تقاطر الكثير من زعماء العالم الى دولة الإحتلال لحضور المنتدى الخامس لما يسمى بالمحرقة " الهولوكست"...حيث نجحت اسرائيل في تسويق وتوظيف قضية المحرقة اليهودية لتقديس الضحية اليهودية لخدمة اهدافها في انشاء دولة الإحتلال ومن ثم اعتبار هذه الدولة مقدسة وواحة من الديمقراطية في غابة من الديكتاتوريات العربية و"التطرف" الإسلامي ،وكذلك الضغط على حلفائها من اجل زيادة مساندتها وابتزازهم مالياً والدفاع عن عدوانيتها ضد شعبنا الفلسطيني واستمرار محرقتها بحقه،واعتبار ما جرى بحق اليهود من قبل النازية يتصف بالفرادة ولا تضاهيه او تساويه أية محرقة أخرى لا إبادة الزنوج من قبل الأوروبيين ولا إبادة الهنود الحمر من قبل أمريكا،رغم ان الإتحاد السوفياتي في الحرب العالمية الثانية خسر ما يربو على عشرين مليون عسكري ومواطن ...زعماء العالم هؤلاء الذين يهمهم بالأساس المصالح قبل أي شيء اخر فلا قوانين ولا مبادىء الشرعية الدولية ولا اتفاقياتها تعنيهم اذا كانت تتعارض مع مصالحهم واهدافهم،وفقط هي جيدة اذا خدمت مصالحهم واهدافهم...ولذلك قدموا الى القدس رغم اعترافهم بان القسم الشرقي من المدينة محتل وفق القانون الدولي وقرارات، الشرعية الدوليةواعترافهم بان أي حل سياسي يجب ان يقوم على أساس حل الدولتين،ولكن في قدومهم للقدس ولقاءاتهم مع قيادة دولة الإحتلال،باتوا اقرب في مواقفهم السياسية العملية الى موقف الإدارة الأمريكية المتصهينة والتي نقلت سفارتها من تل ابيب الى القدس واعترفت بها عاصمة لدولة الإحتلال،وشرعنت الإستيطان في الضفة الغربية واعتبرت أنه لا يتناقض وقوانين الشرعية الدولية ...ونتنياهو قال علناً امام كل زعماء العالم الذين جاؤوا للتضامن مع دولة الإحتلال والحزن على من قتلوا في المحرقة من اليهود،بأنه يسعى الى ضم الأغوار وشمال البحر الميت لكونها ذات اهمية استراتيجية لدولة الإحتلال،ويوافقه الرأي كذلك غانيتس رئيس حزب ازرق أبيض الصهيوني،والذي اعتبره البعض الفلسطيني وراهن عليه بأن يكون " المنقذ" و" المخلص" وبينت زعيم اليمين الجديد قال بأن اسرائيل لن تتنازل او تقدم أرض جديدة من اجل قيام دولة فلسطينية،ولم نسمع من "جوقة" النفاق الدولي أي كلمة بحق اسرائيل التي ارتكبت وما زالت ترتكب الجرائم بحق الشعب الفلسطيني وتواصل القمع والتنكيل به بشكل يومي،فهناك عشرات المذابح التي ارتكبت بحق الشعب الفلسطيني،ومئات القرى والعديد من المدن الفلسطينية التي جرى تدميرها في حرب عام 1948،عام النكبة، وقيام دولة الإحتلال على انقاضها وإحلال المستوطنين محل سكانها الأصليين،وليشرد ما يعادل نصف شعبها في المنافي ومخيمات اللجوء حتى يومنا هذا،ومن بعدها واصلت اسرائيل مسلسل جرائمها وقمعها وتنكيلها بحق الشعب الفلسطيني،حيث مضى على حصار شعبنا في قطاع غزة اثنا عشر عاماً،وصلت حد تدمير كل مقومات حياة هذا الشعب،حيث الحرمان من الماء والكهرباء والمشافي والعلاج والخدمات الصحية وخدمات الصرف الصحي وعدم صلاحية البنية التحتية،وكأن غزة تعيش في القروسطية،وحتى استخدام اليورانيوم المخصب في الحروب العدوانية التي شنتها اسرائيل على شعبنا في قطاع غزة،لم يجر ادانتها او افرض عقوبات عليها بسبب استخدامها للأسلحة المحرمة دولياً ....المهم نتنياهو وظف هذا الحشد الدولي الكبير لكي يفيده في المعركة الإنتخابية القادمة،وخاصة بان صديقه ترامب سيقدم له هدية جديدة تساعده في الفوز في الإنتخابات القادمة،وهي دعوته هو وغانتس زعيم ابيض ازرق الى واشنطن من اجل اطلاعهم على تفاصيل صفقة القرن الأمريكية،ما هو متبقي من الشق السياسي منها،لتصفية وشطب القضية الفلسطينية بشكل نهائي،وهذا يشمل ضم 50% من مساحة الضفة الغربية،27% منها في الأغوار و 10% المستوطنات الإسرائيلية في الضفة و13 % شوارع وطرق استيطانية وإلتفافية ،ودعوة نتنياهو وغانيتس الى واشنطن،تحمل عدة دلالات،وهي ان الإدارة الأمريكية تريد القول للطرفين بأنها تقف على مسافة واحدة الفرقين،وانها ربما تدفعهم لتشكيل حكومة وحدة وطنية صهيونية ،والموافقة على صفقة القرن الأمريكية لكي تصبح متبناه من اغلبية اسرائيلية واسعة.....نعم التقاطر العالمي للمشاركة فيما يسمى المنتدى العالمي الخامس للمحرقة " الهولوكست" والإعلان من قبل الحزبين الإسرائيليين الكبيرين الليكود وازرق وابيض مع تحالفاتهما الحزبية عن التوافق على ضم الأغوار وشمال البحر الميت واقسام كبيرة جداً من الضفة الغربية، وتوقيت الإعلان عن ما تبقى من الشق السياسي من صفقة القرن الأمريكية،التي جرى إقرار شقها الإقتصادي في ال 24 و 25 من حزيران الماضي في مؤتمر اقتصادي او روشة مالية عقدت في البحرين برعاية واشراف امريكي،الهدف منها تصفية وشطب القضية الفلسطينية،على اساس اعتبارها قضية صفقة تجارية ومشاريع اقتصادية تقوم على أساس تحسين شروط وظروف حياة الشعب الفلسطيني تحت الإحتلال،دون أية حقوق وطنية وسياسية وحديث عن انهاء الإحتلال،بل صفقة تجارية يجري فيها بيع قضية فلسطين بموافقة ومشاركة وتمويل عربي ب أقل من خمسين مليار دولار ،جزء كبير منها قروض والباقي منح تقدم اغلبها من قبل الدول العربية ..
ما يجري ويحدث على درجة عالية من الخطورة،وبقاء الحالة الفلسطينية متشظية ومنقسمة على ذاتها،وعدم وجود رؤيا واستراتيجية فلسطينية موحدتين،وكذلك الحالة العربية التي تعيش اسوء مراحلها من انهيار وتعفن النظام الرسمي العربي،وتورط اجزاء منه في المخطط والمشروع والصفقة الأمريكية،يدفعنا للقول بأنه بات محتماً على القيادة الفلسطينية ان تخرج بشكل نهائي من مسار اوسلو وتتحلل من كل التزاماته المنية والسياسية والإقتصادية،وعدم الركون والرهان على المؤسسات الدولية والقانون الدولي،وإطلاق العنان للخيارات الشعبية والمقاومة،ووضع الخطط والأليات لبرنامج تقوم على الصمود والمقاومة، بحيث يجري إعتماد خيار المقاومة الشعبية في الميدان،وليس مجرد شعار،والبحث في خيارات حل السلطة والعودة بالقضية والمقاومة الفلسطينية الى ما قبل قيام السلطة فهذه السلطة،سلطة بدون سلطة وحتى أقل من حكم ذاتي،ومهما كان حجم وضخامة المؤامرات التي تحاك ضد شعبنا،فهذا الشعب اثبت على الدوام بأنه قادر على احباطها والتصدي لها،فصفقة القرن الأمريكية التي تنفذ بعيداً عن الشعب الفلسطيني ومتعارضة مع حقائق التاريخ والجغرافيا والواقع لن تنشيء حقوقاً ولن يترتب عليها التزامات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق