مهداة إلى روح الصديق الفنان التشكيلي حنا الحائك (الغريب الحزين).
أيها المنقّب عن شظايا رقيمات الماضي التليد
لماذا الإصرار على الإطلال من كوّة الأساطير الباذخة
على أطلال المدن المنكوبة بهذيان الأنبياء والمشعوذين؟
لقد كنتَ رحيق الفجر العابق في القرى الغافية على ضفاف الأنهار
وكنت شهيق الزهر في حدائق أوروك
رسّختَ الآمال في قلوب البراعم
وأوقدت المشاعل على تخوم الليالي
واكتشفت الينابيع الثرّة في لغة الأطفال
وتضمّخت بعبير الملح المرشوش على عتبة أكيتو
ثم مضيت مهفهفاً
لتتوغل في الشعاع الممتد ما بين نينوى وبابل
كانت لوحاتك أشبه بانعكاس مرايا الفصول على جدار الشمس
وكانت أشعارك أشبه بهسيس الضوء في مجاهل الذاكرة
وعلى الرغم من كل مآسي وويلات وطنك الجريح
كانت دموع البؤساء تتفتّح على شفتيك زنابق أمل
لا زال رنين ضحكاتك يصدح في مسامعي كأنّات ناي جريح
وصدى كلماتك لم يزل يدوّي في أنفاق الروح
كخرير شلالات الحزن في وادي الرافدين.
أيها الحامل تحت إبطه آخر نسخة من سفر الخلود
بلّغ تحياتي إلى صديقك الودود أوتونابشتيم
بعد مرورك بكلكامش وأنكيدو في غابة خمبابا
لأنك الوحيد الذي يعرف كل تفاصيل الحياة
والموت
والقيامة
وأنت الوحيد الذي كان ينام على سجّادة الريح
فوق سطوح الآفاق
تحت ظلال زقورة أور
وأنتَ...
أنت الوحيد الذي يعرف كيف يموت
وكيف يتجلّى
وكيف يقوم من الموت متى ما يشاء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق