شهوة القتل وقصص أخرى قصيرة جدّا/ حسن سالمي

شرشمان*
   نطلبها في أعماق الصّحراء، حيث يبسط السّكون سلطانه. لحمها لذيذ شهيّ وقيل فيه شفاء للعلل. ولا يصيب أحدنا شبعته منها إلّا إذا اصطاد منها عشرا فما فوقها. تعشق الرّمل الطّريّ وتخزن نفسها فيه. تجري تحته كما تجري فوقه... 
*****
     أصابته المسغبة منذ ثلاث، ولا رفيق له في العراء المذموم إلاّ إبل جفّ ضرعها. رأى بروزا تحت الرّمل فزغردت أمعاؤه ورقصت نفسه بين جوانحه. غرس كلتا يديه يروم اصطيادها، فما هو حتّى مزّق صراخه سكون الصّحراء... غمغم: إنّها النّهاية...
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* الشرشمان ج شرشمانة: من سحالي الصّحراء، وتعرف أيضا بسمكة الرّمال.
**

عصفور غيّر حياتي
     
     نصبت له فخّا وخنست أرقبه من بعيد.. ووجدتني أتبعه بنظراتي وأنا مبهور بريشه المغسول بالشّمس. فلمّا نطّ قريبا من الطُّعم قفز قلبي وراءه.. تحرّكت الدّودة فانقضّ عليها. حينئذ انتفض الرّمل والفخّ معا.. 
أخيرا ملكته... 
بعد ساعة، وجدت مخالبه مغلولة إلى عنقه...
آه، صفعني ورحل.
**

ظلّ مشروخ

     كلّما نظرت إلى ظلّي وجدتني أبلغ الجبال طولا.. وما زال ذلك حالي حتّى بتّ أنظر إلى غيري مجرّد حشرات وأقزام. ذات مرّة قذف القدر في طريقي أحدهم فثارت بيننا خصومة، وما دريت حتّى أشبعني ضربا، ولولا النّاس لأكلني بأسنانه..
    بعد خسارات أخرى، حانت منّي التفاتة إلى المرآة، فوجدتني أصغر من بعوضة...
**

شهوة القتل
     
    ما من هائمة تدبّ إلّا وتهزّني شهوة قتلها. ولا أذكرني تساءلت لماذا أقتلها ولم تمسسني بسوء؟    
    في فناء الحوش والقمر ينقِّبه الغمام، رأيت خنفسا فركلته بقدمي الحافية. طار عاليا وسقط في بقعة ظلّ.. قرّرت دعسه بكعبي العاري... 
"يا حْلِيلِي على وْلِيدِي"
وتهرع إليّ أمّي شاهرة فردة حذائها وصرختي تخطف وجهها.. حينها كانت العقرب تتحرّك من الظّلّ إلى ضوء القمر...
**

المخاتلون

كلّما سجد نطح الأرض. وكلّما اختلى بنفسه حكّ الثّوم على جبينه. فلمّا طالت لحيته وهاجت قال: "الآن صرت تقيّا".
جاء طفله يجري وطرقات الباب تتعالى: "بَابَا، بَابَا، انْقُلَّهْ مَاشِك هْنَا!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق