انتهى عام 2019 بمظاهرات واسعة النطاق، وتفاقمت الفوارق الاجتماعية، وأزمة التمثيل في العديد من البلدان، ويتجه العالم نحو الركود وأزمات جديدة، مع استفحال استنزاف البيئة، ومع ذلك، يمكن للحكومات والمواطنين في نهاية المطاف عكس هذه الاتجاهات المقلقة في عام 2020.
هذا هو جوهر الحديث لمديرة منظمة العمل الدولية واليونيسيف ايزابيل اوتيز التي ترى في مقال لها نشر في البيان الإماراتية لقد سئم العديد من الناس في الدول التي تشهد تجاذبات، من السياسات التقليدية غير البناءة، فهم يريدون إحداث تغيرات وسيختارون أحزابًا جديدة كونها وسيلة لتحقيق ذلك، وتهدف من وراء هذا القول ثمة فرصة مهمة لتغيير الوضع الحالي، لكن العديد من القادة غير الحكماء والذين لا يراعون المصالح الإنسانية يوغلون في الديماغوجية ونهجهم اليميني المتطرف ويلومون سياسات الرعاية الاجتماعية والمهاجرين والفقراء على مشاكل اليوم، بينما يسعون إلى إزالة جميع القيود المتبقية المفروضة على رأس المال، ففي بعض الأماكن سيصوت العديد ممن يعانون من الليبرالية الجديدة لصالح هؤلاء السياسيين، ما سيجعل العالم مكانًا غير متكافئ ومحفوف بالمخاطر.
ومع ذلك، ورغم المخاطر الكبيرة، المؤسف إننا نجد أنه يستمر اليمين في الفوز بالعديد من الأصوات جزئيًا لأنه أصبح أكثر تطرفًا، حيث يقدم سياسات غير تقليدية و«غير متوقعة» - من بناء الجدران إلى الخروج من الاتحاد الأوروبي - التي تجذب أولئك الذين يريدون التغيير قبل كل شيء.
إذا فشل الديمقراطيون الاجتماعيون في إيجاد سياسات عامة تقدمية جذرية وجذابة عام 2020، سيشهد العالم - على حد زعمها - صعود اليمين المتطرف على نحو متزايد مع التوجه نحو زيادة عدم المساواة، والمخاطر الاقتصادية، والتدهور البيئي.
ليس من الصعب معرفة كيف وصلنا إلى هذا الوضع، أدت أربعة عقود من السياسات الليبرالية الجديدة إلى تآكل الظروف المعيشية في معظم البلدان.
وبوضوح ترى لقد اتبعت الحكومات اليسارية واليمينية، بناءً على نصيحة صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي ومنظمات أخرى، سياسات التوريد وركزت على تحسين القدرة التنافسية للأعمال، وخفض الأجور وجعل أسواق العمل «أكثر مرونة» وخفض الضرائب على الشركات وزيادة عدم المساواة في الدخل، في حين زادت الشركات من قدرتها التنافسية، مع انخفاض مستويات المعيشة وارتفاع الديون العامة، ظل الطلب العالمي في حالة ركود.
كما دعمت الحكومات تخفيضات في النفقات الاجتماعية وخصخصة الخدمات العامة، ومن المفارقات إن معظم المدخرات من هذه التخفيضات قد توجهت نحو دعم الشركات الخاصة من خلال الإعفاءات الضريبية وعمليات الإنقاذ في محاولة لتحقيق النمو.
وبالتالي، فإن المواطن العادي قد يشهد انخفاضًا كبيرًا في الرفاهية، في حين ظل النمو الاقتصادي بطيئًا؛ لأن السياسات الليبرالية الجديدة قصيرة الأجل لا تعالج الأسباب الهيكلية الطويلة الأجل للمشكلة: الإفراط في الإنتاج والقدرة الزائدة.
وفي مجال التعليق على ذلك ترى اذا لم يتم تغيير المسار الحالي، فسيتم تنفيذ تدابير تقشفية في عام 2020.. وعندها، ستصبح هذه التدابير «الوضع الطبيعي الجديد» والذي سيؤثر على 113 دولة أو أكثر من 70% من سكان العالم، ويغذي المزيد من السخط الاجتماعي.
إن التدابير التقشفية ليست ضرورية، هناك بدائل حتى في أفقر البلدان، أبلغت منظمة العمل الدولية ومنظمة الأمم المتحدة للمرأة واليونيسيف عن ثمانية خيارات تمويل على الأقل لخلق الموارد بشكل مستدام وتجنب التخفيضات في الخدمات العامة، على سبيل المثال يمكن للبلدان وقف التدفقات المالية غير المشروعة، وقمع التهرب الضريبي.
اذا أنهت الحكومات المتقدمة البارزة تدابير التقشف، فقد تتمكن المزيد من الدول في عام 2020 من رفع مستويات الدخل من أجل التنمية الوطنية، وزيادة الاستثمارات، بهدف خلق فرص عمل لائقة وضمان الاستدامة البيئية، بالاضافة إلى تحسين التنظيم المالي وإعادة تشكيل عمليات التمويل، يمكن لهذه التدابير أن تساعد في تجنب خطر الركود والأزمة الاقتصادية المالية المحتملة.. ولكن حتى لو استطاع العالم تجنب الكارثة الاقتصادية في عام 2020، فسوف يستمر الدمار البيئي فيما لم يتم تنفيذ سياسات فعّالة بالخصوص.
إن هذه المشاكل العالمية تتطلب معالجتها بحكمة وتعزيز تعددية الأطراف وليس إضعافها، للعمل بشكل جماعي على ايجاد حلول مستدامة لتحسين حياة الناس.
نستخلص مما تقدم يمكن تحقيق مستقبل أفضل للجميع، يمكن للحكومات، والمواطنين في نهاية المطاف، تحسين العالم في عام 2020، لكن اذا استمرت في التركيز على القضايا الربحية الضارة على حساب رؤية طويلة الأجل، وزيادة الإنفاق الدفاعي وخفض الرفاهية، بينما تسمح للأغنياء أن يصبحوا أكثر ثراءً وإحداث المزيد من الأضرار البيئية، فسنواجه سنة أخرى طويلة من العيش بشكل خطير.
• الليبرالية الجديدة توسع دائرة ضحايا الرأسمالية، هذا الرأي للكاتب الفلسطيني المستنير سعيد مضية ويقصد به تقصر الليبرالية الجديدة ليبراليتها على نشاط الرأسمال الكبير، بينما تقلص لأقصى حدٍ الحريات المتاحة للجماهير في الدفاع عن العيش الكريم.
مناخ الليبرالية الجديدة أطلق العنان للاحتكارات الكبيرة لنهب الشغيلة والبلدان الفقيرة بأساليب غاية في المكر والخديعة والنهب المكشوف، دمرت نقابات العمال وألغيت مكاسب الطبقات العاملة التي اضطر الرأسمال تقديمها للشغيلة بموجب اقتصاد الرفاه، أثناء المنافسة مع الاشتراكية.
ترافق العدوان الاقتصادي بغطاء أيديولوجي يرمي لتقويض المقاومة لنهج الليبرالية الجديدة، بات هجوم الليبرالية الجديدة في مجال الثقافة والتعليم مركز اهتمام العديد من الأكاديميين في الولايات المتحدة، نظرًا لما يهدد الثقافة من مخاطر التجريف، من بين رجال المقاومة الثقافية هنري غيروكس، الذي تصدى مبكرًا مع أكاديميين أمريكيين للحملات الايديولوجية لليبرالية الجديدة.
استغلت هيمنتها على أجهزة الثقافة والمجالس المنتخبة في الولايات المتحدة، وسخرتها لإشاعة الارهاب وثقافة الخوف وعروض العنف، ولإضفاء الشرعية على ما يجري من عسكرة العامة والمجتمع الأمريكي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق