مَمْلَحة ومَبْهَرة/ حسيب شحادة

Salt Cellar and Pepper Cellar

صدر في البلاد مؤخرًا كتاب حول سيرة حياة الأديب، المعجمي، اللغوي، المترجم والمحرّر رئوڤين القلاعي، وفيه الكثير من الألفاظ التي  أوجدها: סמדר ברק, אוצֵר המילים,  סיפור חייו של המילונאי ראובן אַלְקָלַעי. ידיעות ספרים ، كانون ثانٍ، ٣١٠ ص. (سمدار باراك، جامع الكلمات، قصّة حياة المعجميّ رئوڤين القلعي. أخبار الكتب...).

تذكر المؤلّفة براك أن القَلاعي (١٩٠٧- ١٩٧٦)، المولود في بيت المقدس لوالدين من أصل صِرْبيّ،  قد تحدّث بالعبرية واللادينو والعربية منذ طفولته، إضافة في ما بعد للفرنسية والإنچليزية والإيدش. تخرّج القَلاعي من دار المعلّمين باسم داڤيد يلين في القدس. عمل مترجمًا في فلسطين منذ ثلاثينات القرن العشرين، ترجم قِصصًا مختارة لسومرست موم وآخرين؛ ترأّس مكتب الصحافة الانتدابية؛ عمل محرّرًا لحوليات الحكومة الإسرائيلية بين السنتين ١٩٥٠-١٩٧٤؛ كان عضوًا في لجنة الأسماء الحكومية التي عَبْرنت -أطلقت أسماء عبرية -  على أماكن وبلدات في البلاد. كانت هوايته الأساسية دراسة علم اللغة العبرية وألّف معاجم كثيرة في هذا المجال. منذ نعومة أظفاره كان مُغرمًا بجمع الكلمات وبحث سياقاتها ومدلولاتها، وكذلك ٱنشغل بالبحث عن أمثال وأقوال مأثورة. من معاجمه يمكن التنويه بـ: معجم إنچليزي عبري إنچليزي كامل، ١٩٥٨؛ معجم الألفاظ الأجنبية، ١٩٦٤؛ معجم عبري عبري كامل، ١٩٦٤؛ أقوال الحكماء، ١٩٦٨؛ قاموس القلاعي المركَّز، ١٩٧٨.

صاغ القلاعي أكثرَ من ألف كلمة وعبارة، رُبعها دخل حيّز الاستخدام  مثل: دوڤير - דובר بمعنى ممثّل الشرِكة، الناطق باسمها، هِفْچيز، هَفْچَزَه הפגיז، הפגזה أي قصَف، قصْف؛ هِسْتَهْلوت הצטהלות أي التجنّد لجيش الدفاع؛ تسيون - ציון أي أسطول صغير؛ هَتْكَفات نيچد-  התקפת נגד أي هجوم مضاد؛ تْسينَع -צֶנַע أي تقشُّف ويعود تاريخها إلى بداية الحرب العالمية الثانية؛ شْليحات تِچْبورِت -שליחת תגבורת أي إرسال النجدة. كلمات كثيرة على وزن فَعيل مثل: אכיל, כביס, לביש, פתיר, קריא (أَخيل، كَڤيس، لَڤيش، پَتير، كَريي)  أي يمكن: تناوله، كيّه، لبسه، حلّه، قراءته وهذا الوزن يذكّر القارىء بصيغة الصفة الإنجليزية المنتهية باللاحقة able––  نحو: readable. 

ويُذكر أنّ معظم ما صاغ وأوجد القلاعي من ألفاظ، لم تُكتب لها الحياة وهي في بطون مؤلِّفاته، منها: גופיף أي جُسيم، جسم صغير؛ להאהיב أي يُحبّب؛ בוּרוקרטיה أي تفشي/نهج الجهل؛ היום מלך – מחר הֵלֶך، منقول عن الإنجليزية والمعنى: اليوم ملك وغدًا لا شيء؛ שלומאי أي المسالم؛ מגְלח أي ماكنة الحِلاقة؛ מזלגון أي شوكة؛ דקליל أي نُخيلة، כפריר أي قرية صغيرة . وأخيرًا פלפלייה أي إناء حفظ الفلفل الأسود المطحون.  

أذكر أنّي في أواخر العام ٢٠١٧، ٱنتهيت من قراءة كتاب عاموس عوز (١٩٣٩-٢٠١٨): הבשׂורה על פי יהודה, כתר ספרים, 2014, 308 עמ’ -البُشرى بحسب يهوذا، كيتر سفريم، ٢٠١٤، ٣٠٨ صفحات. لقد تمتّعت بقراءة قصّة الكتاب المذكور، التي تدور حول ثلاث شخصيات مركزية؛ الحبكة محكمة، الوصف تفصيلي، ثاقب، دقيق وجذّاب؛ واللغة ثرية بشكل نادر. وفي الكتاب معلومات جمّة وقيّمة عن الحياة السياسية في البلاد في خمسينات القرن الفائت.   

وفي السادس من شباط العام ٢٠١٨، أرسلت للكاتب عوز رسالة إلكترونية عبّرت فيها عن انطباعي الإيجابي بعد القراءة. وفي آخر الرسالة تطرّقت لمسألة لغوية؛ ففي ص. ٦٩ يكتب عوز: אסף בכפו השמאלית את המִמלחה ובימנית את כלי הפלפל, ואמר: --- التقط بكفّه اليمنى المملحة وباليمنى إناء الفلفل، وقال… وعلّقت بقولي لمَ لا نستعمل פלפלייה قياسًا  بسابقتها المملحة، ממלחה/מלחייה؟ بعد بضعة أيّام تسلّمت إجابة إلكترونية من عوز، وممّا ورد فيها ما معناه: شكرًا على الاقتراح، سأحاول استخدام اللفظة المقترحة مستقبلًا. 

الجدير بالذكر أنّه لا الكاتب عاموس عوز ولا كاتب هذه السطور كانا على عِلم، بأنّ القلاعي قد صاغ اللفظة المذكورة ، واقترحها للاستعمال منذ عشرات السنين. لوِ ٱستعمل أديب بارز بقامة عاموس عوز هذه اللفظة المقترحة، لكان من المحتمل القريب جدًّا أن  تكون قد دخلت حيّز الاستعمال اليومي والأدبي. بحث بسيط بمحرّك غوغل، يُظهر استعمال الصنوين المذكورين - מלחייה–פלפלייה  في الإعلانات التجارية على الأقلّ. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق