يوم تصعلك الأمريكان في بلدي/ الأب يوسف جزراوي

 من ديوان جثة تثأر من قاتلها

في التاسعِ من نيسان 
تصعلكَ الأمريكان ببلدي
فغتصبوا شوارع مدينتي.
الجثثُ في الدروب
والموتى بِلا قبور
الناسُ فوق الجسور
يهتفون بغير  شعور
مَرْحَى....مَرْحَى
لقد أسَّقطُوا الديكتاتور.

في التاسعِ من نيسان
غمسَ الأمريكان رماحهم 
في خاصرةِ حضارتي 
فرثت المتاحفُ آثارها
والشناشيلُ بكت سكانها.

في التاسعِ من نيسان
نهب الحاقدون بلدي
فأنتحبت عروس الشرق
.وغدت  أرملة الفرح
تماثيل المتنبي  والمنصور
تنوح والدموعُ تهطل 
من عيونها الحجريّة
بقلبٍ مفجوعٍ ومكسور.

في التاسعِ من نيسان
نفضتْ الأشجار أوراقها 
.وبدأت مواسم الحداد
بغداد حاضرة الدنيا 
حزينة، منكوبة تحتضر
في فصلِ الإحتلال. 
مهجورة كمدينةِ أشباح
  أو كشجرةٍ صلعاء
بِلا ثمرٍ وأوراق.
لقد عبثوا بملامحها  
 ولوثوا  عطر ورودها
برائحةِ القنابل والبارود.

في التاسعِ من نيسان
عدتُ من حي الكرادة 
مع أمّي وأختي
بسيارةِ أجرةٍ خصوصي
فوجدتُ مدرعةً أمريكيّة
تجمهر بقربهِا شعبُ فخور
يركلُ تمثالاً أسقطُوه 
لحاكمٍ قاسٍ وديكتاتور
يعرفهم مليًا ويعرفوه 
يضربونه بقسوةٍ ويلعنونه 
كأنهم يُصفّون معه
حساب السنين الضمور
بساديةٍ وفرحةٍ هستيريّة.
فجأة توقفت السيارة
ونطق السائق:
 ترجل معي من السيارة.
قلتُ: إلى أين؟! 
أجاب:
لنبصق على تمثالِ الديكتاتور.
.فحشرة مع الناسِ عيد
 أومأتُ برأسي وقلتُ 
 ببحةِ صوتٍ خنقتُه العَبرَة
لن أكون واحدًا من هؤلاء،
وتأسفتُ على وطني المغدور.

في التاسعِ من نيسان
عُدنا لمنزلنا المهجور
فوجدتُ في الحي
صليبًا يعانقُ الهلال
وكنيسةً ومسجدًا يبكيان
مع النخيلِ المقهور.
حدقتُ في البيوت
وتطلعتُ يمينًا ويسارًا
فوقع على مسامعي
بكاء أمّي ونساء الجيران
على عاصمةٍ ليست كغيرها
سرق الأمريكان بمعية إيران
ثوب عرسها.
بكيتُ ولم يسمع بكائي
إلاّ أنا وأخي والزهور
فبغداد غدت مُستعمرة
وأسقَط من عقدها جوهرة.

في ليلةِ التاسع من نيسان
توقفت صافرة الغارة
وشكرَ الأمريكان الحلفاء 
وعلى رأسهم إيران
.فنعى الناعون عاصمتي
ٍأغلقتُ عيني بحزن 
عن ذرفِ الدموع
وطلبتُ من روح أبي المعذرة
فليالي بغدادنا  لم تعد مُقمرة.
غزا النعاس عيني
لكنني لم أنم
فقد افزعني نباح مُدرعاتهم
في شوارع بغداد المُقفرة.

منذُ ليلةِ التاسع من نيسان
وبغداد لم تعد
 تصحو  على أمَان.
هولندا 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق