، ثم يزف نيران عشقه على جناح نسمة خجولة تطايرت مع اوراق الحب ،ومع نغمات الوجد، معلنة انصهارها للحب السرمدي وللعشق الازلي .طائر الحب يبقى دوماً محلقاً في اعالي الروح، ولا ينحني الا لزهرة خجولة انتظرت بفارغ الصبر ان تقطفها يداه، لينعم برحيق عطرها المفعم بنار العشق المتيم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق