في تاريخ الاندلس كثير من الاحداث المثيرة والقلاقل الماساوية التي حيرت ولا تزال تحير المؤرخين والباحثين وتثير الكثير من التساؤلات وبالاخص في عصر ملوك الطوائف فرجال هذا العصر تسببوا في اندثار حضارة راقية رائعة اينعت في تلك البلاد ،البعيدة عن دمشق وبغداد والقاهرة وبخارى ، والنائية ايضا عن بيزنطة و روما ...اذ انقسم الناس الى طوائف ،وليست المشكلة في انقسام الساسة والحكام ووراءهم الجند والعلماء وعامة الناس،والانقسام لم يكن مشكلة الغرب فقط فالمشرق ايضا كان يموج بالدويلات والامارات المتقاتلة فيما بينها!..وانما الخطر كان حركة الاسترداد المسيحية التي كانت تقوى يوما بعد يوم مصممة أشد التصميم على طرد العرب من الاندلس الى ما وراء البحر،وكان يقابل هذه الحركة المتنامية موجة عاتية من الانقسام والكيد والتآمر بين الاندلسيين وكانت تنمو يوما بعد يوم مصممة أشد التصميم على الجري وراء المطامح الشخصية الآنية والمغامرة والمقامرة بحضارة راقية لم يعرف التاريخ مثلها ،وكان ذلك أمرا غير مفهوما وعجيبا اذ كيف لا يبالي الانسان وهو وسط أخطار تتهدده من كل مكان، والنيران تشتعل من كل جانب،والدويلات تتساقط عاما بعد عام من طرف القشتالييين ....
كيف لم يكن في ذلك العصر ولا إنسان عاقل واحد،يجمعهم على كلمة واحدة وهي محاربة العدو الطامع ليس في ملك واحد منهم وإنما في الجميع، ولماذا لم يظهر حاكم واحد يتنازل عن بعض الأملاك والأراضي مقابل الإتحاد والحزم في محاربة العدو ، الذي اغراه ضعفهم وتساهلهم بأن عزم على تتبعهم بعد سقوط غرناطة الى ماوراء البحر في تونس والجزائر والمغرب ومصر....بل وآستطاع أن يحتل أكثر من مدينة ساحلية من بلاد الشمال الأفريقي...
هل كان ملوك الطوائف مجانين؟
في هذا العصر المضطرب المليئ بالخداع والكيد و الدسائس والتحالفات المشينة مع العدو الحاقد والماكر؛ يتحالف معك لكي يقضي على أخيك فتضعف أنت وتبقى وحيدا فيلتهمك بكل سهولة فيما بعد!فيتخلص من عدوين أو أكثر في آن واحد وبأقل التكاليف ،لو اتحد ملوك الطوائف وتنازلوا عن القليل من الأملاك الفانية والكبرياء الزائف لما استطاع القشتاليون أن يفعلوا شيئا ولو لمئات السنين ولو تحالفوا مع الألمان والسكسون والفرنجة!
وفي هذا العصر ظهرت الكثير من الشخصيات من قادة وجنود ومتآمرين وشجعان وجبناء لكن التاريخ احتفظ بثلاث أبطال تتكرر اسماءهم وسيرهم في كل سطر من أسطر تاريخ الأندلس في عهد الطوائف الحزين ؛ ابن عمار الداهية ،ابن تاشفين المجاهد الشجاع يتوسطهم المعنمد بن عباد الشاعر والحاكم ،وقد ربطتهم علاقات انسانية وسياسية ...
ابن عمار كان انسانا مغمورا من عامة الشعب قربه المعتمد حاكم اشبيلية وجعله صديقه الأثير فارتفعت مكانته ،وصار من الأعيان لكن الغرور أصابه فأنكر الجميل وأساء الى من أحسن اليه وبل وتحدى المعتمد واستقل باحدى الولايات التي أمره عليها، فانتهت به الأمور سجينا ﻻن المواطنين رفضوه لمكره وممارسته الخداع ورغم ذلك رغب المعتمد في الصفح عنه احتراما لسنوات الصداقة الطويلة لكن حتى وهو في السجن استمر ابن عمار يتبجح ويتفاخر بالآثم فما كان من المعتمد الا ان ضغط على قلبه وقتله....
أما علاقة المعتمد بابن تاشفين فكانت علاقة سياسة وحكم آذ لجأ اليه المعتمد طالبا العون لرد القشتاليين عن اشبيلية فأجاب ابن تاشفين بطل الصحراء النداء لأسباب دينية في المقام الأول فالعدو واحد والأرض المهددة اسلامية ،وبالفعل استطاع التحالف الاشبيلي المرابطي ان يهزم القشتاليين في معركة الزلاقة الخالدة. لكن المرابطين اعجبوا بجمال البلاد وتعجبوا من شقاق اصحاب البلاد ،يتصارعون ويتحاربون والعدو يجهز نفسه من جديد فما كان من ابن تاشفين إلا أن ضم الأندلس إلى مملكته فصارت الأندلس تابعة للمغرب،وهذا تصرف أمته ظروف سياسية مستعجلة ،وقد تفهمه المؤرخون لكن معاملته القاسية والغير الإنسانية لحاكم وشاعر مثل المعتمد هيجت المؤرخين ضده وضد دولته لقرون وحتى اليوم....
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق