صدرت عن منشورات الزيزفونة لتنمية ثقافة الطفل في فلسطين عام 2018م نصوص للكاتب شريف سمحان تقع في 64 صفحة من القطع المتوسط، صورة الغلاف للفنانة العراقية: وسماء الآغا
البوح هو عزف على وتر حساس ، يأتي من الداخل أحياننا للحظات التجلي، واحياننا اخرى تعبير عن ضجر داخلي وغالبا هو مكاشفة بين الذات والآخرين.
استخدم الكاتب لغة تتميز بسهولتها نصوص واضحة الفكرة والدلالة بلا تعقيد ومستساغة من جميع القراء، بجمل انسيابية مترابطة الافكار، تجعل القارئ جزء من النص، يتخيل .. يحلم.. يسافر ... ويرتطم بالواقع الأليم.
العلامة الفارقة في النصوص هي المرأة وحضورها وأثرها
هي حبيبة ليست كسائر نساء الارض يبحث عنها الكاتب في كل النساء وفي خياله أجمل من الواقع يلتقي بها فيسألها: من أنتِ؟
هي الشروق ونسمة الصباح، هي احتضان العالم وعناق يضم الكائنات، هي الاريج الذي يقوده وهو مغمض العينين، ما زالت جميلة، قادرة على إصابة البحر بالدوار أو الجنون
لكنها امرأة من خيال، يتوه فيها ومعها حين السحّر، هي طيف، تأتي على حين غفلة، هي جنون الكاتب الذي يخشى الاقتراب منه ، وبعدها يزيدها جمال ص32 يكرر الكاتب " وبعدنا الطوفان صفحة 17 وصفحة22 دلاله على رغبه الشديدة لتلك المرأة.
فمن هي المرأة في منظور الكاتب شريف سمحان؟
هي الحياة بدلالاتها، كما يراها الكاتب وكما يتمناها، حياة شفافة رقيقة جميلة ، يطمئن الكاتب فيها ومعها، وما التاج الذي يستدعيه الكاتب بتلك المرأة إلا الأخلاق التي ينادي فيها لحياة كريمة .صفحة 31
العقل الباطن للسارد يتحدث عن اسباب تمسكه بالحياة وبحثه عنها، لكي يبرهن لمن يعيبوا عليه اختلافه جمال الحقيقة ووضوح المواقف بين ابيض واسود، وقد اختلفت المعايير لدرجه انه اصبح وحده المختلف، هو واحد من الناس يريد أن يرتاح من ارهاقه، على استعداد ليقدم عمره لمن يريحه من تعبه ، فمن يحرره وقيده داخله لقد قيدته مشاعره ورهافة احساسه . ص 33 يذكرني بما قاله نزار قباني: أنا متعب ... ودفاتري تعبت معي هل للدفاتر يا ترى أعصاب؟
يكتب شريف سمحان نصه لماذا عدت؟ ليضعنا أمام تساؤلات بيضاء ، يذكر اماكن واسماء وافعال ليكون الجواب: كل ذلك حين غيرنا الكفاح المسلح ص 39،وينهي بعد الجواب بتساؤل عن مستقبل الأجيال: أي مستقبل ينتظره أطفالنا ونحن نعيش في متاهة دون بارقة أمل ص41، هو يحملنا ذنب الأجيال القادمة ، يُشعر القارئ بخطورة تلك التراكمات ، فكما هو العمران زحف بلؤم على ما تبقى من كروم الزيتون، والتين والكرمة ، تزحف المفردات مثل " الصهاينة واسرائيل" على ادمغة اطفالنا.
يوجه الكاتب كلمة أخيرة الى منّ يتربصون به يقول: كل ما ذكرته هلوسات فلا تقرؤوها، والكاتب ليس إلا قلم الضمير الذي يتربص له المعارضون ، فلماذا يقول لا تقرؤوها وهو على يقين انهم قد قرؤوها، وما معنى القراءة لنص من قِبل شخص متربص للمعنى ؟ معارض للفكرة ، هي بضع كلمات بدلالة رمزية عميقة .
اما المكان في مدى يتسع للبوح ..لا يبعد القارئ عن كونه جزء من النص ، هناك مقهى أو بحر او مرفأ أماكن عامة تتسع لقلم الكاتب ولفكر القارئ ، وحين يذكر رام الله وحيفا ويافا عكا يسافر القارئ بلا طائرة مع الكاتب. ويبقى الحلم فلسطين .
العمل في الزيزفونة مع الأطفال، قد أكسبه ثوابت التربية السليمة، ومفردات الأخلاق الأصيلة ، حتى عندما كتب عن رغبة المرأة كتبها بطريقة مهذبة وأظهر حقها في الحياة باسلوب يستدعي عاطفة القارئ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق