لن أبكي أحدًا، ولا ذاتًا بعدَ اليوم...
ساكون هناك- عند شلال الدّم- استعيدُ عَزيمَتي..
لنهارٍ أحسُّه قادمًا على هُدى ساعِدَيّ..
فالبأساء ما فتئت تأكل نفسها..
في حياة يتلاطم فيها المُبهم...
كبحرٍ لا عهدَ له بالسّكينة!
وكحقولٍ استبيحَ شبابُها...
لم يبقَ لها سوى تشبُّثِها الفطريِّ بالحياة..
***
ساكون هنا..
أعبُرُ الشّوارعَ التي ارتبَطَ اسمُها بجنونِ حَوادِثِنا..
وقد نذرتُ جسدي جسرًا للهاربين من طَقسِ تَصَحُّرِنا..
ممسِكًا بلجام صوتٍ لا ينفكُّ يُنذِرُ بموتٍ لا يمهِلُ أحدا..
لطالما عانَقَتهُ الآفاتُ مُلفَّعَةً بِوِشاحِ ظَلامِها
وعيونُ الصّمتِ تغرَقُ في وحلِ رُعونَتِها
في انتظارِ أن ينتهيَ يومًا...
والأيامُ تتناسَخُ..
والبقايا... تُهَجَّرُ.. أو تُسبى
وقد تتشَظّى لتنجو..
وقد تَعتَنِقُ الكلامَ؛ لتلعَنَ قُبحَ الطُّرُقات
وتحتَ سَقفِ الظّلام...
تَستَدعي فَوضى الأرَق..
حتى تَنسى أن تُبصِرَ ذاتَها.
***
لا يرتاحُ مَن يترُكُ حلمهُ طَليقًا...
هذا ما قرأتُ في أوراقي قبلَ أن تَترُكَني..
لتأوي إلى سكينةِ الفَوضى.
فتركتُها طريدَة؛
تنتظِرُ الكلامَ القادِمَ مِنَ المَجاعَةِ الغَربِيّةِ،
واحتِراقاتِ العدم..
***
كيف صرتُ غَريبًا...
والحكاياتُ ما زالت تَسكُنُني؟!
والأفقُ المرسومُ على صفحَةِ حُلُمي...
يتسلَّلُ إلى قافِتَي!!
وشموعُ غدي لم تَعُد تحتَمِلُ نورَها!!
وأوراقي تفتَحُ صدرَها لأمطارِ رَغبَتي...
والأوتارُ تَتَناءى..
على وَقعِها يَغدو الانتِظارُ أَغرى.
***
كم أنتَ بعيدٌ أيّها النّبض!
قابَ شَمعَتَينِ وليلٍ، ونافِذَةٍ مُغلَقَةٍ،
وربيعٍ ينتَظِرُ عندَ جُرحِ الحِكايَةِ...
وحيثُ الأحداثُ تتناهَشُ:
حلمًا تَئِدُهُ رَغبَةٌ!
كلما داهَمَتِ الأشواقُ أغنيَةً،
أو لامست كفٌّ فارقَت إنسانَها بهجةً موغِلَةً؛
في البحثِ عن منزلَةٍ بين الرّوحِ والوَجَع.
***
كلُّ العناصِرِ تَمتَدُّ إلى أصلِ الخطوة..
والموتُ أيضا،
وكلُّ الطّاقاتِ المكرّسةِ للتّساؤل،
والآفاقُ المتروكَةُ في قلبِ الذّاكرة،
وأسرارُ الفُكاهة،
والحكمَةُ الحارسةُ لأسوارِ العتم...
***
لماذا أحتاجُ إلى البكاءِ كلما داهَمَني الحنين؟
لماذا أجدُني اضمّدُ كل الأحداثِ كلما تَذَكّرتُ جرحي؟
لماذا أشعُرُ أنّ الأشياءَ.. كلَّ الأشياءِ... تخشى أن تحملَ رؤوسها..
كلما شعرتُ بحاجتي إلى لحظةِ صفاء..؟
لماذا تمخّضَتْ كل المرايا..
ومرآتي أَوَتْ إلى كهفِ صَمتي؛
لتظلَّ حُبلى؟
كذلك صاغَ الجنونُ سؤالا:
ترى هل يتوبُ الموتُ يوما من ضَجيجه؟!
::::::: صالح أحمد (كناعنه) :::::::
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق