عرفنا الرفيق محمد كناعنة (أبو أسعد) المقيم في عرابة البطوف الجليلية، مناضلًا عنيدًا شرسًا، وواحدًا من أعلام الحركة الوطنية الفلسطينية في الداخل، من خلال انتمائه ونشاطه في حركة " أبناء البلد "، التي يشغل سكرتيرها العام.
وقد عانى محمد على امتداد مسيرته الكفاحية الملاحقات السياسية السلطوية القمعية، وأحس على جلده قهر وعذابات السجون والزنازين المعتمة، وذلك نتيجة نشاطه الحزبي ونضاله ومواقفه الوطنية السياسية وقناعاته الفكرية، التي تجلت وتجسدت قولًا وفعلًا بالممارسة اليومية.
وكنا عرفنا كناعنة كاتبًا سياسيًا، وقلمًا خصبًا رصينًا ملتزمًا بقضايا شعبنا الوطنية والتحررية المصيرية. وقد نشر الكثير من كتاباته في الصحف والمجلات التي أصدرتها حركة أبناء البلد ونطقت بلسانها، وفي عدد من المواقع الالكترونية وعلى صفحته الشخصية في الفيسبوك. وقرأنا له في الآونة الأخيرة مشاهدات يومية من الحجر، وعن كي الوعي الفلسطيني.
وقد قاجأنا محمد كناعنة أن له العديد من القصائد والأشعار التي كان قد كتبها تحت ظلام وحلكة الزنزانة وعلى جدرانها، سكب فيها مشاعره وجسد ألمه ومعاناته على الورق، وجاءت وليدة المعاناة والوجع والقهر الداخلي العميق.
وكم سرني أنه قام بتجميع هذه الأشعار ضمن مجموعة شعرية بعنوان " بمشيئة الملاح "، صدرت حديثًا عن دار فضاءات للنشر والتوزيع في عمان، التي يديرها جهاد أبو حشيش.
ولتقرأ ما كتبه محمد في المقدمة : "في قلب تلك العتمة شديدة السواد، انتشيت وانتشت كلماتي، لتبوح بعشقها لزوايا زنزانة عفنة، إلّا من روح من صمد هنا، من روى سراجَ عتمتها بدمه وعرقه بعد كل جولة تحقيق وتعذيب، وفي ليلة من ليالي العزلة في تلك الزاوية المظلمة شعرت بحاجتي لقلم وورقة، هذه الحاجة دفعتني للمحاولة لتهريب أو سرقة قلم من أمام المحقق، أو من المحامي الزائر...، كنت منتشيًا بالقلم وسيلتي للهرب وللمقاومة ، وما أن استقريت حتى فاض الفرح في قلبي فملاٌ المكان".
وتأتي هذه المجموعة الشعرية لتشكل إضافة نوعية وكمية لأدب السجون أو الأسر الفلسطيني، الذي يتميز بالصدق وحرارة التجربة والعاطفة الحقيقية.
أبارك للصديق والرفيق المناضل محمد كناعنة بصدور مجموعته الشعرية " بمشيئة الملاح " وتمنياتي له بمواصلة النشاط السياسي النضالي، والعطاء الأدبي والكتابي، مع خالص تحيات الود والتقدير.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق