العنصرية اللونية في المجتمعات العربية/ كافي علي

كما صحت الثقافة الغربية بعد مقتل جورج فلويد الأمريكي من أصول افريقية من غفلة تاريخ عنصري كلل رموزه بالمجد، سلطت تلك الحادثة الضوء على ركام العنصرية الشرقية في مجتمعاتنا ضد ذوي البشرة السمراء٠
وفِي الوقت الذي اقتلع المحتجون الغربيون تماثيل الرموز العنصرية في تاريخهم ورموها في البحر، لازال ذوي البشرة السمراء في مجتمعنا العربي يُنعتون بالعبيد، ولازال استسلامهم وهزيمتهم أمام تلك الثقافة الشيطانية يفرض عليهم العزلة ويرسخ وهم قناعتهم بأن كل من يختلف لونه عنهم يُنعت حر٠
قبل أن نتخذ من حادثة جورج فلويد فرصة لنقد الثقافة العنصرية الغربية علينا ركل ثقافتنا العربية حتى تتقيأ تاريخها المخزي في التعامل مع ذوي البشرة السمراء٠
وقبل أن نخوض في تفاصيل تلك الثقافة وعنصريتها لنتوقف قليلا عند معنى العنصرية، ولماذا يجب أن يعاقب العنصريون في مجتمعات يعتبر الدين محور جوهري في تأسيس ثقافتها كعقاب ابليس٠
العنصرية هي تحول الطموح والرغبة بالتفوق عند الإنسان كحاجة للتطور إلى غرور وهيمنة بالقوة٠
والعنصرية اما نفسية بسبب فشل الفرد في تحقيق ذاته من خلال الإنجاز، أو حضارية كمحالة لمواجهة خطر يهدد كينونة شعب٠ فالفرد الفاشل في تحقيق ذاته بإنجاز يجد كابليس في التفاضل الخُلقي فرصة للتفوق على الآخر، والحضارة المهدد بالانقراض بسبب تفوق حضارة اخرى تجد في العنصرية فرصة للحفاظ على كينونتها كتهديد الحضارة الدينية للحضارة القومية٠
معروف بأن العبودية تمتد جذورها في عمق التاريخ، وهي لا تقتصر على حضارة دون اخرى باستدلال ما ورد في مسلة حمورابي وقوانينه حول حقوق وواجبات العبيد، لكن كيف تغير مفهوم العبودية وما انتجته من ظلم واضطهاد من صفة تُطلق على الرقيق إلى ثقافة عنصرية ضد الاحرار من ذوي البشرة السمراء؟
لو تناولنا الديانات التوحيدية السائدة في منطقتنا من منطلق ثقافي وحضاري لا عقائدي فقهي، نرى بأن الديانة اليهودية كانت في جوهرها ثورة إلهية على عبودية الإنسان للإنسان " اذهبا إلى فرعون انه طغى" ، وبأن تحرير الكنعانيون من عبودية الفراعنة كان محور الرسالة التي بعث لأجلها موسى، اما المسيحية فقد تبنت المثل العليا وجعلت تواضع الإنسان للإنسان مقوم جمالي، والإسلام جعل عتق رقبة يعادل العتق النار،٠
إذا كيف ظل ذو الجلد الأسمر حتى يومنا هذا يُنعت بالعبد في منطقة تؤمن بالإله الواحد ورغم انتهاء الرق والعبودية؟
كيف صار عمل غدة في جلد الإنسان لحمايته من أشعة الشمس المؤذية في بيئة صحراوية حارة سبب في عزلته واضطهاده وتحقيره؟
حسم الإسلام العنصرية وجدلية التفاضل الخُلقي كنزعة عدوانية شريرة من خلال التفاضل الخُلقي الذي تبناه ابليس للتفوق على آدم « خلقتني من نار وخلقته من الطين" وقدم الخالق السيد المعرفة والعلم كاساس للتفوق لا الاختلاف بين مخلوقاته "وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين"، فكيف تحولت جدلية التفاضل بين الله والملائكة على خلق الإنسان جدلية ارضية بين البشر وتفاضل بين لون الجلد الأسمر والأبيض ليكون الأبيض ابن ابليس بتكبره وغروره والأسمر ابن الإنسان بسعيه وعلمه؟

هناك تعليق واحد:

  1. سلم قلمك ا. كافي تشبيه بليغ تتقيأ دولنا تاريخ العنصرية..
    التحرر من ثقافة الموروث الهدام في اي تاريخ بشري خطوة. نحو بناء البشره العدل المساواة. السلام "أفلا يعقلون “

    ردحذف