هُنا العِراق/ الأب يوسف جزراوي

صديقي الذي سقَط 
في اِنْفجار ٢٠٠٥ 
لم نعثر على جثته
بل وجدنا حفرةً عميقةً في الأرض
تحيط بها بركة من الدماء 
وقفنا هناك نصلي 
حتى امَتلأت الحفرة بالورود
وكأننا أمام قبره 
بينما أمه ونسوة الحي
َكنَّ يبكينَّ ويصرخنّ
فشكلت دموعهنَّ
نهرًا من الأحزان 
نما على ضفافه نايًا
سبّح بحمد الحروب!.
......
صاحبي الذي نال
إِكليل الشهادة
في مظاهرات أكتوبر
صعدت روحه للسماء
فجأة ودون غرة
سمع صوتًا:
هنا العراق!
فأرسل لامه حلمًا في المنام
إنَّ معظم سكان السماء
هم من أصحاب الجنسيّة العراقيّة!!.
.....
في تلك الليلة الحزينة
وقفتُ أمام طفل المغارة لاسأله
في كنيسة لورينز بRotterdam :
لماذا ارتفعت صادرات العراق البشرية
إلى السماء وبلاد الاغتراب بعد ٢٠٠٣؟
ولماذا بلدي دون غيره
لم يزل يُلحن 
الف أغنية للموت
فكان الصمت أبلغ جوابًا!!!
....
تركتُ أصدقائي في الكنيسة 
 يبكون أحزانهم ويُصَلّون وجعهم
فطوبى لمن سيُكمَّل هذا الوجع 
أمّا أنا فخرجتُ
أسيرُ في الطرقات
أضعُ يديّ المتجمدتيّن 
في جيبِ معطفي
اغربلُ وَجْه المحطات
وأفرزُ قمح البيادر من زوانها...
فتَحَتُ عين الحقيقة 
وقلت لربّي في سرّي:
 حتى متى 
سيظلّ بلدي
جنديًا في معركة الشطرنج؟
فتحت أنقاض غربتي
وطن يصرخ: هُنا العراق
وفي صراخه ما يستحق البكاء.

امستردام/ هولندا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق