ارحمونا/ يسرية سلامة

"تنتشر فيديوهات خُزعبلية أحدها لفرسان تمتطي خيولاً تجري في السماء ، وآخر لرجل يُصلي في السماء بين السحاب، وثالث يظهر فيه طائر غريب عجيب يطير لأعلى الصليب، ويرسم الهلال فوق صليب أكبر كنيسة في إيطاليا".
ما هذا الخبل والخرافات؟! ما هذه الفتن؟!
أمره كاف ونون، لو أراد لخلق البشرية كلها مسلمين، لكنه لم يرد، وخلق الخلق، ويعلم دين كل من له دين، ومن بلا دين،
 ويرزق الجميع في الدنيا، بغير حساب دائن ومدين.
- لماذا ظهرت تلك البشارات المفتعلة الآن؟
- أهي المرة الأولى التي ترفعون أعينكم فيها للنظر إلى السماء؟! أم هو الفراغ مع إغراء الفوتوشوب؟! 
- ياريت ترحمونا وترحموا أبونا.
والأدهى والأمر، هذه الرسالة  المتداولة على "الواتس" التي تبدأ بالتهليل " الله الله الله.أكبر....ثم تكمل بكلمات كثيرة مؤداها أن ما ورد بسورة "المدثر" هو التنبأ بالكورونا، وأنها لن تبقى ولا تذر!!
لكن كاتب تلك الرسالة، الذي يُعاني من علة الغباء فوق علة الجهل، قد بقى بعد الكورونا، وتركته ليُكتب لنا هذه الرسالة التي تفتري على الله الكذب، وتلصق أمور بالقرآن الكريم حسب الهوى، لا حسب الشرع، وتفتن الناس في دينهم، وتُلحق الضرر والأذي بالإسلام والمسلمين، ولماذا التعميم، والنشر على أن هذا التفسير معلومة مؤكدة؟
كل هذه الأكاذيب ستوضع في الميزان يوم القيامة، رفقا بعقولنا فالخير للرحماء. 
وفي خضم تلك الفتن يظهر فيديو لرجل مُسن خرف، يعلم الله بما يُعانيه من أمراض شيخوخة، أو هوس ديني، قائلًا عن نفسه:
-"أنا المهدي المنتظر". كي تكتمل سلسلة الخزعبلات.
ودعوى من آخرين:
-كبروا من "البلكونات"
لماذا؟! فما هذاالتيه في مفرق المحن والشدائد؟!
ما أراه إلا حصاد ألسنة جنود إبليس، هل سنصبح رقًا لمواقع التواصل الاجتماعي (الفيس والواتس)؟!
نستقي منهما معلوماتنا، وننساق وراء كل ما يُقال؟! 
تختم الرسائل بجملة "نستحلفك بالله أن تُرسل لكل قائمة أصدقائك"، ولماذا تلزمني بالقسم؟!
وكل ذكي دق أو رق فهمه، يقرأ قراءة متمعنة ليست عابرة، صار ثابت في زمن الجهل والفتن، عفة اللسان فيها الأمان، وإن كانت هناك ضرورة، فوالله إن الكلمة لأمانة.
أمانة في عنق قائلها وسامعها وناقلها، "إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا"، قبل الإنسان بجهله حمل الأمانة فعليه ألا يفرط فيها.
وإصلاح الفساد أمر تُحتّمه الشريعة، طوبي لمن أماط مصادر الإيذاء عن البشر، فغواص البحار ينتقي الجواهر، لذلك وجب انتقاء الكلمات خاصة في تلك الأزمات، فعلي من قارفوا أو شاركو أو نافقوا أن يستغفروا.
هل فيكم رجال يسمعون؟!
- الصبر الصبر، فما الصبر إلا عن عظيم المصيبة.
- والأفضل لي ولكم أن نصلي في مخادعنا، ونسجد ونتضرع إلى الله في جوف الليل
- اللهم اجعل لي لسان صدق في الآخرين. 
                             يا أرحم الراحمين ارحمنا، فما عهدناك إلا راحمًا رحِما، وما ألفناك إلا سر أُلفتنا.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق