دعوا الزجل هانئًا مطمئنًّا/ د. مصطفى الحلوة

 


من موقعي، كباحث في الفنون الأدبية، فقد تعرّفتُ مؤخّرًا على الشعر بالمحكية اللبنانية، والزجل رافدٌ من روافده، وكانت فاتحة هذه المعرفة، مع الشاعر اللبناني - الأسترالي روميو عويس، في العام 2016، إذْ وضعتُ مراجعتين نقديتين لديوانين له، وقّعهما في مسقطه بيادر رشعين (قضاء زغرتا) كما في سيدني، وأتبعتُ ذلك بمراجعة أخرى، في العام 2018، لديوانه الأخير"وين الخطية؟".

والشاعر عويس، المغترب في استراليا، منذ ما يزيد عن نصف قرن، يُعتبر من شعراء الصف الأول، بالمحكية، في المُغترب الأسترالي. وقد كانت لي مراجعة نقدية لأحد دواوين الشاعر المحامي غابي فؤاد دعبول، منشورة كما مراجَعَتَي الشاعر عويس، في موسوعتي النقدية "80 كتابًا في كتاب". 

وقد كانت ذروة تعرّفي الى الشعر ،بالمحكية، مع محطتين هامتين، اولاهما مع كتاب د. بهية أبوحمد، رئيسة "جمعية إنماء الشعر والترث" في استراليا، عنوانه: "شربل بعيني منارة الحرف"، إذ وضعتُ دراسة نقدية مُسهبة حوله(2019)، وكانت وقفة كبيرة عند أهمية الشعر، بالمحكية اللبنانية. 

أما المحطة الثانية، فقد كانت مع كتاب لي، نُشر في سيدني (2020)، بعنوان: "شربل بعيني بين الفصحى والعامية". وهو كتاب يقارب موقع أكبر شعراء محكيتنا اللبنانية، شربل بعيني، المعتلي إمارة هذا اللون الشعري، الذي لا يقلّ أهمية عن الشعر المكتوب بالعربية الفصحى. وقد تحصّل لي أن البعيني يبزّ كثيرين كثيرين من شعراء مرموقين في ميدان الفصحى! وكذا الأمر مع شعراء زجّالين قرأت لهم، فأكبرتُ فيهم علوّ كعبهم: وسع خيال، وتوسّل فنون البلاغة والبيان، الى ثقافة واسعة وخبرة في مدرسة الحياة تفوق بأضعاف ما يتلقاه المرء في المدارس الكلاسيكية والجامعات.... 

وإذْ أُثني على البيان الصادر عن "نقابة شعراء الزجل"في لبنان، فإنني أدينُ بشدة ما يتوسله بعض الصحفيين من تبخيس للزجل، عبر إقحامه في حفلات العهر السياسي، التي نشهد فصولها المعيبة ،على مدار الساعة!.. فالزجل هو من السمو، بحيث لا يجوز استيطاء حيطانه المتشامخة، وهو، عبر كبار كبار من شُعرائه، رفعوا أسم لبنان الفكر، ولبنان الفن الجميل، ولبنان الأصالة، في أربع جهات الأرض! 

دعوا الزجل هانئًا مطمئنًّا، وفتشوا عن أمكنة أخرى، تستلهمون منها ما يُوصّف حفلات السُباب والشتائم بين أفرقاء منظومة الفساد والإفساد، التي أخذت لبنان إلى الهاوية وأفقرت شعبه وتسومه أشد أنواع القهر والمعاناة!

هناك تعليقان (2):