مضى 52 عامًا على هزيمة ونكسة حزيران العام 1967 ، التي احتلت فيها اسرائيل اراضي الجولان السوري وسيناء المصرية والضفة الغربية وقطاع غزة . وقد شكلت هذه الهزيمة تبلور فكرة الواقعية في الفكر السياسي العربي والفلسطيني ، حيث استبدل شعار تحرير كامل التراب الفلسطيني في الضمير العربي والوجدان الفلسطيني ، إلى شعار إزالة آثار العدوان والخلاص من الاحتلال ، والقبول بمشروع " الدولتين " .
وقد نتج عن ذلك الاعتراف بالكيان الصهيوني على انقاض شعبنا الفلسطيني ، وهذا الأمر تمثل وتجسد في زيارة الرئيس المصري الراحل أنور السادات للقدس ، وتوقيع معاهدة كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل ، التي قادت إلى انسحاب اسرائيل من سيناء ، وانهاء حالة الحرب بين البلدين .
وفي حقيقة الأمر أن نتائج حرب حزيران العدوانية ما زالت ماثلة في المشهد السياسي ، ولم تتوقف مفاعيلها حتى الآن ، وتتواصل ارتداداتها في التأثير بعمق على الحاضر الفلسطيني والعربي ، والراهن السياسي .
فقد تعاظم نهج التسوية ، وتراجع الموقف العربي الداعم للقضية الفلسطينية ، وتعداه الموقف الفلسطيني الذي نجم عنه اتفاق اوسلو المشؤوم ، الذي فشل في انهاء الحالة الاحتلالية ، وتحقيق أي تقدم في المسار التفاوضي ، والمشروع المرحلي الذي اعتمدته القيادة السياسية الفلسطينية ، ولم تحقق المفاوضات العقيمة التي دامت أكثر من عقدين ونصف ، سوى إلى الهزائم المتتالية والكوارث لشعبنا ، حيث زاد التوغل الاستيطاني في عمق الوطن الفلسطيني ، وتجزأت البرتقالة الفلسطينية بين امارة غزة وسلطة الضفة ، والأراضي الفلسطينية لم يتحرر أي شيء منها ، وغزة محاصرة ، ولا تتمتع بأي حرية سيادية ، ومناطق السلطة الفلسطينية مسجونة ومطوقة بالحواجز والجدران الاسمنتية ، ومستباحة تحت الهيمنة الاحتلالية الاسرائيلية ، والجرائم بحق مختلف شرائح وفصائل شعبنا الوطنية في الضفة وغزة لم تتوقف ، بل تزداد شراسة ، واستغلال الانقسام الأسود المدمر الذي يتواصل في الساحة الفلسطينية وحالة الترهل والتيه السياسي والاحباط الفلسطيني ، لتنفيذ المشروع الاستيطاني الصهيوني ، الرامي لتكريس الاحتلال للمناطق الفلسطينية بكاملها .
الادارة الامريكية الداعمة لإسرائيل سياسيًا وعسكريًا ولوجستيًا ، والمؤيدة لمواقفها وممارساتها ونهجها العدواني العسكري طوال الوقت ، اعترفت بالقدس عاصمة لإسرائيل ، ونقلت سفارتها من تل أبيب للقدس ، واعترفت أيضًا بالسيادة الاسرائيلية على الجولان السوري المحتل ، هذه الادارة تسارع الخطى لفرض وتطبيق ما تسمى " صفقة القرن " الرامية لمصادرة حق العودة ، وتصفية القضية الفلسطينية ، كونها قضية وطنية ، وشعب واقع تحت الاحتلال ، وتحويلها إلى قضية اقتصادية ومالية ومعيشية .
وفي ظل المخاطر الحالية المحدقة بقضية شعبنا الفلسطيني التحررية ، والأزمات السياسية والحياتية الراهنة التي تعصف بالحالة الفلسطينية ، فمن المطلوب دون أي تردد أو تأجيل الاسراع في انهاء النفق المظلم ، الانقسام والصراع على السلطة والنفوذ ، واستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية على أسس وطنية ثابتة ، لحماية وصيانة المشروع الوطني الفلسطيني ، وإنجاز مهمات الثورة والمقاومة والكفاح والشراكة الوطنية والسلطة الجماعية ، مرحلة التحرر والاستقلال الوطني المعمدة بالتضحيات ودم الشهداء ، ولأجل اسقاط " صفقة القرن " .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق