منذ تولى الرئيس جونسون رئاسة البيت الأبيض بدأت العلاقات الحميمة بين كل من واشنطون والرياض مع الملك فيصل ، الأمر الذى أدى الى تبادل الرسائل السرية للغاية بين كل من البلدين حتى وقتنا هذا ، وتوطدت العلاقات أكثر وأكثر فى عهد الرئيس ليندون جونسون – ليبعث له بهذه الرسالة الملك فيصل قبل حرب 1967 ، وهذه الرسالة منشورة فى كتاب ( عقود من الخيبات ) للكاتب حمدان حمدان الطبعة الأولى عام 1995 من دار بيسان من صفحة 489 الى 491 وهذه الرسالة تعتبر وثيقة حملت تاريخ 27 ديسمبر 1966 الموافق 15 رمضان 1386 هجرية كما حملت رقم 342 من أرقام وثائق مجلس الوزراء السعودى ، وهذه نص الرسالة .
عن كل ما تقدم يافخامة الرئيس ، ومما عرضناه بايجاز ، يتبين لكم أن مصر هى العدو الأكبر لنا جميعا ، وأن هذا العدو ان ترك يحرض ويدعم الأعداء عسكريا واعلاميا ، فلن يأتى عام 1970 – كما قال الخبير فى ادارتكم السيد كيرميت روزفلت – وعرشنا ومصالحنا فى الوجود ....
لذلك فاننى أبارك للخبراء الأمريكان فى مملكتنا ما اقترحوه ، لأتقدم بالأقتراحات الآتية :
أن تقوم الولايات المتحدة الأمريكية بدعم اسرائيل بهجوم خاطف على مصر تستولى به على أهم الأماكن الحيوية فى مصر لنضطرها بذلك ، لا لسحب قواتها صاغرة من اليمن فقط ، بل باشغال مصر باسرائيل عنا مدة طويلة لن يرفع بعدها أى مصرى رأسه خلف القناة ، ليحاول اعادة مطامع محمد على وعبد الناصر فى وحدة عربية ، بذلك نعطى لأنفسنا مهلة طويلة لتصفبة أجساد المبادئ الهدامة ، لا فى مملكتنا فحسب ، بل وفى البلاد العربية ومن ثم بعدها ، لا مانع لدينا من اعطاء المعونات لمصر وشبيهاتها من الدول العربية اقتداءا بالقول ( ارحموا شر قوم ذل ) وذلك لأتقاء أصواتهم الكريهة فى الأعلام .
سوريا هى الثانية التى لايجب ألا تسلم من هذا الهجوم ، مع انقطاع جزء من أراضيها كى لا تتفرغ هى الأخرى فتندفع لسد الفراغ بعد سقوط مصر ، ولابد أيضا من الأسيلاء على الضفة الغربية وقطاع غزة ، كى لا يبقلى للفلسطينين أى مجال للتحرك ، وحتى لا تستغلهم أى دولة عربية بحجة تحرير فلسطين ، وحينها ينقطع أمل الخارجين منهم بالعودة ، كما يسهل توطين الباقى فى الدول العربية .
نرى ضرورة تقوية الملا مصطفى البرزانى شمال العراق ، بفرض اقامة حكومة كردية مهمتها اشغال أى حكم فى بغداد يريد أن ينادى بالوحدة العربية شمال مملكتنا فى أإرض العراق سواء فى الحاضر أو المستقبل ، علما بأننا بدأنا منذ العام الماضى 1965 بامداد البرازانى بالمال والسلاح من داخل العراق ، أو عن طريق تركيا وايران .
يافخامة الرئيس : انكم ونحن متضامنين جميعا سنضمن لمصالحنا المشتركة ولمصيرنا المعلق ، بتنفيذ هذه المقترحات أو عدم تنفيذها ، دوام البقاء أو عدمه .
أخيرا أنتهز هذه الفرصة لأجدد الأعراب لفخامتكم عما أرجوه لكم من عزة ، وللولايات المتحدة من نصر وسؤدد ، ولمستقبل علاقاتنا ببعض من نمو وارتباط أوثق وازدهار ,
المخلص / الملك فيصل بن عبد العزيز ملك المملكة العربية السعودية
كانت هذه نص الرسالة التى تلقفها رؤساء الولايات المتحدة بعين فاحصة واهتمام زائد ، لعلمهم أن ذلك ليس بجديد على العربان منذ أن قضوا كل حياتهم فى البادية كرعاة مرتحلين الى أن استتب بهم الحال بالجزيزة العربية ليتمكنوا من استيلاب الحكم من أيدى أصحابه بالقوة ، ثم ينسبوا اسم الجد الأكبر الى الأرض فتسمى " المملكة العربية السعودية " وليس ذلك بغريب عن الأمريكان ، أليس هم من ساهموا من قبل فى تفكيك الخلافة العثمانية التى كان من نتائجها اتفاقية (سايكس بيكو) فما هو الجديد فى أن يخططوا لزاحة مصر وسوريا والعراق لأنهاء القضية الفلسطينية وتمكبن الصهاينة من اقامة الدولة التى يحلمون بها من النيل الى الفرات ( اسرايل الكبرى ) .
أظن أن كثير من الكتاب والمثقفين وكثير من المهتمين بالشئون السياسية داخليا وخارجيا ولديهم العين الفاحصة قد عايشوا هذه الملحمة وتلك الخطط التى أسس لها العربان الذين نفروا من السادات واتهموه بالخيانة العظمى لأنه ذهب الى الكنيست وألقى خطابه عن السلام الذى هو فى مفهوم العروبين القومين الأستسلام فى العلن وعلى مسمع الجميع لا فى الخفاء ، فأى الفعلين يطلق عليه خيانة ، المعلن عنه أم ما هو مستتر غير معلن ، الكل لعن السادات وقاطع مصر وجمد عضويتها وتبرأ منها ، ثم عادوا لها صاغرين لأنهم ينفذون ما خططوا له من قبل مجيئ السادات بحرفية وكتمان بينهم وبين الأمريكان ، تجويع مصر وتقسيمها واحتلال أجزاء هامة من أرضها وانشغالها بحرب دائمة بينها وبين اسرائيل واضعافها اقتصاديا ، وليس هناك مانع من التعطف عليها ومنحها معونات تستتر بها ، وهذا بدأ مع السادات واستمر مع حسنى الى أن ظهر جليا للمثقف وغير المثقف ما وصلت اليه مصر من تدنى اقتصادى أدى الى ما هى عليه اليوم وتراكم الديون عليها داخليا وخارجيا يالترليونات .
الأرض التى استقطعوها لم تعود حتى اليوم وان كان عاد منها طابة وجزء من سيناء ، لكن حتى الأن يعملون على سحب الزعامة من مصر لتؤول الى الرياض ، فكان مهما جدا كما قالوا وفعلوا أن تتدنى قدرات سوريا وتشتبك فى حرب طويلة مع جيرانها حتى لا تفيق الى سحب الزعامة بعد أن تنتزع من مصر وتؤول لها ، وهكذا العراق التى شغلوها باقامة دولة كردية فى الشمال فلما قويت وتمكنت فى عهد صدام كان مرسوم لها أن يغزوها الأمريكان فى 2003 حتى لاتشكل خطرا على الصهاينة والرياض والخليج عامة ،( وقد وضحنا ذلك جيدا فى كتابنا الغزو الأمريكى للعراق مفتاح الأجتياح للشرق الأوسط عام 2017 دار نشر كتبخانة ) وقد تحقق لهم ما خططوه للعراق وسوريا ومصر وهاهى العراق تعانى اقتصاديا كما تعانى مصر ، وهاهى سوريا فى حرب قذرة منذ 2011 وكلما اطفئت نار الحرب أشعلوها من جديد لتصبح أكبر وأهم ثلاث دول فى الأقليم فى شغل شاغل بنفسها وتفسح المجال للزعامة وغير الزعامة للرياض التى تدفع مقابل ذلك لواشنطن مئات الترليونات لكى تبقى ملوكها على العرش أطول حقبة ممكنة ، لكن الى متى ؟ هذا ما يجب أن يسألوا به أنفسهم ، فالدوام لله وحده ، ولقد رأينا ما انتهت له الدولة الأموية والعباسية والعثمانية والمماليك وأكبر الأمبروطوريات فى العصور القديمة والحديثة وستلحق بهم الولايات المتحدة مهما علت فهى التى فككت الأتحاد السوفياتى وقضت على الأمبراظريات القديمة البرغال وهولندا والحديثة بريطانيا وفرنسا وألمانيا وأسبانيا ، وسيأتى من يفككها ويقسمها وكما ندين تدان .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق