كلّ الحقّ على الطليان/ شوقي مسلماني

 


أعرف مقداري عند صديق الغربة الطويلة الشاعر شربل بعيني، وهو الذي أفرد لي حصّة خلال يوبيله الشعري الفضّي ثمّ الذهبي ـ وعقبال اليوبيل الماسي يا شربل، ونكون معاً، بعدُ، من مجمل الأحياء ـ ويقدّر عالياً نثري، وشعري الفصيح النثري. 

وفي سنة 1993 كانت ولادة قصيدته العاميّة "قرف"، ألقاها في حفل لجمعيّة بنت جبيل في أستراليا زمان رئّيسها الأسبق المرحوم د. خليل مصطفى، لم يبق فيها ولم يذر، وقوطعت بالتصفيق مرّات،  ومنها: 

".. بْلادِي اللِّي غَنَّاهَا الطَّيْرْ \ لَيشْ غِرْقَانِه بِدْمُوعَا؟! \\ بْتُوقَعْ كِلّ مَا تْجِدّ السَّيْرْ \ وْبِتْفَشْكِلْنَا بِوْقُوعَا \\ حَرْقُوا الْجَامِعْ.. حَرْقُوا الدَّيْرْ \ وْخَنْقُوا الْكِلْمِه الْمَسْمُوعَه \\ وْرِكْبُوهَا مَلْيُونْ "زْبَيْرْ" \ وْهِيِّي تَحْتُنْ مَوْجُوعَه..". 

".. شُو رْبِحْنَا مِنْ حَرْب سْنِينْ؟! \ كِذّاب الْـ بِيقُول الْعَكْسْ: \\ رْبِحْنَا أَطْفَال مْسَاكِينْ \ مَا شَافُوا بِعْيُونُنْ شَمْسْ \\ رْبِحْنَا إِخْوِه مَلْجُومِينْ \ خِصْيُوهُنْ بِـ كِلْمِةْ "هِسّْ" \\ رْبِحْنَا أَحْزَاب دْكَاكِينْ \ بِتْقَتِّلْ أَعْضَاءَا بَسّْ \\ رْبِحْنَا كِتَّابْ مْلاعِينْ \ عَاشُوا عَ الْقَبْض وْعَ الدَّسّْ \\ رْبِحْنَا الدِّينْ الْـ مَنُّو دِينْ \ الْـ تَاجَرْ بِاللِّفْت وْبِالْخَسّْ \\ رْبِحْنَا حُكَّامْ شْيَاطِينْ \ لَوْ مِتْنَا مُشْ رَحْ بِتْحِسّْ \\ كَبْسُونَا طُون وْسَرْدِينْ \ وِالْعُلْبِه سَمُّوهَا حَبْسْ..". 

إلى آخره من قصيدة طويلة يجول فيها ويصول،  قاطعاً رؤوس الجميع ممّن خرّبوا اقتصاديّاً، إجتماعيّاً، سياسيّاً، عسكريّاً، عائليّاً.  وجاوبته من جنسه في جريدة البيرق ـ "سيدني ـ 1993" تحت عنوان "طليان". ويبدو أنّ "جوابي" لاقى قبوله، فاتّصل بي وقال، وهو الذي طالما احتفى بأشعاري النثريّة التي صدرت أيضاً في أكثر من بلد عربي، ولاقت قبولاً، ومتفاجئاً أنّي أقول الشعر العاميّ الموزون، وفي رأيه أنّ الشاعر هو بما يجيد من الأوزان أيضاً: "اليوم عرفت يا شوقي أنّك شاعر". وضحكتُ عالياً وهو ضحك عالياً. 

والقصيدة هي: 1 ـ "صارتْ قصّتنا قصّه \ عا كلّ شَفّه وكلّ لسانْ \\ والغصّه بعدا غصّه \ من يوم الـ كنّا بلبنان \\ يوحنّا ما لُو خِصّه \ ومحسن داير عَ النّسوان \\ قصّوا الشجره من نصّا \ وقالوا بالتمّ المليانْ \\ هيدي شغله من بّرَّا \ عِملوها بوم وغربان \ وْطلع الحقّ عْلَى الطّليانْ"!. 2 ـ "يا شربل خَفِّفْ عنَّكْ \ ما تْعِيدا كلمة قرفانْ \\ شو بدّن منّي ومنَّكْ \ أسياد الحُكم بلبنانْ \\ عَ طول يْبَيِّنْ سنَّكْ \ عُمرَك ما تغفَى زعلانْ \\ وانْ هجمولَك عَ قِنَّكْ \ وما خلّوا قِرقَه وْصِيصَانْ \\ قِلُّنْ بِالتِّم الْملْيَانْ \ واللـه عِمْلوها الطِّليانْ"!. 3 ـ "والطّاحونِه الْـ عَمْ بِتْعِنّْ \ سامِعهَا ربّ الأكوانْ \\ مِنْقُولاَ عَ رُمح وْسِنّْ \ نحنا الأبطال بْلُبنانْ \\ في عِنَّا شْعِير وْكِرْسَنّ \ وْعَمْ نطْحَنْ صَخْر الصّوّانْ \\ والطّاحُونِه ما بِتْكِنّْ \ إِلاَّ عَ لَحم الأبْدَانْ \\ بَين الإِنْس وبَين الجِنّ \ صرنا مَسْخرةِ الأَزْمَانْ \\ يا زَعامِه وْيا أخيارْ \ بِتْبِيعُونا الْفِجل خْيَارْ \ وْبتْقولوا: شَغْلِة طِلْيَانْ"!. 4 ـ "يا ستّار ويا لَطِيفْ \ عَ الجِرْدَون وعَ السّعْدَانْ \\ عِنّا سِيفْ وْعنّا لِيفْ \ وما عرفنا نخلق إنسانْ \\ من بَرّا مْوَلّف توليفْ \ ومن جُوَّا زفت وْقطرانْ \\ بينْ الْخِسِّه والتّزْيِيفْ \ ضاعوا عْيارات الميزانْ \\ البُطل بْيِمْشِي مِتْل نْضِيفْ \ العدل مْطَيْشَرْ بالبلدانْ \\ وكلّ خْرَيِّطْ وِخْرَيْطَانْ \ يْقِلَّكْ: حَقّك عَ الطّلْيَانْ". 5 ـ "وما دام الخَوْخَه بِتْصِيرْ \ أَكبَر منْ كُوز الرّمّانْ \\ وِالْعَنْزِه السّودَا بِتْطِيرْ \ فَوق رْبُوعَك يا لُبْنَان \\ شعْبَك رَحْ يِبْقَى تِعْتِيرْ \ الْحاكِم لَوْ أَيّاً مَنْ كَانْ \\ خنزير مْسنسَل خنزيرْ \ أو دِيبْ الغابِه الفلْتَانْ \\ الشّعب اللّي عقلو جنزير \ حطّلّوا قَشّ وبلاّنْ \\ بِتْقِلّلُو سِر الحرْمانْ \ إِقْطاعِي وإبن فليتانْ \ عم بيتاجر بالأديانْ \ ما بْيِفْهَم إِلاَّ الطّليانْ". 6 ـ "يا شربل رح بختِمها \ عقلي من القصّه تلفانْ \\ لكن مش رح إكتِمْهَا \ كلمه أَقْوى من بركانْ \\ بدَّك تِشْتِمْهَا اشْتِمْهَا \ أُمِّه بْيِحْكِمْها الْخصْيَانْ \\ لكن ما تقِلّلي بلبنانْ \ خِربِتْ، عِمْرِتْ،  طلْعِتْ، نِزْلِتْ \ كلّ الْحَقّ عْلَى الطِّليانْ"!. 

وكلّ جميل منّي هديه للشاعر شربل بعيني الذي أتذكّر، وأتذكّر قصيدة "قرف" ووحيها قصيدة "طليان"، والزمان ـ لبنان يبلغ الحضيض، على كلّ صعيد، ولا يزال يغرق، بعدُ، بحكّام فاسدين، ظالمين، لصوص، وقتلة من كلّ ملّة أو طائفة أو مذهب أو دين. 

Shawki1@optusnet.com.au 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق