حتّى يُقالَ إلى الإنسانِ "إنسانُ"/ كريم مرزة الأسدي

هذه السنة قصيدتي عن (الإنسان)، والإنسانية)، تزاحم قصيدتي عن (العيد ) المناسبة... (حتّى يُقالَ إلى الإنسانِ "إنسانُ") قصيدة نظمت بمناسبة مرور خمسين عاما على تأسيس المنظمة العالمية لحقوق الإنسان (12 / 8 / 1998م) ،بطلب منها ، وألقيت في الحفل متصدرة ، وتصدرت الكتاب المطبوع عن المناسبة مع صورة الشاعر للجمعية ذاتها .(البسيط). 

الإنسُ إنسٌ ولم ينقصْهُ عنوانُ ** دهداهُ  للجور ِطغيانٌ  وإذعانُ

حرية ُ المرءِ قبلَ الخبزِمطلبُها * إنْ أدركَ المرءُ أنَّ الخبزَ سجّانُ

كفرتَ باللهِ إنْ لم تستقم خـُـلقاً ***وإن  أحاطُكَ انجيــلٌ   وقــرآنُ

عجبتُ ممن يفيضُ الوسعَ محتملاً * إذْ حلَّ قلبهُ شيطانٌ  ورحمانُ

كأنهُ  دونَ بدءِ الخلقِِ  مرتبةٌ  **لا يرتضي مثلها غولٌ وحيوانُ

أين الإلهُ ؟ بلفظٍ أنـــتَ  تذكـرُهُ ***  إنَّ الإلهَ مـدى التاريخِ وجدانُ


***************************

الإنسُ إنسٌ ولم ينقصْهُ عنوانُ *** دهداهُ  للجورِ أشـباهٌ  وطغيانُ

يا ليلُ مالكَ في اطفاءِ جذوتنا **فهلْ ستُــخفى بغسق ِالليلِ نيرانُ؟

من قبل ِسـبعةِ آلافٍ  وموطنُنا *** رمزُ الرقيِّ وللإنسان ِ عنــوانُ

يستكثرونَ عليكَ المجدَ هل ذكروا **من بعدِ مجدكَ رومانٌ ويونانُ؟

هنا الحضاراتُ قد شادتْ ركائزها ** فسائل ِالدهرَ إذ كنّا وإذ ْ كانوا

مَـنْ استطالَ مع الدنيا لغرّتها ؟  **وأين حطّتْ بثقل ِالفكر ِ أديانُ؟

ماذا عليكَ إذا أُخمدتَ في زمنٍ  *** مَنْ فاتهُ  زمنٌ جاءتهُ أزمانُ

حاشاكَ يا مُلتقى الأفذاذِ  منعدماً **فللشهامةِ يومَ الضنكِ  فرسـانُ

ليسَ الترابُ ولا الأحجارُ موطننا  *إنْ القلوبَ ووسعَ الصدر ِأوطانُ

سنزرعُ الأملَ المنشودَ فــي  بلدٍ  **فدجلة ُ الخير ِعنـدَ القحطِ ملآنُ

إذا خبا الحقُّ يقفو مَـنْ يؤجّجهُ  **** فقدْ تعــاقبَ  إنسـانُ   فإنسانُ

************************

لو كان يدركُ  مَنْ  ساءتْ  سرائرهُ ** إنّ الحضارة َألطـافٌ وإحسانُ

تسريحُ نفسكَ ظلماً رحتَ  تضمرهُ ** لا  يرتقـي  شأوهُ خيرٌ وإيمانُ

هذي الخلائقُ  أورادٌ  منسـقةٌ  * **منْ  كلِّ جنس ٍعلى الترباءِ أفنانُ

فالارضُ مزرعة ٌللناس ِتنبتهمْ **فالعربُ روضٌ وأهلُ الصـين ِبستانُ

لو أنَّ كلَّ بقاع ِ الأرض ِ يمـلؤها *** خلقٌ تشـابه هــدَّ  الخلقَ  خلقانُ

ما كان نيسانُ تهواهُ القلوبُ شذىً ** لو أنَّ كلَّ شهور ِالدهــر ِنيسانُ!

إنَّ  التنافرَ  عقبــاهُ  لجاذبــةٍ  ***** والوصلَ لذتـــهُ  وجدٌ  وهجرانُ

سبحانَ من نوّعَ الإنسانَ لهجـتهُ  *** وعرقهُ  كـي يقيمَ العدلَ  ميزانُ

سبحانَ من لبّسَ الآنامَ  زخرفــــةً  **تـُـمتـِّعُ العينَ  أزيــــاءٌ  وغـزلانُ

تسيرُ في جنّةِ  النُّعمـــى  وتغفلها **  فانْ  سُوْحك فـي الاحياءِ  سلوانُ

وسائل ِ العزة َ القعساءَ  مُذ خُلِقتْ *** أنّى يُعــــزُّ  بلا الإنسـان ِ  إنسانُ

************************

لا يستقيمُ  مدى الأيّام ِ  إنسانُ *****  وجهــانُ  للنفسِ سفاحٌ  ورحمانُ

طوراً  يسبّحُ  للرحمـان ِ  مغفرةً  *****  وتارةً  فيه  تجــديفٌ   وبهتـانُ

سل ِ الأُلى  من أبـي ذرٍ  بربذتــهِ *****  أو مَـــنْ تزّهــدَ عمـارٌ  وسلمانُ

ماذا تحقـّــقَ من شرع ٍ  بذمتهم؟  **** وأيــن  نكرانُهم للذاتِ مُذْ  كانوا؟!

غطـّى عليهمْ  بريــقٌ لبّـهُ  صدأ   **** تسمو الرجالُ  بأشكال ٍ  وتزدانُ

أضحى البريءُ  لفي جرم ٍ ولاسببٌ **والجـرمُ  يزهو بفخر ٍ وهـو عريانُ

حتّــــى  كهلتُ و أيّامي  تعلّمني   *** فـي  كلِّ ألفٍ  من  الآناس ِ إنسانُ

إنَّ الحــــكيمَ يرى الدنيا  كعاقبةٍ  *** ياليتَ  جمعَ الورى في العقل لقمانُ

لقــــــد بلغتَ  إلى الإنسان  ِ منزلةً  ***لو أنَّ  خصمكَ في  وجهيكَ إنسانُ

***********************************

يا أيها العقلُ  مَنْ  أعطاكَ   مكرمةً ؟ً  *** فالعقلُ  نابٌ  و فكرُ الناس ِ ذيفانُ !

نخشى الكواكبَ منْ  مجهولها  خللاً  ***** وذرةُ  الارض ِ تدمـيرٌ  ونيرانُ

هذا  الوجـــودُ  لفــي طيّاتهِ  عـــدمٌ  **** وفي  الحقائق ِ إثبـاتٌ    ونكرانُ

ماذا بقى بعقول ِ الناس ِ يدهشُــها ؟ ***عشـــرونَ مليونَ  في كفٍّ وإنسانُ!

******************************

إذا  تأملتَ لمحَ  العمـــر ِ يخطفـهُ  ***رمسٌ وفيهِ  من  الأضدادِ  ألــــوانُ

ضربٌ  من العجز قبلَ الموتِ  يُرهبنا  ***ولفلفتْ  بعـــــدهُ الترهيبَ أكفانُ

لِــــمَ  التجبرُ والدنيا  لنا  عِبـــرٌ ؟!  ** حصيلة ُ العمر ِ  لحـدٌ  فيه  جثمانُ

وإنْ  سموتَ  على الجوزاءِ  مرتبةً  ****سـتقهرُ الرفعة َ العــلياءَ  ديدانُ

أجلُّ  أعمالكَ  الفضلى  وصـالحها  ** نفحٌ  من  الطيبِ : غفرانٌ  وتحنانُ

ما  أبلغَ  المرءُ    إنساناً  بعاطفـةٍ !  *** إذا   تهاــــفتَ  للإنسان ِ إنسانُ

******************************

حبُّ  الطفولةِ  إيمــانٌ   ووجـدانُ  *** نبعُ  الوجودِ ،  وللأوطـان ِ أركانُ

لا  يعبقُ الوردُ  إلّا  مِنْ  تنسّـمــها  ***عبـــثٌ  و لهـوٌ و للأنفاس ِ ريحانُ

لا  تشرقُ الشمسُ من علياءِ   دوحتِها  **إلّا   كوجهِ صبيٍّ  وهـــو جذلانُ

عينُ الطفولةِ  قرّتْ  وهـي  حالمةٌ  ** لم يبقَ  في الأرض ِ تشريدٌ وحرمانُ

وللحياةِ   ضــروراتٌ   وأعدلــها ** في  حزن ِ عَـمر ٍ  يسرُّ البيتَ   عمرانُ

سبحانَ من  أودع الإنسانَ  بدعتـهُ  **قــَـدْ  ولـّـدَ الفـــردَ  باللــــذاتِ  إنسانُ

*****************************

جمعية ٌ باركَ  اللهُ  الجهـــودَ  بهـــــا  ** فكلُّ  جُهـــدِ  لها  فضــلٌ  وعرفانُ

أمينـة ٌ في  مساعيها   موثقــــةٌ  **** فالشرُّ  متـَّهــــــمٌ  والحـقُّ  سلطـانُ

جلَّ  الدفاعُ عن المظلوم ِ  مكرمـةً  ** سيفٌ  عـلى الجرم ِ بالحدّين  يقظـانُ

نبــــلُ الجهودِ  بـــــأنْ  نسعى لغايتِها ** حتّـى  يُقالَ إلـى الإنسان ِ (إنسانُ)

الهامش:
1- هذا الخلق خلقان: أي فسد الخلق وبلى, لأن التشابه دليل على عدم التجديد، في التنوع تجديد للحياة واستمرار لتطورها.
2- الذيفان: السم القاتل
3- اذا نونت كلمة (عمرو)  تحذف الواو ... عمران: اسم علم وفيه تورية للعمران والبناء واستمرار الحياة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق