البلد بأسره يعاني من مشكلة ثقافية، من زيادة مستويات العنف وعدم الإحترام للمرأة
The whole country has a problem of culture, of increased levels of violence and disrespect against women
النائبة بريدجت آرشر نائبة من حزب الأحرار عن ولاية تزمانيا
هل بدأ مفعول كوفيد السياسي لحكومة موريسن يتراجع وولى زمن المعجزات؟
يقارب رئيس الوزراء قضايا البلاد من مفهوم سياسي انتخابي وآخر ايديولوجي وإن كان يبدو براغماتياً بقدر ما تخدم تلك البراغماتية خطته السياسية، ولكن لا تجري الرياح كما تشتهي السفن دائماً.
يبدو إن رصيد الحكومة الفيدرالية الذي اكتسبته بفعل معالجة وباء الكورونا بدأ يتآكل، وان كان هناك العديد من علامات الاستفهام حول الموضوع خصوصاً ترك الحكومة الفيدرالية الحبل على غاربه للولايات بإغلاق الحدود بين تلك الولايات.
فبعد اسبوعين من الفضائح والمزاعم عن حالات الإغتصاب ومعالجتها التي طالت وزراء بارزين (المدعي العام كريستشن بورتر ووزيرة الدفاع ليندا رينولد) ها هي حكومة موريسن تتلقى صفعة سياسية قوية في مجلس الشيوخ بفشلها تمرير قوانين العلاقات الصناعية والذي كانت تبني عليه آمال سياسية كبيرة، بالاضافة الى تراجع شعبية الحكومة الفيدرالية في إستطلاعات الرأي لأول مرة منذ الإنتخابات الفيدرالية الماضية.
تحت شعار كفى يعني كفى، نُظمت (الاثنين 15/3/2021) مسيرة سميت بمسيرة من أجل العدالة إلى البرلمان الفيدرالي وفي كبريات المدن وعواصم الولايات، وقد شارك فيها عشرات الآلاف من أجل العدالة للنساء والمطالبة بوقف الإعتداء الجنسي والتمييز والتحرش بالنساء، كما شارك العديد من السياسيين من كل الاحزاب السياسية.
وزيرة شؤون المرأة ماريز باين ورئيس الوزراء سكوت موريسن رفضا المشاركة وقالت باين إنها والسيد موريسون "لا يحضران عادة المسيرات" لكنهما "على استعداد تام للمشاركة في معالجة القضية، ورفض منظمو الاحتجاج عرض رئيس الوزراء لقاء وفد من المتظاهرين قائلين إنهم لن يجتمعوا خلف أبواب مغلقة.
وكان ملفتأ للنظر ما أعلنه النائب من حزب الاحرار جايسن فلنسكي يوم السبت الماضي 20/3/2021 في حديث لأي بي سي ان رئيس الوزراء لم يستطع المشاركة في المسيرة لأسباب أمنية، لكن منظمو المسيرة ردوا على هذا الكلام بقوة مشددين على الطابع السلمي للحراك وان الدعوات وجهت لكل الاطياف السياسية في البلاد.
رئيس الوزراء سكوت موريسن لم يخرج لاستلام عريضة المتظاهرين ولأسبابه الخاصة، بدى وكأنه يتهرب من تحمل مسؤوليته، لكنه لم يكتف بذلك بل صب الزيت على جراح المتظاهرين عندما أشاد بالديمقراطية الليبرالية النابضة بالحياة والتي تسمح للناس التظاهر دون الخوف من ان يطلق احد عليهم النار كما يحدث في بعض الأماكن الأخرى متناسياً أن التظاهر هو حق مكتسب للمواطنين!
وهذه ليست المرة الأولى التي يحاول فيها موريسن التهرب من تحمل مسؤوليته او التقليل من المشاكل التي تواجه المواطنين، فخلال حرائق الغابات الكارثية التي ضربت البلاد السنة الماضية وعندما تم انتقاده بسبب غيابه بعطلة عائلية قال انه ليس برجل إطفاء ليمسك خرطوم المياه. وعندما فجرت بريتني هيكنز قضية الإغتصاب المزعومة في مكتب وزيرة الدفاع قال موريسن انه سأل زوجته في كيفية مقاربة القضية، وعندما رفض إقامة لجنة تحقيق في قضية الاغتصاب المزعومة ضد المدعي العام الفيدرالي قال انه ليس بشرطي ليفتح تحقيق خصوصاً ان الشرطة اغلقت الملف، مع ان استطلاع للرأي حول الموضوع وجد ان 52 % من المستطلعين يؤيدون تشكيل هذه اللجنة وعارضها 20% فقط وامتنع 24% من إبداء الرأي، وكانت هناك مواقف سياسية وقانونيةً وشعبية مؤيدة لتشكيل هكذا لجنة.
نعم، المشكلة ليست محصورة في حزب معين او مؤسسة بحد ذاتها وهذا ما يتطلب مقاربة وطنية لوضع حداً لهذه المشكلة وكما تقول النائبة ارتشر: "لدينا الآن فرصة لا تتكرر إلا مرة واحدة في الجيل لإحداث تغيير حقيقي". "ولا يمكن ان ندفن رأسنا في الرمال وعدم رؤية الزخم وراء هذا الضغط من أجل العدالة، من أجل التغيير ، لكي تُسمع أصوات الناس".
احتدم النقاش داخل البرلمان بين المعارضة العمالية والحكومة حول الموضوع وكيفية معالجته، وقد تم تبادل الاتهامات بين القوى السياسية لتحقيق أهداف سياسية، صحيح ان لحزب العمال مشاكله الخاصة بقضايا التحرش الجنسي لكن الوقت ليس مناسباً لإلقاء اللوم وتوزيع التهم، بل وقت إثبات القيادة وهذا ما يجب على موريسن إدراكه.
موريسن يحاول الهروب إلى الأمام من خلال العودة الى قضايا الإقتصاد والأمن القومي ومعالجة جائحة كوفيد 19 حيث يعتبر إداء الحكومة ناجحاً، وكأن القضايا الأخرى أقل أهمية او سوف تختفي من الواجهة السياسية، وهذا يبدو أنه لن يحصل لأن الحراك الذي تحمل رايته غريس تايم وبريتني هيكنز لن يستكين، وهذا ما تؤكد عليه تايم التي نالت جائزة استراليا لهذا العام والتي كانت أحدى ضحايا الإعتداء الجنسي وهيكنز التي تزعم تعرضها للإغتصاب في مكتب وزيرة الدفاع.
وما قد يجعل القضية تعود الى الواجهة السياسية وبقوة الكباش القضائي بين المدعي العام الفيدرالي الذي باشر إجراءات تشهير ضد هيئة البث الأسترالي أي بي سي التي يتهمها والصحفية لويز ميليغان بانها تروج لمزاعم كاذبة ضد بورتر.
حتى نهاية الشهر الجاري ستكون حكومة موريسن امام تحديات جديدة بعد توقف العمل ببرنامج الحفاظ على الوظائف (جوب كيبر) والذي تدعم بموجبه الحكومة الفيدرالية المؤسسات مالياً للحفاظ على الوظائف بالإضافة إلى اطلاق حملة تلقيح المواطنين والتي تواجه بعض الصعوبات.
أخيراً، كيف سيقارب موريسن وحكومته هذه التحديات وغيرها مما تقدم، فهل سيستمر في دفن رأسه في الرمال كما قالت النائبة بريدجت آرشر، أم سيثبت انه يملك خامة قيادية حقيقية بعيداً عن المعجزات وأساليب الترويج التجاري، ومفعول كفيد السياسي الذي أصبح بلا رصيد، لأن التحديات حقيقية ولا تحتمل التأجيل والهروب إلى الأمام؟؟
أن تغضب النساء فهذا من حقهن، وما على الحكومة الا ان تفعّل القوانين الموجودة وإقرار قوانين جديدة وإقامة حملات توعية وتثقيف لحماية النساء والفئات الضعيفة في أمنهم الشخصي والوظيفي والنفسي والإجتماعي الذي يساهم في تعزيز الأمن الاجتماعي بعيداً من الخوف والقلق.
يشار في هذا السياق الى ان مفوضية التمييز على أساس الجنس كانت وضعت 50 توصية السنة الماضية لوقف التحرش الجنسي ولا تزال تنام في أدراج الجكومة فلماذا لا تبادر الحكومة الى تنفيذها!
زعامة موريسن على المحك، وهذا ما ستثبته الأيام القادمة، وأولها غياب الحديث عن الإنتخابات المبكرة التي كثرت التكهنات حول إجرائها قبل نهاية هذا العام، وانتهاز الفرصة المؤاتية في ظل شعبية موريسن المرتفعة والتي تجاوزت 60%.
Email:abbasmorad@hotmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق