عن دار ناريمان للطباعة والنشر صدر للزميلة هيام التوم مجموعتها الشعرية الموسومة ( على ذمة الخيانة ) بعد اِصدارها لمجموعتها الشعرية ( نزوات ذاكرة ) وروايتها ( غرام مع حبيب سابق) .. والجدير بالذكر ان مجموعتها هذه تضم بين دفتيها (55 نص) بين نصوص قصيرة ومتوسطة وومضية ...
منذ الوهلة الأولى لا بد أن نقف عند عتبة مجموعتها - وهي عنوان لإحدى نصوصها – هذه العتبة التي تنسجم كثيرا مع لوحة الغلاف وهي بريشة الفنان أدونيس الخطيب ومنسجمة أيضا مع عتبات النصوص الداخلية ( اِعتراف ، بوح سرير ، اِنتظر ... لا تمت ، لست خائنة ، أقضُم أصابع جنونك ، ان بعض العشق إثم ، دع الحب لأربابه ....) لما للعنونة من فاعلية ودلالة وإحالة معينة في إطار السياقات النصية ذات طاقة مكتنزة تعكس طبيعة التعالق القائمة بينها وبين العمل ليكون مدخل أولي لقراءة المجموعة أو القصيدة فضلا عن دورها في إغراء القارئ إذ إنها تضع القارئ في الفضاء النصي الذي تستدعيه وتستحضره فضاءها التخييلي والوجداني حيث يحيل هذا العنوان في مضمونه على مرجعية خارجية ذات دلالة موحية لا يمكن تفسير معناها إلا من خلال العودة إلى الأنا الشاعرة التي تحاول ان تدفع مفهوم الخيانة من تأويلها الشرقي المرتبطة بالشرف وحيث تفصح عن تعريفها للخيانة من خلال مقدمتها والتي تقول فيها :
كل طائر لم تحرره الريحُ وما زال حيا في جلباب الشجرة ...
على ذمة الخيانة
كل ألمٍ لم يتحول الى شالٍ على خصرِ رقصة ...
على ذمة الخيانة
كل عشق لا يضرم النار في بيادرِ عمرنا ...
على ذمة الخيانة
كل جنون ما زال واقفا على رؤوس أصابع الحذر ...
على ذمة الخيانة
كل ضوء ..... كل كتاب ....
كلُّ ما حولي خائنٌ ...
فقد خانني رحمُ امرأة ونفاني الى الحياة ،
وخانتني السنين فكبرت ،
وخانني الوطن فتيَتَمتُ ، وخانني الهوى فاختنقت ....
نجد ان مفهوم الخيانة لديها يثير حاضنة المنطق الفلسفي والميثولوجي والتاريخي للمساحة التي يحتلها هذا المفهوم في تجربة الشاعرة التي تحيلنا من خلال مفهومها الى مجموعة من الرموز الدلالية القادرة على تغير التوجه الحسي للقارئ إلى حيث تعلق الشاعرة باِشتغالات اِشكالية السؤال الفلسفي حول البعد الشهواني للأنا الانسانية ومدى تعلقها بالآخر الانساني لفاعلية العلاقة الكونية بين المرأة والاخر وكما تقول :
حبيبي مزارع ماهر
يضع براعم أصابعه على خصري
فيتدلى مني الثمر
من هنا نقول اِستطاعت الشاعرة هيام التوم ان تعبر عن أحاسيسها الداخلية المفعمة بالجمال، لتمنح للنص خصوصيتها الفنية ومداركها الشعورية العميقة تجاه الحياة لما لديها من رؤية وقدرة في صياغة وجدانها الداخلي الذي ساير ويساير معاناة الأنا وظلم الآخر ، من خلال تصوير ذاتيتها أي عالمها الداخلي فجاءت قصائدها وكأنها مرآة الذات الفردية فمثلت أناها بوصفها فاعلا شعريا لتنوب عنه في ميدان (الأنا ) ليأخذ من التمركز الأنوي وسيلة تفاعل وتواصل مع أنا الآخر كقولها:
صيفي كان حبك
فمع أول مطر
تبللت بالحزن
ونخر البرد قلبي
الشاعرة هيام التوم تسعى من خلال مجموعتها هذه في نسج متنها النصي للوصول الى أقصى الدرجة الشهوانية وكما تقول :
الحياة بعد الموت
هي تماما كحظنك بعد غياب
أو
ان لم تشرّع أبواب خزائن القلب جميعها
ليأخذ الحبيب منها ما يشاء
فلا تزعم انك عاشق
تجربة الشاعرة في أغلب نصوصها تراها متكئة على التشاكسية والثنائيات الضدية معتمداً على التنافر بين عناصر الصورة لتجعل نصها يتنامى من خلال ما يحمله من تناقضات ورؤى ومشاكسات وهذا ما تصرح به في إحدى نصوصها :
أروع التناقضات
حين يكون حبك العاصفة
وشفتاك النار
وقد يكون السبب يكمن فيما تصرح به في قصيدتها ( نصفان أنا ) :
نصفان أنا
نصف جائع لقمح عينيك
والجوع كافر ..
ونصف ينخر الجوع
على عتبة القلب ،
ويبقى مكابر ...
ختاما أهنئ زميلتي الشاعرة هيام التوم لانجازها الشعري آملا ان نشهد لها المزيد من الأنجازات الأدبية .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق