الثورات في مصر و العالم العربي ستستمر الى ان تحقق اهدافها / الدكتور حمـــدى حمـــودة

نحن نود أن نتساءل عن كل الثورات التى تبناها الثوار فى العالم بدءا من الثورة الأنجليزية 1649 ثم الأمريكية 1775 فالفرنسية 1789 والبلشفية 1917 وبداية الثورات العربية التى تمثلت فى ثورة يوليو 1952 والتى كانت بمثابة الشرارة فى البلاد العربية حيث تعاقبت الواحدة تلو الأخرى ، التى كانت سببا فى تحرر الشعوب من قبضة الأستعمار الذى ظل على كاهل هذه البلدان منذ القضاء على الخلافة العثمانية التى أدت الى اتفاقية ( سايكس بيكو ) 1917 والتى قامت بدورها الى تقسيمها لدول تم استعمارها من قبل كل من بريطانيا وفرنسا بعد الخيانة العظمى من الشريف حسين الذى كان على رأس الجزيرة العربية فى ذلك الوقت ، والذى وافق أن يضع يده فى يد " لورنس العرب " بعد أن وعدوه أن يكون الخليفة المنتظر لو أنهم كسبوا الحرب ..! 
نحن مضطرون لأن نذكر من يتناسون التاريخ ، ماذا حدث من أسلافهم ، وماذا حدث لهم جزاءا لخيانة شعوبهم .؟ التاريخ لا يمكن محوه ، التاريخ هو الشاهد الوحيد على حركة الشعوب وقوادها الخونة والعظماء ، الصالحين والطالحين ، هو ذاكرة الشعوب لمن يخلد فى مزبلته ، ولمن يرفع من شئنه ..! التاريخ هو الماضى بكل حلوه ومره ، هو الحاضر الذى نعيشه بكل ما فيه من أحزان ومن 
أفراح ، هو المستقبل الذى نجهله ، ولكننا  نتتظره متشوقين لمعرفته وكشف المستور منه وما يخبؤه لنا فى جعبته ...!
لذلك كان علينا أن نذكر من لايريد أن يتذكر ، لماذا قامت وتقوم الثورات ..؟ هل تشتعل نيرانها لظلم وطغيان الحكام والمتسلطين فقط ..؟ هل تثور الثوار من أجل الحصول على الحرية التى حرموا منها  سنوات طوال ..؟ أم يثورون من أجل اعادة توزيع الثروة المنهوبة من قبل ثلة قليلة من النبلاء والوجهاء ومن يسموا أنفسهم بالشرفاء ..!؟ أو ربما يثورون من أجل تحقيق العدالة المنقوصة والضائعة بين الناس ..! وربما يكون ذلك من أجل المساواة .! لكن أى مساواة .؟ مساواة فى الملكية ، 
أم مساواة فى الحرية .؟ أم فى حق الأنسان فى حصوله على قسط من المعرفة والعلم ..؟ الله ساوى بين الناس فى شيئ واحد فقط ( العقل ) منح كل انسان نفس القدر من العقل ليميزبه بين الخير والشر،
بين مايضره وما ينفعه ، بين الجريمة والعقاب ، بين الخطأ والصواب ، ومع كل هذا العقل الذى ميز الله به الأنسان عن سائر المخلوقات لكى يتشبع بالمعرفة ، الا أنه دائما وأبدا مايوقع نفسه فى الخطأ..!
فمن الذى أوصل بهؤلاء الحكام والملوك الى ماهم فيه الآن ، الحاكم التونسى الفار من سخط شعبه عليه .! والمصرى المحمول على الأعناق طريح المعتقل فى صحبة نجليه وحاشيته ..! والحاكم الذى 
أنهت على حياته رصاصة من فوهة بارودة ثمنها قرشين مفترشا الأرض مثله مثل الكلب الضال ..!
والحاكم الذى اضطر أن يغادر بلاد اليمن بعد أن ضمن له ملك الجزيرة العربية عدم مساءلته هو وأفراد أسرته وكل حاشيته ليخرج مطأطأ الرأس منكفيا على وجهه ..! ومن قبلهم كان الحاكم الذى تم 
شنقه فى العراق ، والحاكم الذى أغتيل وهو فى أبهى زينته مثله مثل قارون ، وكلاهما مصريين ..!
كل هؤلاء الطغاة ، ما الذى جعل نهايتهم مأساوية الى هذا الحد ..؟ هل الشيطان الذى غرر بهم وجعلهم يتكبرون ويستعلون على شعوبهم ..؟ أم أنهم أعتقدوا أن بكل الثروات التى كنزوها سينجوا بها من عقاب الخالق لهم ( انما نملى لهم ) لقد أضلهم الشيطان فأوقع بهم وظنوا أن هذه الثروات لن تبيد أبدا ، وقالوا مثلما قال صاحب الجنتين وهو يحاور صاحبه فى سورة الكهف ( ما أظن أن تبيد هذه أبدا وما أظن الساعة قائمة ولئن رددت الى ربى لأجدن خيرا منها منقلبا ) .
هؤلاء الأباطرة والأكاسرة والطغاة لايفكرون الا فى جلب السعادة لأنفسهم مهما كان الثمن ، لايفكرون فى الآخرة ويوم الحساب ، ولا يعتبرون أى اعتبار لشعوبهم ، والشعوب فى نظرهم لاتعدوا الا قطيع من الغنم ..! ولم يفكروا فى اليوم القادم ، يوم الغضب ، أو يوم الحساب الدنيوى قبل حساب الآخرة ، لقد جاء ذلك اليوم الذى لم يكن يحسبون له حساب ، وجاء من قبل لكثير من أمثالهم ، 
لذلك كان دائما الخطاب فى النص لمثل هؤلاء ( ان فى ذلك لآيات لقوم يعقلون ) ( واعتبروا يا أولى الألباب ) لكن هيهات هيهات ،( مثلهم كمثل الكلب ان تحمل عليه يلهث وان لم تحمل عليه يلهث ) ، اذن مثل أولئك المفسدون فى الأرض ، لايعدوا الا أن يكون غباءا مستحكما طمس على سمعهم وأبصارهم وأفئدتهم ، لذلك كانت هذه نهايتهم المؤسفة والمخزية ..!
هذا المصير هو نفسه سيكون مصير الثلة الباقية من ملوك وأمراء الذهب الأسود الذى طمس على أبصارهم فأعماها ، ملك البحرين لايرى ولايسمع ولا يشعر بما يدور من حوله فى العالم ، يظن أنه قادر على كبح جماح الثوار والقضاء على الثورة ، ليس لديه المعرفة الكاملة بالمعنى الحقيقى للثورة،
لايدرك أن الثورة قبل ان تكون حلم ، فهى الهام ، هى فى دورانها حول رقاب المتحذلقين فن من أكبر الفنون فى كيفة الأطاحة بعروش المختبئين وراء كروشهم ..! وياليت ملك الأردن استوعب قراءة التاريخ جيدا ، ليرى كيف تم الأطاحة بجده الأكبر من قبل أسياده فبدلا أن ينصبوه خليفة عل المسلمين 
اجتزوا هذه القطعة من أرض الشام وجعلوه ملكا عليها ، الأمر الذى أدى به الى الجنون ..! هذا الملك المتماهى فى عالم الخيال ، لايعلم أن يومه قد اقترب ، فأسياده لاسبيل لهم غير أن يقيموا الدولــــة 
الفلسطينية كحلا نهائيا لمشكلة الصراع العربى ، الا على هذه الأرض التى أهدوها لجده من قبل ..!!
لكن الطامة الكبرى تكمن فى الجزيرة العربية ، فملكها وأمراؤها مطمئنين جدا ولا يعتريهم أى قلق ، 
هم يضعون كل ثقتهم فى واشنطون وتل أبيب ، غير مكترثين بقدرة الله وقدرات الشعب الطيب الذى ظل مستكين طوال خمس وثمانون سنة يتوالى عليهم ملوك آل سعود ، الذين استولوا على البلاد وأسموها بكنيتهم ، المفروض أنهم ينتسبوا للأرض التى يعيشون عليها وليس العكس .
بدأت الشرارة الأولى فى القطيف ، بعد أن اشتعلت الثورة فى البحرين التى تتعامى كل الدول الغربية والعربية عنها ، ولا شاغل لهم الا سوريا ، هم يحاولون طمس الحقيقة عن شعوبهم وتلهيتهم عما يحدث فى البحرين وداخل بلادهم ، الثورة آتية لاريب فيها فى الجزيرة العربية ، وفى قطر التى  يحاول أميرها تبديد ثروة البلاد فى شراء السلاح ، ودفع المليارات للمرتزقة ليدفع بهم الى سوريا ، من أجل الأطاحة بنظامها العروبى المقاوم والمساند لكل حركات المقاومة فى العالم العربى ، لقد أنفق 
" حمد " مئات المليارات من اجل اسقاط النظام فى ليبيا ، واليوم يحاول القيام بنفس الدور فى سوريا وفى مصر والجزائر وفى كل البلاد التى تطلب منه الولايات المتحدة الأمريكية واسرائيل ، تخريبها،
هؤلاء الملوك والأمراء يبعثرون كيفما شاؤا فى أموال استخلفهم الله عليها  فهذا المال مال الله ، ومال
العباد ، واذا كانت العباد عاشت فاقدة الوعى هذه السنوات الطوال ، فليعلم هؤلاء أن الشعوب استردت وعيها المفقود ، وأنها قد تعلمت وتثقفت وادركت أنهم قد استغلوا اسوأ استغلال ، وان الوقت 
قد حان للقيام بالثورة على هؤلاء الطغاة ، وأيما كان مكتوب لهذه الثورة من نجاح أوفشل ، فستبقى فى التاريخ الذى لايترك شاردة ولا واردة ، صغيرة ولا كبيرة ، الا ، ودونها ..!
قلنا من قبل ، ان الثورة حلم ..! وهاهو الحلم قد اقترب ..! قلنا الثورة الهام ..! ولقد الهمهم الله على بدئها ..! ونضيف عامل آخر يتجلى للثوار الثائرين عل الظلم والطغيان ، ألا وهو ( الأبداع )، لقد 
عشنا ابداعات التونسيين والمصرين واليمنين والبحرانيين فى نماذج ثوراتهم ، رأينا بأم أعيننا رسامى الكاريتير ، الفنانون التشكيليون ، الشعراء ، اللافتات والشعارات المدونة عليها ، الفرق المسرحية ، شاهدنا كتاب ومخرجى المسرح ، كل هذا أصبح فى ذاكرة الثورات محفوظ للتحاكى بها
فى الوقت المطلوب . واليوم ينتفض شعب الجزائر الأبى ليحقق أهداف ثورة آتية لا محالة فقد حققها من قبل مرتين ودفع الثمن غاليا .
كل هذا ليس بعيدا عن الشعب فى دول الخليج فنحن فى عصر العولمة ، وفى عصر التكنولوجيا ، ولا 
يخفى على أحد ، هم يشاهدون ، ويسجلون ، ويعيشون الحلم فى أنفسهم ، ويستعدون لـ اللحظة الآتية،
نحن على ثقة كاملة أن هذه اللحظة أصبحت قريبة جدا ، ربما يكونوا فى انتظار ( الألهام ) الذى يجيش فى عقولهم وصدورهم ..! الثورة قادمة لا محال ..! ليست فى دول الخليج فقط ، ولكنها أيضا
قادمة فى دول العم سام ، وفى الولايات المتحدة الأمريكية ، التى ستفكك الى ولايات ..! وسوف يكون عليهم جميعا صيفا وبيلا ، فهم الذين أرادوا ذلك وتمنوه لنا ، أرادوا أن يقسمونا ، ويجزأونا ، ويخربوا بلادنا ، ومكروا ، ومكر الله ، والله خير الماكرين ، ولسوف تكون هذه الثورات بمثابة الوبال عليهم ، ستكون بمثابة العاصفة التى سوف تأكل الأخضر واليابس ، هى التى ستجعل من الكبير حقيرا ، ومن كان حقيرا سيصبح كبيرا ، والذىيلتهم هياكل المجتمعات والدول الأكثر رسوخا 
فى الظاهر ..! ان التحول الثورى لايشكل الدليل على التقدم ، لأنه مجرد عكس لواقع الأمور ، الملوك ، والرؤساء والأمراء والسلاطين والطغاة والديكتارويين ، يصبحون فى خبر كان بين السجون والمعتقلات ، تنتشل منهم الحرية ، ويختنقوا بنار الذل والعار ..! الأغنياء يصبحون فقراء ،
والفقراء يصبحون أغنياء ..! هذا هو الحدث الثورى ، لهؤلاء الثوار الذى يجعلهم يتمنون بعد نجاح ثورتهم ، أو فشلها ، ألا يعيشوا لحظة الحدث التى انتابتهم مرة أخرى ..! وهذا ما يحدث تماما للذين لم يشاركوا فى الثورة ، وكانوا مجرد متفرجين منتشين لما يشاهدونه ويسمعونه ، انهم أيضا يعيشون اللحظة ، ولا يتمنون تكرارها ..!
ان ملوك وأمراء الذهب الأسود ، قلوبهم مليئة بالحقد على الدول العربية السائد شعوبها المليئة بالعلماء فى شتى فروع المعرفة ، وشعوب أخرى آسيوية ، مثل الهند وباكستان النوويتين ، وأخيرا الحقد ، كل الحقد على طهران التى تمكنت فى ثلاثين سنة مضت على ثورتهم أن تكون دولة ننوية .!
فماذا فعل هؤلاء بالكنوز التى لاحصر لها ولا عد ، غير الأبراج العالية ، والجسور والطرقات والملاهى والنوادى من أجل الترفيه واستمالة الشعوب الغربية لبلادهم ، يظنون أن هذا ما يحقق النهضة ، أو الحضارة ..! غير واعين بأن كل هذا من السهل جدا أن يمحوه زلزال قوى ، أو رياح عاتية تجعلهم أعجاز نخل خاوية ..! لايعلمون أن الولايات المتحدة الأمريكية تحاول جاهدة حتى اليوم أن تصنع لها حضارة ..! فهل من الممكن أن يقارن حاكم قطر أو ملك الجزيرة نفسيهما بالحضارة المصرية ، أو العراقية أو السورية ..؟؟ من المستحيل مهما كانت هذه الثروات التى يمتلكونها أن يصنعوا منها حضارة أو حتى مدنية ، رغم الفروق الشاسعة بين الحضارة والمدنية .!                   واليوم جاء ماكنا نحذر منه دوما ، بدأت الثورة فى مصر فى 2011 وانكسرت ثم استعادت نفسها فى 2013 وانكسرت لكونها لم تحقق أهدافها التى يلبت منها فى كل مرة واليوم ونحن على وسك الأنتهاء من عام 2019 تهب الثورة من جديد لتبدد الظلام المتبقى وتعيد النور الى القلوب والنفوس التى تعبت من كثرة الظلم الواقع عليها من غطرسة الحكام الفاسدين والذين يسعون فى الأرض فسادا والله لأ يحب المفسدين .                                                                                     

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق