الكاهن الأكبر يعقوب بن شفيق (عزّي) بن يعقوب الحفتاوي/ ترجمة ب. حسيب شحادة

١٨٩٩-١٩٨٧، رحمه الله
The High Priest Jacob b. Shafīq (˓Azzee)
1899-1987

في ما يلي ترجمة عربية لهذه القصّة، التي رواها إسحق بن فرج بن صالح مفرج المفرجي (يتسحاك بن مرحيب بن شلح/حيفتس مرحيب همرحيبي، ، ١٩٣٨ -  ، من مثقّفي الطائفة السامرية في نابلس وجبل جريزيم، كاتب مقالات ممتاز بالعربية) بالعربية على مسامع الأمين (بنياميم) صدقة (١٩٤٤- )، الذي بدوره ترجمها للعبرية، نقّحها، اعتنى بأُسلوبها ونشرها في الدورية السامرية أ. ب.- أخبار السامرة، عدد ١٢٤٤-١٢٤٥، ١ آب ٢٠١٧، ص. ٧٦-٧٧. هذه الدورية التي تصدر مرّتين شهريًا في مدينة حولون جنوبي تل أبيب، فريدة من نوعها ــ إنّها تستعمل أربع لغات بأربعة خطوط أو أربع أبجديات: العبرية أو الآرامية السامرية بالخطّ العبري القديم، المعروف اليوم بالحروف السامرية؛ العبرية الحديثة بالخطّ المربّع/الأشوري، أي الخطّ العبري الراهن؛ العربية بالرسم العربي؛ الإنجليزية (أحيانًا لغات أخرى مثل الفرنسية والألمانية والإسبانية والبرتغالية) بالخطّ اللاتيني. 

بدأت هذه الدورية السامرية في الصدور منذ أواخر العام ١٩٦٩، وما زالت تصدر بانتظام، توزَّع مجّانًا على كلّ بيت سامري من المائة والستّين في نابلس وحولون، قرابة الثمانمائة نسمة، وهناك مشتركون فيها من الباحثين والمهتمّين في الدراسات السامرية، في شتّى أرجاء العالم. هذه الدورية ما زالت حيّة تُرزق، لا بل وتتطوّر بفضل إخلاص ومثابرة المحرّريْن، الشقيقَين، الأمين وحُسني (بنياميم ويفت)، نجْلي المرحوم راضي (رتسون) صدقة (٢٢ شباط ١٩٢٢ــ٢٠ كانون الثاني ١٩٩٠).

”أ. الصَّحَفِيّ السامريّ الأوّل

أنت لستَ مجبَرًا على أن تقصّ عليّ من وما كان الكاهن الأكبر يعقوب بن شفيق بن يعقوب الحفتاوي. فور إعلان وفاته المحزنة لنا جميعًا في العام ١٩٨٧ جلست بجانب الطاولة، وحاولت رسم بعض الخطوط العريضة لشخصيته الأصيلة النادرة في الفضاء السامري. دوّنت ذكرياتِ لقاءاتي الكثيرة التي جمعتني به. طلبت معرفة بعض التفاصيل الشخصية  مثل يوم ولادته ومصادر رزقه. وسُرعان ما تبدّى لي أن كِتابًا ضخمًا لن يكفي لتدوين كلّ الأحداث والمناسبات التي اشترك فيها. 

هل تعلم؟ - هناك أُناس تجلس معهم وبعد دقيقتين تشعر بالملل والسأم، في حين أنّي كنت قادرًا على الجلوس بمعيّة الكاهن الأكبر يعقوب بن شفيق، رحمة الله عليه، أيّامًا كثيرة بلا انقطاع، ففي طيّات كل لحظة جديدة شيء ذو بال تتعلّمه. كان حكيمًا جدّا، وكان أشهر من نار على علم بين طائفته.

هل تعلم؟ هنالك بين ظهرانينا في الطائفة أناس يحكُمون على الآخر بحسب مدى تعلّمه الأشعار الدينية  وتلاوة التوراة غيبًا، عن ظهر قلب، وكأنّ لا شيء آخر في عالمنا يُمكن أن يعود بالفائدة  للمجتمع السامري. مقياسُ هذا الحكم الأحمقُ، قد يكون نابعًا من الحقيقة، أنّ أولائك الأشخاص ليسوا على دراية وعلم بأيّ مجال آخر. 

ولكن إذا جئنا لتقييم مساهمة الكاهن الأكبر يعقوب بن شفيق للطائفة السامرية، لتبيّن لنا أنّه لا وجود تقريبًا لسامريين نعرفهم بلغوا قدْر إنجازاته الشخصية. لا ريب أنّ الكاهن الأكبر يعقوب كان أوّل صحفي سامري في التاريخ. ولا نستطيع أن نُنكر أنّ عدد أسفار التوراة الذي نسخه يفوق كثيرًا ما نسخه الكتّاب من قبله ومن بعده. خطّ يده بالعربية وبالعبرية القديمة والخطّ المجلس (כתב עברי רהוט) مثال للجمال يُحتذى به. لم يكن في الطائفة أيّ منافس له من حيث معرفة مادّتي الفلسفة وعلم النفس. 

وها لك أيضًا إن أردت هذا الإنجاز الشخصي بامتياز، مَن من السامريين الذين تعرفهم أنجب عشرة أولاد، خمسة صبيان وخمس بنات وجميعهم بوضع اقتصادي لا بأس به، ثمانية متزوّجون ويعيلون أنفسهم وحظوا بعون مباشر من كرمه وسخائه؟ من أسهم مثله في إنماء الطائفة السامرية في الوقت الراهن؟ مَن من السامريين يمتلك في مكتبته مخطوطاتٍ كاملةً من تأليفه هو؟ لا أحد. بهذا الشكل تستطيع أن تقدّر مدى فقدان الكاهن الأكبر يعقوب للطائفة السامرية المتعطّشة جدًّا لحكماء على شاكلته، رحمة الله عليه.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق