أبي
الذي استوطنت روحه السماء
أبرق لي ليلة أمس حلمًا
بهيئة استيضاح، مفاده:
لماذا معظم سكان السماء
من أصحاب الجنسية العراقيّة؟!!
ماذا أصاب العراق؟!
فأجبته:
لا تقلق يا أبي
فقد مرَّ وقتٌ طويلٌ
على رحيلكَ لدار البقاء
ولم يتبدل شيءٌ في الوطن
الذي أحببته بكلِّ جوارحك
سوى أنه أصبح
تحت قبضة عصابة أخرى
أكثر فسادًا ودمويٍّة
مارست القتل الحلال!!
....
أبي
لا تسألني عن العراق
ففي التاسع من نيسان ٢٠٠٣
أسقطَ الامريكان الديكتاتور
بوصايةٍ ملحةٍ من مرتزقة
حكموا البلاد فيما بعد
كَم فيهم من أبي طبر
وكَم من سارقٍ وجلاد
تعلموا العربيّة
في بلادِ الفرس إيران
حتّى رطب النخيل
قايضوه بالزعفران!!
....
أجل يا أبي
سبحان مغير الأوطان
لقد شحبت صورة العراق
واختفت ضحكته
وتوارت هيبته!
فالسلام مخطوف
والحياة خرساء
أما الموت فإنّه يثرثر كثيرًا
ففي حضرة غيابك
أرتفع منسوب القتل
إلى حدٍ كتب العراقيون
على سكر حياتهم ملحًا
وقاية من نمل المليشيات!!.
.....
بلدك يا أبي
مدنه متشحة بالسواد
لم تعرف بياضًا
سوى بياض الكفن!
من سُودِ الليالي
حكنا ملابسنا
وبحمرة الدم
ارتوت أراضينا!!
إنّه عراقك
لا طابت جراحه
ولا جفت دماؤه
لم يعرف طريقًا للخلاص
إلا وتاه منه!!.
.....
أبي
شجرة النبق (السدر)
ما عادت خضراء
وبلد الأنبياء
ما عادت أشجاره عذراء!!
فمن بلاءٍ إلى بلاء
من غزوٍ إلى غزوٍ
ومن احتلالٍ إلى احتلال
ومن عميلٍ إلى عميل
ومن ظالمٍ إلى ديكتاتور
ومن فاسدٍ إلى سفاح
يضربُ خبط عشواء
في شعبٍ
حملَ أحْلاَمهُ إلى قُبرهِ
جيلًا بعد جيل!!.
فلم يكن الوطن
سوى حبل غسيل
لثيابٍ تُبَقّعها
دماء حلم جميل!
.....
ولكن لا تقلق يا أبي
فكلُّ شيء على ما يرام
لقد قامت الغربة
بالواجب على أحسن وجه
مع عائلتك وأشقائك العراقيين
فمنذ التاسع من نيسان
لم نعتد العيش بأمان
فقد تحطم السدّ
وما بقي لنا غير الطوفان!!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق