الجلسات العرفية وتهجير الاقباط/ لطيف شاكر

كانت حضارة مصر الفرعونية في مقدمة الحضارات التي احترمت الحقوق الإنسانية ، وطبقتها عبر عصورها المتعاقبة. لقد اختصر الفراعنة في بداية عصر الدولة القديمة مفهوم حقوق الإنسان في كلمة واحدة هي " ماعت" التي تعد من أقدم المصطلحات اللغوية ذات الدلالات المتعددة فهي تعني العدل والصدق والحق ، بل كانت تعني نقيضا لأي معنى غير أخلاقي بوجه عام (المؤرخ عبد العزيز جمال الدين)

وقد واجه الباحثيين في علم الحضارات وتاريخها ان الحضارة الفرعونية اختلفت عن جميع حضارات البشرية في انها لم تخضع لسنة النشوء والارتقاء بل ظهرت متكاملة ومتطورة في جميع عناصر مقوماتها من علوم الفلك والطب والكيمياء والهندسة والزراعة والقانون والفنون والآداب... (د.سيد كريم  عالم المصريات) )

 كانت مصر  دائما    محط  انظار العالم القديم   لحضارتها الباسقة  وكانت مشتهي  كل الدول لوفرة الغذاء بها فاحتلها  الفرس  واليونان  والرومان   والبيزنطيين  والعرب  والعثمانيين  واثرت فيهم وتأثرت بهم لكن تأثرهم  بالعرب كان أكثر لطول فترة الاحتلالات العربية والاسلامية  ولقسوة هذه الاحتلالات,  صحيح اشترك العرب مع الاحتلالات الاخري في نهب خيرات مصر  والتعنت مع اصحاب البلاد , لكن انفرد الاحتلال العربي بهدم الحضارة المصرية واحتلال الانسان القبطي  فغيرت لسانه وهيئته وملابسه ومركبته ..الخ والزامه بقبول الوافد العربي ثلاث ايام في بيت القبطي وسط عائلته ولم تكن ثلاث ايام بل ربما ثلاث سنوات,  وتعددت طرق تحصيل الاموال كالجزية والخراج والعشور والمكوس والاتاوة ...الخ الي ان باعوا اولادهم من كثرة العذاب لانهم كانوا يربطونهم في الطواحين ويضربونهم مثل الدواب وتمادت عليهم الايام وانتهوا الي الموت ,وكانت حركة الهرب من جانب الذين اثقلت كاهلهم الاعباء المالية والجزية ولم يرغبوا في اعتناق الاسلام ,  واضطهادهم دينيا وتدمير واحراق الكنائس  والتشدد في ترميمها او تجديدها واعتبروا صاحب البلد ذميا اي في ذمتهم حتي الذين اسلموا لم يساوهم بهم بل اعتبروهم موالي اي تابعين  وليس اصيل كالعرب القرشي  وكانوا  يستعلون علي المصري الاصيل    

ومن حاول المناداة باحياء الجذور المصرية بعيدا عن الدين او اللسان العربي يتهم فورا بالخيانة للوطن لانه من وجهة نظر المحتل العربي يطالب بتغيير عربنة مصر والرجوع بها الي عصر ماقبل الاحتلال العربي وكأن العرب المحتلون اصبحوا هم المصريون اصحاب البلاد ومن يخالفهم  يتهم بخيانة مصر(انظر تاريح مصر للمؤرخ عبد العزيز جمال الدين)

وكان العرب يمثلون في المجتماعات التي يغزونها ارستقراطية السيف والدم ويشغلون قمة الهرم الاجتماعي اما قاعدة الهرم فتتكون من الرقيق والذميين سكان البلاد الاصليون , وكان يقوم نتيجة لذلك تناقض طبقي بين العرب وغير العرب وبين المسلمين وغير المسلمين  ,وكان المفروض ان يقف المسلمون الجدد وهم من غير العرب طبعا علي قدم المساواة الكاملة مع المسلمين الاصليين اي العرب, غير ان ذلك لم يتحقق قط اذ ظل العرب متمسكين بعروبتهم كعامل يحافظ علي بقاءهم كطبقة مغلقة تستحوذ علي كل الاموال ولايستطيع غيرهم ان يشاركوهم اياها. (د.عبدالله خورشيد في كتاب الهلال /اورق مصرية)                          )  

وذكر  موقع النسابون العرب  اكثر من مائة قبيلة الغالبية العظمي منهم  وافدون من ارض الحجاز ونزلوا في عهود مختلفة خلال الاحتلال العربي والاسلامي  )

أعتقد أنّ شعبنا الآن لا ينقسم بين مسلمين وغير مسلمين ، وإنما بين مؤمنين بمصر فى مواجهة (جيتو إسلامى) وهذا الجيتو يتزعمه الكهنوت الأزهرى وكهنوت العصابات الإسلامية التى يعمل أعضاؤها فى تنظيمات سرية/ تحت الأرض ، وانضمّ إليهم متعلمون محسوبون على الثقافة السائدة مثل د. العوا الذى كتب (تطبيق الشريعة فيه أمان للمسلمين والمسيحيين والليبرالين والعلمانيين)  (المصرى اليوم 31/7/2011) وإذا كان الإعلام البائس منحه لقب (المفكر) فهو لا يختلف عن الدكاترة الشيوخ مثل ياسر برهامى الذى ذكر أنّ وضع غير المسلمين كان دائمًا أفضل حالا فى الدولة الإسلامية   , ماجذر العداء لغير المسلمين (مقال للمفكر طلعت رضوان)

ومصر في نظرهم بقرة حلوب ولابد ان يحلبوها حتي القيح (ابن العاص) ومصر حفنة تراب (البنا) وطز في مصر (عاكف) والجزية علي الاقباط (مشهور) لاجنسية للمسلم غير عقيدته (قطب)........وامجاد ياعرب امجاد .

وقد مارست القبائل العربية  كل انواع العادات القبلية والاعراف العربية وكانت حياتهم اليومية امتداد لحياتهم الصحراوية البدوية مع  نظرة التعالي للمصري الاصيل وعداءه  لغير العربي  المسلم   (  يأكلها تمساح ولا يأخذها فلاح"المصري)") 

ولما كان اصحاب البلد الاقباط ( مسيحيون ومسلمون ) فقد صبت القبائل العربية  جام غضبهم علي الجناح الضعبف وهم  المسيحيون  لحين الانتهاء منهم ثم يولوا وجوههم  نحو   المسلمين الغير عرب  وخير مثال  :  حربهم الشعواء ضد مسلمين اليمن وايران والعراق وما يصنعه داعش في قتل المسيحيين والمسلمين والايزيدين افضل  نموذج لكراهيتهم  لكل ماهو غير العرب وهذه طبيعتهم .

ومن عاداتهم  في حالة الخلاف بين القبائل يكون الجلسات العرفية هي الحكم   وقد وجدوا في هذه الجلسات وسيلة لاضطهاد اقباط مصر المسيحيين وانحازت لهم الدولة خاصة الامن والجهات التنفيذية وان كان انحيازهم بسبب الدين  نتيجة     للتعليم الديني  بعد انقلاب 52   

والقضاء العرفى أعراف تحكمه القبائل العربية والعائلات الكبيرة، تمزج بين أحكام الشريعة الإسلامية وما اتفق عليه التقليد السائد في مجتمع القبيلة والأعراب، ويحل بديلاً عن القضاء الحكومي كما حدث اخير في احدي قري الفيوم ان قام عمدة البلدة بالحكم علي عائلة قبطية بطردها من القرية وبيع ممتلكاتها .

  أكد الدكتور محمود كبيش، عميد كلية حقوق الأسبق، أن الجلسات العرفية لا يوجد سند قانوني لها، ولا يعتد بها قضائيًا  علي أحكامه،  وأن جلسات الصلح تلك التي تلجأ لها العائلات أو القبائل لها بعيدًا عن القانون، لا تمنع القضاء من نظر الدعاوى بها، في حال تقديم أي من طرفي النزاع بلاغًا، حيث إن القانون لا ينظر للأشخاص بحد ذاتهم وإنما للوقائع المجردة والأدلة الحية، لترسيخ مبادئ الدولة في تحقيق العدل والمساواة

وكلما شاهدت صورة تجمع بين أحد رجال الدين المسيحي وأحد الشيوخ يتعانقان بعد إلقاء خطبة منبرية ، ثم يتبادلون كلمات المحبة ويعددون المزايا التي تجمعهم أتخيل أننا نعيش أحداث حرب من حروب الجاهلية الأولي التي كانت بين داحس والغبرا

و يغيب القانون، وتحضر التقاليد والعادات (قاعدة عرب ) التى نرتد بها إلى عصر الجهالة والبداوة بلا رجعة والتضيق علي الاقباط واضطهادهم لتهجيرهم .. وفي سبيل الهدف المنشود ندوس على القانون بأحذيتنا،   حتى يموت تلقائيا فى ضمائرنا، ثم نتباكى على  النسيج الواحد والديمقراطية والحريات.

متي تعود مصر للمصريين ؟ّ!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق