من أقوال مار يعقوب السروجي الملفان/ إعداد حسيب شحادة

يتبوّأ يعقوب السروجي (Jacob of Serug) وبالسريانية سروچايو/ܣܪܘܓܝܐ وباللاتينية Iacobus Sarugiensis، الذي ولد في سروج في بلاد ما بين النهرين نحو عام ٤٥١م. ورحل عن هذه الدنيا نحو عام ٥٢١م.، مكانةً مرموقة في الأدب السرياني. إنّه يأتي بعد القدّيس أفرام السرياني. هذا القدّيس والمطران والمعلّم/الملَفان والشاعر واللاهوتي والمفسر/مفَشقُونو الجريء، لقّبته الكنيسة الأنطاكية السريانية بقيثارة البيعة الأرثوذكسية، كنّارة الروح الإلهي، إكليل الملافنة، مزمار الروح القدس. في تفسيره لأسفار العهد القديم من الكتاب المقدّس اتّبع السروجي النهج الرمزي الروحي المسيحاني، وانتقد اليهود وكلّ الشارحين الجسديين (ܦܰܓܪ̈ܳܢܳܕܝ̈ܐ ܒܶܣܪ̈ܳܢܳܝ̈ܐ).  إنّه   يؤمن بأنّ المسيح متجلٍ في ثنايا الكتاب المقدّس، أمّا في شرحه لأسفار العهد الجديد،  فإنّه يسلك التفسير الحرفي لأنّ البشارة، كا قال، شمس لا تحتاج لرموز. أصبح كاهنا في بداية القرن السادس، درس في مدرسة المدينة المباركة - الرها ذائعة الصيت، التي أغلقها الفُرس عام ٤٨٩م.  ورُسم مطرانًا نحو عام ٥١٨-٥١٩ م. وقد أقرّت الكنيسة السريانية الأرثوذكسية قداسته، وعُيِّن عيده في التاسع والعشرين من تشرين ثان. ثمّة أديرة وكنائس كثيرة تحمِل اسم يعقوب السروجي في الرها وديار بكر وحلب وطور عابدين وضواحي ماردين. من مؤلفاته: ميامر (مقالات أدبية شعرية) وأناشيد ومداريش (جمع مدراش أي شرح ووعظ) وسوغيثات (أغانٍ روحية على الأحرف الأبجدية) وشوبحات (ترانيم نثرية للتناول) وقصص ورسائل وخطب وليتورجيات (راجع: البطريرك أغناطيوي أفرام الأوّل برصوم، اللؤلؤ المنثور في تاريخ العلوم والآداب السريانية، حلب: دار ماردين، ١٩٤٣،  ص. ٢٢١-٢٢٥؛ ). 
بلغت ميامرة ٧٦٣ قصيدة حسب قول إبن العبري، ضاع منها أكثر من النصف،  أوّلها عن مركبة حزقيال (سفر حزقيال ١: ١-٢٨) وآخرها عن الجلجلة، ويصل عدد أبيات بعض الميامر إلى أكثرَ من ألفي بيت، مثل ميمريه عن الصليب وعن الأيّام الستّة. ومطلع قصيدة مركبة حزقيال ”أيّها الرفيع الجالس على المركبة التي لا تُدرك“. هذا يعني أنّه نظم الآلاف من الأبيات الشعرية، وقد بدأ بنظم الشعر عندما كان في الثانية عشرة من عمره. وفي هذه الميامر شرح السروجي الكتاب المقدّس بعهديه، القديم والجديد (https://www.syr-cath.org/pages/bahnam). في عام ١٩٠٥ طبعت بمصر ٥٨ ميمرا بالعربية للسروجي. ويجمع السريان اليعاقبة على أنّ يعقوب هو الذي استنبط البحر الشعري ذي الاثني عشر مقطعًا، الذي يرمُز إلى عدد الرسل الاثني عشر، الذي حمل اسمه مشوحثو يعقوبويتو. خلّف السروجي تراثًا ثريًا من شعر ورسائل ومواعظ وترانيم وليتورجيا. وكان الراهب اللعازري بولس بيجان قد نشر مائتي ميمر في خمسة مجلدات ضخمة. طالب يعقوب دومًا بعدم تقسيم يسوع المسيح الواحد. كما كان يدعو الناس إلى الاكتفاء بما قُرّر في المجمعين نيقية وقسطنطينية، وما زاد عن ذلك فهو إضافة/توسفتو لا طائل تحتها. واشتهر يعقوب بتواضعه إذ درج في رسائله بكتابة هذه الكلمات ”يعقوب الناقص، العبد، الساجد، الحقير، المحتاج إلى مراحم الله“ وبالسريانية بصيرو، عبدو، سوغوذو. ويبدو أنّ السروجي لم يطمح في التسقّف مبكّرًا لأنه فضّل تكريس أوقاته للملفنة والنسك. والمعروف أنّ السروجي، الذي أجاد اللغة اليونانية واطّلع على تراثها، كان يناهض كبرياء اليونان فكريا. ولعل السروجي هو أوّل من أدخل الرابوع/ربيعويوثو وهو مصطلح لاهوتي معناه بدل الثالوث يعلنون رابوعا أي وجود شخصين في المسيح،إلهي قدير وإنساني ضعيف.   


* النفس المريضة تسألك يا ربّي أن تأتي إليها، أدخل وافتقدها لتقوم وتخدمك كلَّ يوم.
* أيّها المحسن، يا مَن بابك مفتوح للأشرار والخطاة هبني أن أدخل وأرى بهاءَك وأتعجّب.
*  أيّها العالي غير المفحوص، الجالس على المركبة، أعطني كلمتَك لأكرِز في الأرض كلّها أنّك غير محدود.
* الرسالة - الكلمة صورة للعقل.
* يا ربُّ من يحيا لك وبك لا يموت.
* ربّنا نور لمن يُحبّه، لكنّه نار آكلة لمن يدنو منه ليستقصيه.
* الصليب يُشبه الشجرة والرهبان يشبهون أغصانه.
* الإنجيليون أربعة مثل أنهار الجنّة الأربعة.
* صورة المرآة النظيفة تساعد على الرؤية.
* نيسان صورة القيامة.
* هطول الأمطار صورةٌ للنكبات والذنوب الهاطلة كالمطر.
* الصباح يمثّل الولادة للإنسان، والظهر يمثّل الشباب، والمساء يمثّل الموت.
* يسوع النور الحقيقي.
* الثالوث لا يقبَل الإضافة.
* كُن جاهلًا لتضحى حكيمًا في الربّ.
* من يُؤمن به يحيا ومن يفحَصه يختنق.
* ليحفظ الإيمان كما هو بدون كلام مستفيض.
* المحبّة ذهبٌ والإيمان لؤلؤة. 
* جميع الهراطقة شربوا من معين ”الحيّة القديمة“ الواحد.
* من بدأ بالغلط ينتهي بالغلط.
* كل قوّاته محيّرة، كلّ أعماله عظيمة، كلّ صنائعه مجيدة، أمّا موته فهو أمجدها كلّها!
* بصليبه ثلم سياج العداوة، بألمه شفى آدم وحرّره من شهوات الخطيئة.
* المسيح واحد، وُلد من الآب بلا بداية، ووُلد من البتول ببداية. كامل/مشلمونو بلاهوته وكامل بناسوته.
* هذا يقول هكذا، وذاك يقول هكذا، ستتكرّر ما دام الإنسان الكائن الحرّ عائشًا على الأرض.
* لا يُمكنني أن أحُطّ من قدر كلام الله لأجعله يوافق إرادتي.
* إنّ الله موطن/اثرو النفس.
* لا تنظر إلى السلطة؛ كُن غريبًا عن الوطن والمسكن والجنس. الجنّة مفتوحة وتنتظرك.
* يسمو درب المسيح على الطبيعة.
* العقل محدود التفكير كالنسر المحدود طيرانُه.
* من يبغض أخاه هو قاتل البشر، وكلّ من يُحبُّ أخاه يسكُن المسيح فيه.
* النفس التي لا تجادل تشبه مريم.
* إنّ النفس العاقلة لا يقلقها جدل.
* كُن معافىً وفرِحًا بربّنا في كلّ وقت.
* الآب هو الذي أعطى النطق للناطقين ليصفوه لأنه لا يوصف.
* ليخدم كلّ امرىء الربَّ حسب موهبته.
* إنّ الله لا يُخدم بمظاهر/اسكيمو علنية.
* العقل لا يُحبس مثل الجسد.
* الشياطين تُحاول خدع الجميلين.
* الإيمان يعرف المسيح بالمحبّة. 
* الرؤيا الروحية تعوّض عن الرؤية الجسدية.
* أن يبيع المرء مقتناه، ويُعطي للمساكين هذه بداية التلمذة.
* الله لا يُدرَك.
* يسوع كلمة لا قول، أمّا يوحنّا فهو صوت … الصوت إنسان والكلمة إله.
* ثلاث هي الباقية: الإيمان والرجاء والمحبّة، وأعظمهنّ المحبّة.
* طلبَ الماءَ كالعطشان من السامرية، وهو يُرسل المياه على الأسواق.
* يسوع نور الشعوب، ورجاء العالمين وديّان الموتى والأحياء.
* حيث لا يوجد ألم لا يوجد صليب. 
* ألم الحميريين ينشر المسيحية في بلدهم رغم اضطهاد اليهود.
* وبقدر كثرة الآلام هكذا تعظُم الأكاليل.
* كبير هو جمال الذي تكثر آلامُه؛ وهكذا يجمُل الإكليل بقدر قساوة الضيق.
* بالموت أعطى الحياة للعالم، وبصليب العار الخلاصَ للمسبيين.
* وكل الأجناس اقتنصت بشبكته.
* ومهما قطعتمُ الجسدَ فأنا لا أمزّق إيماني.
* عندما يتنازع الظلام مع النور، أعني الضلالة والناموس، يقوم الأنبياء لينطِقوا بالحقيقة.
* الآب نور حقيقي، والابن شعاع أزلية الآب، والروح إشراق لاهوته.
* هو صُلِب ورفَع خطيئة العالَم وسمّرها معه على الصليب. 
* على الرُّها لن يتسلّط العدو.
* من الضروري جدًّا أن يعرف المرء فكرة الكتاب، أكثر من أن يتعلّم قراءته. من قراءة الكتاب يعرف تكرار/تنيونو الكلمة؛ ومن فكرة الكتاب تُعرف إرادة الله.
* منَ المُحال أن ترجع الكلمة، كما لا يرجع المطر إلى السماء.
* إنّ المسيح أرسل إلى أبجر بألّا يتسلّط عدو على مدينته، مكافأة له بموهبة الأمن.
* إن الله كائن فوق الكلّ، كالرأس الذي هو فوق جميع الأعضاء، وبه ترتبط وتحيا.
* تُرى متى استطاع السيف والنار أن يقضيا على بِشارة ربّنا في العالم؟
* إنّ الوثنيين إنّما يُبغضونكم لأنّهم لا يعرفون ربَّهم، أمّا اليهود فيفعلون هذا لأنّهم يُبغضون ربَّكم.
* كلام الربّ سِرّ يفوق الإدراك.
* أمّا نحن القاطنون في بلاد الروم، المتمتّعون بالأمن لفضل الملوك المسيحيين، فإنّنا نغبِط حياتكمُ القلقة والمتضايقة، المتألّمة على مثال آلام المصلوب.
* الحمد للروح الذي نقّاها (العذراء) ورحضَها وبعد ذلك حلّ فيها.
* أمّا أنت فارسم في خبز القربان ذكرَك وذكر أمواتك، وأعطه للكاهن ليقدّمه بدوره أمام الله. 
* لا تُنادي الميت في القبر، فلن يسمعَك، لأنّه ليس هناك، فاطلبيه هنا في بيت الغُفران. 
* لن ينتفع ميتكِ من بكائكِ عند القبر، بعكس قُربانكِ الذي يصلُح بل ينفعكِ وميتكِ.
* لا يكفي الجشع العالَم بأسره.
* عندما يكثُر الثراء يزداد الجشع.
* كم من الناس خرجوا من بيوتهم إلى السوق، فعادت جثتهم إلى بيوتهم بيد الآخرين.
* كم من أفراح في العالم انقلبت بغتةً إلى أتراح.
* واحد هو موت الفلاسفة والأُميين.
* لا أهدأ من مدحك يا ربّي، حتّى بعد وفاتي. مَن يحيا بك وفيك ولأجلك لا يموت. كلمتك لا تموت، وسكوت القبر لا يقدُِر أن يُسكتها، فلتتكلم إذًا بفمي لتُردَّد بعدي في المستقبل.
* إنّ لا مساء لنهار النور المتلألىء في الجانب الأيمن، ولا صباح لليل الظلمة البرّانية البهيم. فبعد أن يلِج العريس خِدره، يُغلق الباب ولا يُفتح للقارعين، كما أغلق نوح بابَ الفلك، لم يفتحه للفجّار ليستتروا فيه معه من الأنواء الشديدة؛ لأنّه متى صدر القضاء لا ينفع الدعاء.
* لم تستعجل مريم مثل أمّها حوّاء، التي من صوت واحد صدقت وحملت الموت.
* إن أخطأتَ لا يلومك، لأنّه ممتلىء رحمة، يلومك إذا لم تثب.
* كلّ من يترك أبًا أو أمًّا أو إخوة يصير ابنًا للروح القدس وأخًا للمسيح، وحبيبًا للآب السماوي.
* الخبز والماء جزءا الحياة الجسدانية، وكلمة الربّ حياة النفس الروحانية.
* في هذه الأيّام نفطِم الجسد من المأكول، ونُكثر التعليم لتسمَن فيه النفس.
* افتح باب بيتك للغريب بمحبّة، وجميع أبواب الملكوت تنفتح لك.
* الله وزّع اللغاتِ بين البشر، وهذه اللغات هي نفسها التي وهبها للرسُل تلاميذه، بدون تعليم ولا ممارسة.
* عليّة صهيون أصبحت بابل ثانية؛ أصبح التلاميذ يتكلّمون مختلف اللغات.
* الصلاة تكشِف حُجُب اللاهوت وبها يعرف الإنسان سرَّ الخفيات؛ وهي مفتاح كلّ البوّابات، يعرف بها الإنسان كلّ الأسرار.
* الاتّضاع هو بيت اللاهوت وأينما وُجد سكن الله فيه.

الراهب القسّ أغسطينوس البراموسي، كتاب القديس يعقوب السروجي: سيرته وأقواله. أسقفية الشباب
أغناطيوس يعقوب الثالث، هبة الإيمان أو الملفان مار يعقوب السروجي أسقف بطنان.  دمشق، ١٩٧١.
الدكتور الأب بَهنام سُوني، رسائل مار يعقوب السروجي الملفان. موسوعة عظماء المسيحية في التاريخ، ترجمات ٣. منشورات المركز الرعوي للأبحاث والدراسات، الرئاسة العامّة للرهبانية الأنطونية المارونية، دير مار روكز -الدكوانة - لبنان. ط. ١، ١٩٩٥، ٤٠٩ ص. 
بولس بهنام، خمائل الريحان أو أرثوذكسية ما يعقوب السروجي الملفان.مطبعة الاتحاد، ١٩٤٩.
بولس الفغالي، يعقوب السروجي كنارة الروح وقيثارة البيعة، حياته ومؤلفاته وفكره. مجموعة التراث السرياني، بيروت: دار المشرق، ط. ٢، ١٩٩٦.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق