رغم مضي 42 على اتفاقية كامب ديفيد و 26 عاماً على اتفاقيتي اوسلو وادي عربة مع العدو الصهيوني وحتى ما حصل من فجور تطبيعي عربي رسمي مع دولة الإحتلال منذ اوائل أب الماضي عكس التغيرات الكبيرة التي حدثت في بنية النظام الرسمي العربي ودوره ووظيفته...ورغم كل الضخ المالي والإعلامي والثقافي والسياسي والفكري ومحاول تشويه وإستلاب الوعي للمواطن العربي إلا أن ما نشهده من تحركات شعبية وجماهيرية وحزبية ضد التطبيع مع دولة الإحتلال تؤكد على ان انظمة ودول النظام الرسمي العربي لم تنجح في نقل التطبيع من المستوى السياسي الرسمي الى المستوى الشعبي الجماهيري،وبمعنى آخر الأنظمة في واد والجماهير في واد آخر، حتى في مملكة الرمال نفسها نشهد ارباك في نقل وتعميم عملية التطبيع شعبياً وجماهيرياً،رغم ان المملكة وولي عهدها هم من يقودون مسلسل التطبيع مع دولة الإحتلال،فليس من السهل أن ينقلب ولي العهد السعودي محمد بن سلمان على وعي اهلنا وشعبنا في الجزيرة العربية،وكذلك فالسعودية هي صاحبة ما عرف بمبادرة السلام العربية التي جرى إقرارها في قمة بيروت اب/2002 ،والتي نصت على الأرض مقابل السلام ،ومن الصعب على بن سلمان الإطاحة بهذه المبادرة، فالزيارة التي قام بها نتنياهو للمملكة يوم الأحد 22/11/2020،حدثت بشكل سري دلالة على حالة الإرباك التي تعيشها المملكة في مسألة نقل التطبيع من السرية الى العلانية،وأيضاً الدول التي طبعت وخاصة البحرين والسودان تشهد تحركات شعبية ونقابية وسياسية ضد التطبيع مع دولة الإحتلال ومجرد صورة للفنان المصري محمد رمضان مع المطرب الإسرائيلي عوفير ادام في ابو ظبي حركت الجماهير العربية وحركت نقابتي الفنانين والصحفيين المصريين لتعلن وقف الفنان محمد رمضان عن العمل وتقديمه للمحاكمة ومقاطعة نشر صوره واخباره ...اثنا واربعين عاماً لم تفلح في تغيير صورة المحتل الذي يمارس القتل والقمع والتنكيل بحق شعبنا الفلسطيني الى حمل وديع محب للسلام،فالسادات الذي استدخل ثقافة الهزيمة وأخرج مصر بثقلها العسكري والبشري من الصراع مع المحتل،كان يراهن على ان أمريكا والتي قال عنها بان 99% من أوراق الحل بيدها،يبدو أنه لم يدرك بأن امريكا والغرب الإستعماري من عهد ونستون تشرشيل رئيس الوزراء البريطاني من عام 1940 -1945 وحتى يومنا هذا ما يهمهم بالأساس مصالحهم،فهم ليس لديهم صداقات دائمة،بل مصالح دائمة،وحتى السلطة الفلسطينية التي جاءت كنتاج لإتفاقية اوسلو،وشكلت رأس الجسر للتطبيع العربي- الإسرائيلي،الإسرائيلي تنكر لها وأبقاها بوصف رئيسها أبو مازن " سلطة بدون سلطة"....نعم مسيرة التطبيع مرتبكة وتحتاج الى قوى حية من احزاب ونقابات ومؤسسات واتحادات شعبية ونخب فكرية وثقافية تقود جبهة عريضة تمنع هذا الوباء من التغلل قي تلافيف عقول وأفكار أبناء امتنا وشعبنا الفلسطيني،ونحن على ثقة تامة بأنه رغم محاولة البعض لنقل هذا التطبيع الى المستوى الشعبي والجماهيري من خلال المسلسلات الثقافية والفنية،التي تؤكد على حق دولة الإحتلال في الوجود كمكون طبيعي من مكونات جغرافيا المنطقة وشيطنة شعبنا وقياداتنا واعتبار شعبنا بانه بائع لأرضه ومسؤول عن عدم استقرار وتطور وتقدم بلدانهم،وبان قياداتنا دائماً كانت تضيع الفرص من أجل صنع السلام لشعبها،بحيث رفضت كل هذه الفرص،هذا المنطق المقلوب والمتساوق مع الرواية الصهيونية، كل جماهير شعبنا وأمتنا تعرفه، من رفض كل المبادرات للسلام وحل الصراع العربي- الإسرائيلي على أساس الحد الأدنى من حقوق شعبنا الفلسطيني ، دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران/1967 وعاصمتها القدس وضمان حق العودة لللاجئين الفلسطينين وفق قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة.وكذلك القول عبر " هاشتاجات" بان" فلسطين ليست قضيتي"، لم تفلح في " كي" و" تطويع" و"صهر" وهي أبناء امتنا العربية،الذين ردوا على ذلك ب" هشتاج" "فلسطين قضيتي".
التطبيع ليس قدر شعبنا ولا امتنا العربية،والتطبيع لن يجلب الأمن والإستقرار لشعوبنا ولأمتنا العربية،فالدول التي دخلت حلبة التطبيع ووعدت بأن تتغير ظروفها واوضاعها المعيشية والإقتصادية وان تنخفض معدلات البطالة والفقر والتضخم المالي لديها،وان يرتفع معدل ناتجها القومي،وجدنا بان ظروفها وأوضاعها الإقتصادية ومستوى المعيشية فيها تراجع بشكل كبير،وكذلك حال البطالة والفقر والتضخم،حيث سياسات الإنفتاح الإقتصادي والخضوع لوصفات مؤسسات النهب الدولية من صندوق نقد وبنك دوليين وخصصة وتصفية القطاع العام،أوقعت تلك البلدان في أزمات إقتصادية عميقة وأغرقتها في الديون الخارجية،فلا مصر ولا الأردن والسلطة الفلسطينية تحولت الى جنة الله على أرضه ولا أراضي للبن والعسل.
واليوم والعديد من دول النظام الرسمي العربي المهرولة نحو التطبيع العلني مع دولة الإحتلال ظانة بأن هذا التطبيع العلني الذي يكرس دولة الإحتلال كدولة مسيطرة ومتحكمة في المنطقة،سيوفر لها الأمن والإستقرار ويحمي عروشها من الإنهيار،متناسين بان الحركة الصهيونية قائمة على الإستيطان والتوسع وإقامة ما يسمى بإسرائيل الكبرى من النيل الى الفرات،وثعلب السياسة الإسرائيلية المغدور بيرس قال بأن التطبيع والمعاهدات التطبيعية مع الدول العربية فرصة من اجل إزدهار المنطقة عبر تزاوج التكنولوجيا الصهيونية المتطورة مع رأس المال العربي والأيدي العاملة العربية الرخيصة،وهذا تحقيق للمقولة الصهيونية،بأن نبقى كعرب حطابين وسقائين عند ما يسمون أنفسهم بشعب الله المختار.
يقول الكاتب معن بشور المنسق العام لتجمع اللجان والروابط الشعبية في لبنان "أن اضطرار حلفاء واشنطن الى كشف علاقاتهم التطبيعية مع مغتصبي القدس ومحتلي فلسطين والجولان لم يحقق إنتصاراً جدياً لمسيرة التطبيع،بل أدى الى اتساع المواجهة مع المشروع الصهيوني – الإستعماري،سواء من خلال المقاومة داخل فلسطين او في جوارها،أو من خلال الحركة المتنامية لمناهضة التطبيع على إمتداد الأمة كلها او من خلال مقاطعة العدو على المستوى الدولي إلى درجة ان هناك توجهاً رسمياً أمريكياً واوروبياً يدعو الى ملاحقة اعضاء ال BDS واعتبار الدعوة الى مقاطعة الكيان العنصري الإرهابي في فلسطين نوعاً من العداء للسامية".
نعم دعاة نهج وخيار وثقافة التطبيع يتقدمون على المستوى الرسمي ويستخدمون كل طاقاتهم وإمكانياتهم المادية والإعلامية والثقافية والسياسية والدينية والفكرية من اجل توسيع دائرة التطبيع،ولكن كل ذلك يعاند حركة التاريخ والواقع فدولة قائمة على العنصرية والتطرف والإنغلاق وتحتل أرض شعبنا وامتنا العربية وتهود قدسنا وأقصانا وتضم أرضنا لا يمكن التعايش معها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق