الناظر في الحياة الثقافية والمشهد الإبداعي الادبي في البلاد ، يلاحظ التحول والتغير الذي طرأ على حالنا الثقافي مقارنة مع الماضي ، ويتمثل ذلك في بروز الكثير من الأقلام والأصوات النسائية التي أخذت دورها الايجابي الهام وتسهم في مجالات الأبداع المختلفة ، وتبادر وتشارك في مختلف الأنشطة والفعاليات الثقافية والأمسيات الشعرية والأدبية ، وهذه ظاهرة مباركة ومشجعة تستحق الثناء عليها والاشادة بها ، رغم التباين والفرق في المستوى الأدبي ، في حين كنا نفتقر للقلم النسائي في سنوات ماضية ، وعرفنا أسماء نسائية قليلة مع ما نلاحظه في الوقت الراهن ، فضلًا عن ازدهار وانتشار الكتابة للطفل ، التي تتراوح بين الكتابة الرائعة الناجحة ، وبين الكتابة السطحية التجارية التي لا تخدم الهدف التربوي المرجو .
وفي المقابل نرى احتجاب وغياب المجلات الأدبية والثقافية ، التي شكلت حاضنة للأقلام الأدبية والإبداعات والفنون الجميلة المختلفة والمتنوعة ، حيث توقفت عن الصدور مجلات " الجديد والغد الشبابية والشرق والموكب ومواقف ومشارف والأفق والأسوار وغيرها ، ولم يبق في الوادي سوى مجلة " الإصلاح " الثقافية المستقلة الصادرة عن دار " الاماني " في عرعرة ، ويشرف عليها ويحرر صفحاتها الأستاذ الكاتب ابن الخطاف مفيد صيداوي ، والتي تصدر بانتظام كل شهر ، رغم الامكانيات المحدودة ، وشح الدعم المالي وانعدام الميزانيات . وكذلك غياب الملاحق الأدبية والصفحات الثقافية في الصحف الأسبوعية المحلية ، وغياب المحرر الأدبي الضليع والمشرف الثقافي المتمكن كما عهدنا ذلك في سنوات غابرة ، وإن وجدت بعض النصوص والمقالات الأدبية فإن أول ما يطالها مقص الشطب أو التأجيل والحجب حين وصول الاعلان التجاري قبل ارسال الصحيفة للطبع .
هذا بالإضافة إلى انحسار بل انعدام الدعم من قبل المؤسسات العربية بكل تشكيلاتها وتنوعها ، عدا مشكلة نشر وتوزيع الكتاب المحلي ، فصاحب الكتاب هو الكاتب والممول والمدقق اللغوي والمصحح والمشرف على الطباعة والمراجعه والقائم على التوزيع ، الذي بات للأسف مجانًا واهداءات للمعارف والأصدقاء ، وكثيرًا لا يقرأ الكتاب من قبلهم ويوضع على الرفوف كأدوات الزينة إلى أن يتطاير الغبار منه .
عدا المنافسات السلبية والقيل والقال والنميمة والنفاق والدجل الثقافي السائد بين أهل الكتابة .
هذه هي الصورة الحقيقية للوضع الثقافي الحالي المتهالك الذي يترنح ، ويقود إلى الشعور إلى الإحباط وخيبة الأمل الذاتية ، الأمر الذي يحتاج للرعاية والاهتمام أكثر من قبل الناس والمؤسسات الثقافية والمجالس المحلية واتحادات الكتاب والأدباء ، التي لم تقم بدورها المرتجى في دعم واصدار الكتب والمؤلفات والنصوص الادبية ، ونتيجة انعدام الدعم هنالك العديد من الاعمال الأدبية المميزة ذات الجودة والمستوى الرفيع تبقى في الأدراج بفعل الحالة الاقتصادية للمبدعين ، وهم بغالبيتهم من الفقراء ويعانون شظف العيش حتى درجة " الإفلاس " ولا يجدون احيانا ثمن علبة السجائر والاوراق وقلم الباركر أو السائل الذي اعتادوا الكتابة بهما .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق