بغداديات/ عدنان الظاهر

بغداديات 8 / في ساحة التحرير
ميدانُ التحريرِ وقودُ رخامٍ مصهورِ
يا حاملَ راياتِ الساكنِ والماشي
خضّبها ماءً رقراقا
النخلُ منائرُ شوكٍ تُبكيني
النخوةُ تأتيني خطّاً أُفقيا
من نوقِ الأشعثِ والأغبرِ والقفطي
طرُقٌ ملأى بحطامِ زجاجاتِ الدمعِ المُرِّ
كنتُ الواقفَ وحدي
أطفأتُ ذبالةَ حاجاتي قنديلا
حققتُ معارجَ ميزانِ الدنيا تلفيقا
روّجتُ لعهدِ التنسيقِ الآلي
مدّدتُ بساطي حتى ضاقت أرجائي
لكنَّ الثورةَ ما زالتْ ...
ماذا يجري 
في ميدانِ وسوحِ متاهاتِ التبريرِ ؟
نفط يجري
في عِرقِ مناجمِ تدويرِ المعنى
مُجتازاً بوّاباتِ حميمِ الخلُجانِ
ينفخُ ناراً في نارِ
كنتُ الشاهدَ حمّالَ البلوى !
البهجةُ في جسرِ التحريرِ بلا معنى
بيتُ القاضي قوسانِ وأدنى
الأخضرُ قُبّعةُ الرأسِ الحافي بُرجا
آخرهُ الكعبُ العالي 
[ بغدادُ رُصافتها كرخُ ] 
فلتشهدْ بغدادُ 
ضاعفتُ كثافةَ ألواني
أبدلتُ اليُمنى باليسرى
قايضتُ مكاني
راسلتُ حمامَ الوحشةِ في نصفٍ ليلا
أطبقتُ جفوني لأرى في الظُلمةِ شيئا
الصوتُ المبتوتُ سيسحبُ من تحتي أقدامي
لفضاءٍ لا يخلو
من تكبيرِ هزيمِ وهمزاتِ الوصلِ
يفتضُ حوافرَ أفراسٍ طاشتْ
" لَعبتْ بالمُلكِ " وجاشتْ
فَعَتا في الشارعِ مدُّ
يا اْبنَ اللعنةِ لا تُطلقْ نارا
الساحةُ ميدانُ .

بغداديات 9 / رومانسيات بغدادية
غيّرتُ كثافةَ أصباغي
أبدلتُ الأخضرَ باليابسِ عشّقتُ الأتعسَ بالنابي
علّقتُ اللوحةَ في صدرِ البابِ المقلوبِ
الجنسُ حرامي
الجنسُ مرايا تتكسرُ في الخلوةِ ألوانا
لا تُخفي ظمأَ الحُمّى
الساقي يتخفّى
ينأى .. يتباعدُ .. ينأى
يجترُّ عليقَ خفيفِ الجمراتِ
ذئبٌ في شُعلةِ نارِالعينينِ
ـ الجنسُ مُدامي ـ
كسّرتُ الأقداحَ وأحرقتُ الحانةَ والحاني  
ويلٌ للساقي من ثاري !
[ والله لكسر المجرشةْ والعن أبو راعيها / عبود الكرخي ] .
تنسجُ ( شيرينُ ) محارمَ للذكرى دمعا
تحرقها أيّانَ ـ متى ما شاءتْ
تجعلني أغلي في مِرجلِ كانونِ السبكِ
أبحثُ عنها نقداً صِرفا
في دورةِ أسواقِ العُملاتِ 
شيرينُ تعافتْ 
لم تتركْ إلاّ رُقُماً
ختمتها برضابِ الشوكِ الدمويِّ البري 
سِمةٌ أخرى تتبدّلُ فصلاً فصلا
ما بين خريفٍ أنهكني وشتاءٍ صيرّني صيفا
لم تتبدلْ شيرينُ
لم يتبدلْ شيءٌ فيها
رحلتْ ...
ركبَ الثوّارُ بحارَ الكاريبي
النارُ مشاعلُ إبحارِ سفائنهمْ
النارُ تحاصرهمْ بحراً بحرا
ماذا لو عادتْ شيرينُ
جاءتْ تتعثرُ بالمحظورِ ؟
الوقتُ يمرُّ على أوراقِ الصفصافِ سريعاً
ساعيها حيرانُ
والموكبُ لا زالَ يُجيدُ الردسَ على صوتِ الحاكي
شيرينُ تُغنّي موّالا .


هناك تعليقان (2):

  1. أشعارك رائعة استاذي الجليل . كلها تعبر عن المأساة والمحن التي نمر بها . تحياتي لك أيها العزيز

    ردحذف
  2. صباح الخير عزيزي / الشعر نزيف العروق وكشف لمكنونات النفس البشرية .... أجزل الشكر.
    د. عدنان الظاهر

    ردحذف